مجتمع

حداد فيسبوكي حزنا على “شهيدات الفقر” .. وأسئلة عن توزيع الثروة (صور)

أثارت فاجعة الصويرة التي خلفت 15 قتيلا وعشرات الجرحى، صباح اليوم الأحد، حزنا عارما على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث امتلأت صفحات الموقع الأزرق بصور النساء القتلى مع تعليقات غاضبة تصف ما وقع بأنه وصمة عار في جبين المملكة، فيما قام مئات النشطاء بتغيير صور “البروفايل” إلى اللون الأسود حدادا على أرواح الضحايا.

وتساءل معلقون عن مصير ثروات البلد أمام مشهد تدافع المئات من النسوة اللواتي قدمن من مناطق بعيدة إلى جماعة قوية بالصويرة، من أجل الحصول على “قفة” تضم مساعدات غذائية بقيمة 150 درهما، قدمتها جمعية خيرية بمناسبة الذكرى 62 لاستقلال المغرب، حيث قارن البعض بين “مغرب نافع” يطلق قمرا اصطناعيا بملايير الدراهم، و”مغرب غير نافع” يموت فيه أبناء الوطن من أجل الحصول على كيس دقيق.

وقالت وزارة الداخلية إن حادث التدافع الذي وقع صباح اليوم الأحد، خلال عملية توزيع مساعدات غذائية نظمتها إحدى الجمعيات المحلية بالسوق الأسبوعي لجماعة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة، خلف مقتل 15 شخصا وإصابة 5 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة، فيما قرر الملك محمد السادس، التكفل شخصيا بلوازم دفن ضحايا فاجعة الصويرة، ومآتم عزائهم، وبتكاليف علاج المصابين.

جريمة نكراء

أستاذ العلوم السياسي حسن طارق، علق على الحادثة بالقول: “ليس مهما ما وقع. هن مجرد فقيرات. المهم أن الصندوق الشهير بقي تحت أياد أمينة، وأن الدعم المباشر أقبر الى غير رجعة. إنهم جبناء وبلا ذاكرة  وفورة العاطفة سرعان ما ستغلقها أول سردية صغيرة للإلهاء. الأمر تحت الضبط تماما. إنتهى. (…/… 19.11.17)”

واعتبر رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أن مقتل 15 مواطنة من أجل كيس من الطحين وقنينة زيت وعلبة سكر، ثمن الكل في حدود 100 درهم “جريمة في حق الكرامة”، واصفا ما حدث بـ”الواقع المر الذي نسعى إلى إخفاءه بانتصارات وهمية، في الرياضة وفي الصعود إلى القمر، وفي الاحتفاء بنجوم الفن وصرف الملايير عليها”، مطالبا بالتحقيق في “هذه الجريمة النكراء من أجل تحديد المسؤولية التقصيرية التي أفضت إلى تدافع المواطنين بهذا الشكل المؤدي إلى موت بريئات”.

وأضاف في تدوينة له: “حين تطلع على مآسي ملايين المواطنين، الذين يعيشون على هامش الحياة الرغيدة للنافذين، وكان لك ضمير، فإن الحياة بداخلك تصبح بلا طعم ، والعيش بلا أمل، إنها ببساطة الحقيقة الساطعة لعيش الذل والمهانة، بالله عليكم، كيف لا ينجبن هؤلاء مشاريع مجرمين وقطاع الطرق، ماداموا يشعرون بالحكرة والإقصاء، رحمك الله يا وطن، ويا روح المواطنة”.

اقرأ أيضا: حصيلة أولية: 15 قتيلا في فاجعة الصويرة و”العمق” تكشف تفاصيلها (صور صادمة)

البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، كتبت في حسابها: “لحظات الصدمة والحزن هي لحظات الصراحة والوضوح، لا أدري لماذا تذكرت أن أول شرط بدأ به البلوكاج هو إيقاف الدعم المباشر للفئات المسحوقة التي تجاهلتها كل خطط التنمية المعلنة حتى صارت لا تعرف من المواطنة إلا تلك الصدفة التي جعلتها تنتمي الى حدود جغرافية معينة، دعم كان يطمح لأن ينظم كحق وليس كمنحة أو حسنة أو فضل، دعم مستحق تؤدي من خلاله الدولة بعضا من الدين تجاه نسوة تركن للأمية والفقر والجوع والبرد و مكابدة حياة قاسية لتربية أطفال لم تعترف الدولة أنهم مواطنوها لهم من الحقوق مثل ما لأبناء تلك العائلات القليلة التي تحتكر خيرات البر والبحر والجو”.

