مجتمع

لدغة عقرب تزهق روح رضيع بوزران.. وهيئة حقوقية تدعو لإعادة إنتاج الأمصال المضادة

فارق رضيع يبلغ من العمر 10 أشهر، الحياة بعد تعرضه للدغة عقرب سامة، مساء يوم الخميس المنصرم بدوار الدشار الكبير بجماعة بوقرة في إقليم وزان، حيث فشت كل محاولات إنقاذ حياته إثر نقله إلى مستشفيات ثلاث مدن أخرى خارج وزان، في حين ناشت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، كل من الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية، إلى التدخل لإلزام وزارة الصحة لتراجع عن قرارها بوقف إنتاج الأمصال المضادة للسموم.

وكشفت الهيئة الحقوقية، أن الرضيع المسمى قيد حياته “أكرم الطالبي”، تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي بوزان من أجل العلاج، “لكن وأمام افتقار هذا المستشفى للمستلزمات الطبية الضرورية وفي ظل استمرار غياب الأمصال المضادة لسموم العقارب نتيجة قرار  وزارة الصحة، تم توجيه الحالة إلى مدينة شفشاون ثم تطوان وصولا إلى مدينة طنجة في مسيرة طويلة وشاقة ومؤلمة امتدت لمسافات طويلة، وبعد مقاومة للسم القاتل زهاء عشر ساعات، لفظ الطفل أنفاسه الأخيرة هناك، كبقية من سبقوه من أبناء منطقته وطبقته الاجتماعية ضحايا لسعات العقارب”.

واعتبرت العصبة في بلاغ لفرعها الإقليمي بوزان، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، أن “استمرار وفيات المواطنين المغاربة، وخصوصا الأطفال منهم نتيجة تعرضهم للسعات العقارب دون تدخل من طرف الدولة المغربية، يعد انتهاكا صارخا للدستور المغربي والمواثيق الدولية ووصمة عار على الجميع، حكومةً وبرلمانا ومجتمعا مدنيا وأحزابا سياسية، وفشلا ذريعا لكل السياسات العمومية في هذا المجال، واحتقارا لكل الأصوات المطالبة بضرورة إعادة إنتاج واستعمال الأمصال المضادة لسموم العقارب”.

وأوضحت المنظمة الحقوقية، أنه “وبعد اطلاعها على العشرات من الوثائق والدراسات في هذا الشأن، فإن السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة الوفيات بلسعات العقارب، يرجع إلى قيام وزارة الصحة سنة 2003، بتعليق انتاج الأمصال المضادة لسموم العقارب التي كان ينتجها معهد باستور-المغرب بدعوى عدم فعاليتها، وأن لها أضرارا جانبية مميتة”.

وأشار البلاغ إلى أن الأسس التي تبني عليها وزارة الصحة استراتيجيتها الطبية في معالجة لدغات العقارب باستبدال الأمصال بعلاج يطلق عليه ببروتوكول الانعاش أو التكفل العلاجي، “تشوبها الكثير من النقائص وفيها الكثير من التدليس والتغليط ولا تنبني على أسس علمية وطبية واضحة”، لافتا إلى أن “المغرب يعرف نقصا حادا في غرف الانعاش، والمستشفى الإقليمي بوزان نموذجا على ذلك، حيث يضطر المواطنون إلى قطع مئات الكيلومترات مرورا بعدة مستشفيات إقليمية ليكون مصيرهم الموت”.

وأضافت الهيئة ذاتها أن “ادعاء وزارة الصحة بأن الأمصال المضادة لسموم العقارب، غير فعالة وذات أعراض جانبية قاتلة، بناء على فتوى يتيمة ولا قيمة لها علميا من المركز المغربي لمحاربة التسمم مغالطة للرأي العام، فكل الدراسات والأبحاث والتقارير تثبت أن الأمصال هي الدواء الفعال”، مضيفة أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 الذي ربط بين ارتفاع نسبة الوفيات جراء لسعات العقارب وتوقف استعمال الأمصال، أوصى بضرورة الاستمرار في إنتاجها واستعمالها.

وأردف البلاغ بالقول: “منظمة الصحة العالمية أوصت في عدة جلسات كل دول العالم بإنتاج واستعمال الأمصال محليا، مع العلم أنه ومنذ توقف انتاج واستعمال الأمصال بالمغرب، وحالات الوفيات في ارتفاع مطرد، ففي سنة 2003 وهي السنة التي توقف فيها انتاج الأمصال، انحسر عدد الوفيات في 24حالة، لترتفع مباشرة سنة 2004 إلى 91 حالة، ومنذ ذلك الحين وهي في ارتفاع كبير لتصل سنة 2016 إلى 1434 حالة وفاة، 90%منهم أطفال”.

وكشف البلاغ أن هذه الاحصائيات رسمية، وهي الحالات المبلغ عنها، “في حين أن المعطيات التي نتوفر عليها تتجاوز هذا المعدل بعشرات الأضعاف لأن أغلب الحالات لا يتم التبليغ عنها لاعتبارات متعددة يعلمها الجميع”، لافتة  إلى أن أغلب دول العالم التي تتواجد فيها العقارب، تنتج وتستعمل الأمصال المضادة للسموم، منها دول كألمانيا وفرنسا وأمريكا والمكسيك وفيتنام والبرازيل ومصر وتونس والسعودية وايران.

وتسائل المكتب الاقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، عن “السبب الحقيقي وراء تشبث وزارة الصحة بعدم انتاج واستعمال الأمصال المضادة لسموم العقارب رغم فعاليتها الكبيرة في علاج اللدغات القاتلة للعقارب”، داعيا الجهات المعنية إلى “تحمل مسؤوليتها في انقاذ حياة المواطنين المغاربة وخصوصا الأطفال من الموت، والزام وزارة الصحة بتوفير العلاج الضروري للمواطنين عبر إعادة انتاج واستعمال الأمصال لمواجهة أخطار الموت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *