وجهة نظر

شروط نجاح الحوار الاجتماعي

تم الإعلان من قبل الحكومة على الشروع في الحوار الاجتماعي مع النقابات. لكن بعد تقديم حصيلة أربعة أشهر من قبل الحكومة تحركت بعض النقابات للاحتجاج قبل انطلاق الحوار. فهل هذا مؤشر على فشل أو إفشال الحوار الاجتماعي قبل البداية؟ أين يتجلى الخلل؟ هل يمكن العمل دون استحضار مساهمة الفاعلين الاجتماعيين؟ صحيح أن الطلبات قد تكون واقعية أو حالمة، وهذا طبيعي  لكن المشكل أن تلاحظ تعثر المنجزات الاجتماعية مما يوسع هامش الفوارق بين فئات المجتمع.

كل هذا يجعل كل طرف يشمر على ساعديه من أجل إقناع الآخر بأطروحته. ويبقى التدافع هو سيد الميدان. لذلك ارتأيت المساهمة في هذا الورش المهم مركزا على بعض الشروط التى أراها فاعلة من أجل إنجاح الحوار الاجتماعي. فما هي ملامح هذه الشروط انطلاقا من الواقع المعيش؟

ليس من الصواب أن يكون الحوار الاجتماعي صوريا فقط. بل لابد من التناول العميق للقضايا المطروحة. ليس عيبا أن نطرح تشخيصا واقعيا، ولاباس أنذاك أن نتوافق على الحلول انطلاقا من المعطيات المتوفرة. المهم هو التقدم في الإنجاز.

لأن المطلوب هو أن يكون الحوار جديا وواقعيا ومتصفا بالمصداقية والواقعية وتوافقيا. لأن الحديث عن الدخول الاجتماعي خطأ في المنهج، لأن الجانب الاجتماعي سيرورة وصيرورة، ويلزم الاستمرارية. المهم هو استحضار مؤشرات اللحظة حتى يسهل التقويم لما سبق. متسائلين: هل مؤشرات اليوم مساعدة على تحقيق ما هو مطلوب أم أن الأمر يخضع لنسبية موضوعية؟  إن الحصيلة الحكومية غير مشجعة على التقدم ، ربما أسرعت الحكومة في تقديمها لأنها لم تستو بعد على عودها، بناء على مؤشرات ومحددات وإحصاءات تقنع الحيران وتكرس ثقة المقتنع.

إن المطلوب اليوم هو وضع كل الالتزامات السابقة على مائدة الحوار الاجتماعي والشروع في التوافق على حلول ملائمة يسودها نفس لاضرر ولا ضرار. ومأسسة اللقاءات والتقدم في الإنجاز وحسن التواصل مع المستهدفين.

في تقديري كان على الحكوكة فتح حوار مع كل الأطراف في إطار الديمقراطية التشاركية، قبل إعلان الحصيلة التي لم ترض الأغلبية أولا بالشكل الذي كان منتظرا فما بالك بأطراف أخرى لها التزامات سابقة مع الحكومة في ظل الاستمرارية.

لقد نهجت الحكومة بداية منطقا أثلج صدور الفاعلين الاجتماعيين بعد تنصيبها عندما التقت مع الفاعلين الاجتماعيين، لكن السياق اليوم قد يعطي مناخا جديدا. إذن لابد من الاستعداد له استعداد موضوعيا. لأن الشعار اليوم : أربعة أشهر من القطيعة بين الحكومة والفاعليين الاجتماعيين. إذن هل اللقاءات المستقبلية هي لقاءات مصالحة أم تنابز بالألقاب؟ نتمنى خيرا. ولذلك لابد من استحضار المشاكل العالقة والتي يعرفها الصغير والكبير والشروع في البحث عن الحلول مع الأطراف المعنية. بدل ضياع الوقت في التشخيص.

ومن شروط النجاح كذلك هو السعي الجاد لتحقيق التوافق على القوانين التي تمس الشق الاجتماعي. خاصة وأن مجلس المستشارين يضم كل الأطراف. ناهيك على اللمسة السياسية للبرلمان في هذا الاتجاة. لأنه لا حوار اجتماعي بدون لمسة سياسية توافقية.

نخلص مما سبق أن الحوار الاجتماعي منهج ديمقراطي من أجل إحداث التعاون والتوازن داخل المجتمع. حبذا لوكان الحوار مسبقا احتراما للمنهج التشاركي  خاصة على مستوى وضع السياسات العمومية الاجتماعية ومأسسة تتبعها وتنفيذها وتقويمها.

إن العمل على مأسسة الحوار هدف استراتيجي طالما تمت المناداة به. لأنه الفضاء الطبيعي لتعزيز التعاون والتعاقدات والشراكات بين كل الأطراف. وبعد المأسسة نقتحم البرمجة ووضع قواعد العمل، وشروط النجاح، والتشاور المستمر، والمقاربات ونؤسس للتوافقات المبنية على قاعدة الثقة. إذن هل سيراعى ما ذكرناه في الانطلاق الرسمي للحوار الجتماعي في ظل حكومة وزيرها في الشغل والإدماج المهني له تجارب في الحوار الاجتماعي عنما كان كاتبا عاما لنقابة مغربية؟