وتابعت قولها: “دعم ناضل بنكيران لإقراره ضمن ميزانيات لم تكن منصفة، وقد لا يكون نجح كثيرا في ذلك بعد كل تلك المعارضات والمقاومات، لكن الفكرة تم زرعها بنجاح. اليوم والنساء يمتن لأجل رغيف كرامة وجب التذكير أن لا سبيل للتنمية الا بعدالة في توزيع الثورة. تلك الثورة التي لا ندري هل كشفوا بعد عن مصيرها أم أن أرواحا كثيرة ستزهق في سبيل توزيعها بالعدل والانصاف اللازمين. تغمدكن الله برحمته”.

موت من أجل حفنة دقيق

وكتبت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي حنان رحاب: “من يجوع ولاد وبنات بلادي لمنحهم إحسانا حاطا من كرمتهم .. من يستغل منصبه لمنح أقاربه أو من هم في دائرة ضغطه عملا ويعطل من لا ظل له.. من يشتري أصوات الانتخابات.. هو قاتل نساء الصويرة .. #شهيدات_الفقر”.

وعلق المحلل السياسي المغربي المقيم بلندن محمد الفنيش، بالقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله، من لم يموت في قوارب الموت أو بسبب إهمال بعض المستشفيات يموت من أجل حفنة دقيق وفِي سنة 2017 والله عار وعيب. تعازينا لعائلات الضحايا وإن لله وإن إليه لراجعون”.

الناشط جلال اعويطة، اعتبر أن “الإستبداد هو الذي يصنع مثل هذه المشاهد المحزنة للغاية، مغاربة يموتون بسبب التدافع من أجل الحصول على قفة لا يتجاوز ثمنها 150 درهم، الإستبداد هو الذي يصنع هذه اللهطة، اللهطة التي نعيشها يوميا أمام محطات الحافلات ومحطات القطار وعند طوابير الطاكسيات، اللهطة التي نراها عند إنقطاع منتوج من السوق وعند الحلاق ليلة العيد وعند العطار ليلة عيد الكبير، اللهطة التي نراها عند دخول الملاعب والمستشفيات والإختبارات، اللهطة هو سلوك يومي فرضه الإستبداد ليعيش المغاربة على هامش الحياة”.

اقرأ أيضا: الداخلية تفتح تحقيقا في فاجعة الصويرة وتكشف حصيلة الضحايا (فيديو)

وأردف بالقول: “الاستبداد حوَّل الميول الطبيعي للمغاربة من طلب الترقي إلى طلب الانحطاط .. الإستبداد ومنظوماته التعليمية والإعلامية والإقتصادية والإجتماعية جعلت المغاربة يرفضون التنظيم وأصبح التزاحم والتدافع هو الوسيلة الوحيدة للحصول على ما تريد .. رحم الله من مات اليوم من المغربيات ورزق أسرهم الصبر .. دبا أخنوش مايقدمش استقالته بسبب فشل صندوق التنمية القروية الذي يقوم عليه ؟!”، وفق تعبيره.

وأعلنت وزارة الداخلية، عن فتح تحقيق إداري شامل في فاجعة الصويرة، في حين تم فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة لمعرفة ظروف وملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، بينما انتقد معلقون على فيسبوك ما اعتبروه تجاهل وسائل الإعلام العمومية للفاجعة، واستمرارها في بث مقاطع غنائية ومسرحية دون مراعاة مشاعر الحزن.

أين الثروة ؟

الصحافي عادل شكراني، قال في تدوينة له: “يقع هذا في الوقت الذي أرسل فيه المغرب قمرا صناعيا إلى الفضاء، اقتناه بحوالي 500 مليون يورو، يقع هذا في مغرب 2017، يقع هذا في الوقت الذي يستعد فيه هذا الأخير لإطلاق قطار فائق السرعة، الأول في أفريقيا، في الوقت الذي ترسل فيه المساعدات إلى دول أفريقيا، مشاهد تختصر معاناة البسطاء، مشاهد تحمل واقعاً مؤلماً لفئة بقيت بعيدة عن أنظار مؤسسات المجتمع، مشاهد تعبر على أن النموذج التنموي حِبر على ورق فقط، وعبارة عن خطابات طويلة تنقلها القناة الرسمية، كلها حلت ذكرى حدث ما، مشاهد تُعبر على أن التغيير يغيب عن الوجود، مشاهد تعبر عن مغرب المصالح والأنانية”.

واعتبرت الناشطة صفاء بودكو أن “حوادث من عيار طحن مو وفواجع كهذه هي صرخات الواقع البئيس، الذي يتدثر بألوان الفرح، صرخات الشجن والألم التي تطاول الألحان الصاخبة، لنعدل الوجهة نحو المعركة الحقيقية، معركة  العدالة الاجتماعية، والكرامة الانسانية، والتنمية البشرية الحقة، التنمية التي تستثمر في الانسان لتغنيه عن مد اليد والسؤال. لنجد الإجابات العملية لسؤال أين الثروة؟ بعيدا عن مزايادات السياسيين المملة، وقريبا من منطق المحاسبة والتخلص من الفساد و الريع بكل أشكاله. لنتذكر أن ضحايانا في هذا البلد هم ضحايا الجوع ومعتقلو العطش. غصة وحزن ومرارة تعيد إلى القلب ألم محسن فكري وامي فتيحة”.

وكتب الناشط محمد المتفائل: “ما حدث في الصويرة اليوم شبيه بما حدث في الحسيمة قبل عام عندما طحن محسن فكري داخل حاوية الازبال من اجل استرجاع بضاعته. وها نحن نرى طحن من نوع آخر : نساء يقتلن من أجل قفة زيت وسكر… وقبل ذلك نساء معبري سبتة ومليلية …. المعيشة صعابت للاسف”.

اقرأ أيضا: الملك يتكفل شخصيا بدفن القتلى وعلاج الجرحى في فاجعة الصويرة (فيديو)

بدوره كتب الناشط محمد العمري، متسائلا بالقول: “لا أعرف هل إلتقط القمر الصناعي صورا لهؤلاء النسوة، كي يقوم الخبراء في فرنسا و بعدها في سلا بالتحليل..رحم الله شهيدات التدافع”، بينما كتب الناشط الطلابي صلاح عياش: “من موت احادي لمحسن فكري رحمه الله الى وفاة خمسة عشر امراة.. قصة حقيقية لمعاناة من اجل لقمة العيش والعيش الكريم”.

الصحفية هاجر الريسوني علقت على الفاجعة بالقول: “من أجل 150 درهم لقيت 15 إمرأة حتفها في الصويرة.. هل هناك أكثر من هذا القهر والحكرة!!”، في حين تساءل الصحافي خالد أبجيك: “أين هي برامج التنمية.. أين هي محاربة الهشاشة.. أين هي وزارة التضامن.. أين وأين .. ما حدث في الصويرة فاجعة وسُبة بكل المقاييس.. فمن المسؤول عما وقع علما أن المكان كان يعج بعناصر تابعين لوزارة الداخلية والتي، للمصادفة، تكفلت بالتحقيق..؟؟”، كما علقت الصحفية سارة الطالبي بالقول: “الرحمة على أرواح شهيدات الدقيق والزيت، المناضلات من أجل أكبر قضية، قضية البقاء على قيد الحياة وضمان ما يسد الرمق”.

وكان مصدر مطلع من قيادة تفتاشت بنواحي الصويرة، قد كشف في اتصال لجريدة “العمق”، أن حادثة التدافع التي وقعت صباح اليوم بجماعة سيدي بوعلام، خلفت 15 قتيلا وحوالي 40 جريحا، في حصيلة أولية، مشيرا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب خطورة الإصابات.

وأوضح المصدر أن غالبية الضحايا هم من النساء، مع سقوط أطفال وشيوخ جرحى، كاشفا أن الفاجعة حدثت ما بين الساعة 9 و9:30 صباحا وسط جماعة سيدي بوعلام، حيث وقع تدافع شديد حول منصة توزيع المساعدات الغذائيةن فيما أورد مصدر آخر أن كل القتلى هم نساء، لافتا إلى أن القيمة المالية للمساعدات الغذائية في كل قفة، يبلغ 159 درهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *