أخبار الساعة، سياسة

الريسوني: فتاوى العلماء الرسميين هي بيانات سياسية لتأييد السلطة

اعتبر العالم المقاصدي أحمد الريسوني، رئيس مركز المقاصد للدراسات والبحوث، أن العلماء الرسميين الذين يؤيدون الحكام في الدول الإسلامية، لم يعد لهم “لا صدى ولا تأثير ولا مصداقية في المجتمع”، مشيرا إلى أن الشعب لا يجد صوتا يتبعه بين علماء مستقلين ومعتدلين يوجدون في السجون، وآخرون رسميون تابعون للسلطة.

وقال العالم المغربي خلال استضافته على قناة الجزيرة لمناقشة “تسييس الفتوى”، إن المهمة الحقيقية للعلماء تم إفسادها من طرف المسؤولين، ليس فقط بسبب تأميم العلماء وتكميمهم وتدجينهم، بل تهميش المستقلين منهم ومحاصرتهم بالسجون وقمعهم، مردفا بالقول: “هذا ليس في مصلحة الحكام أصلا، لأن العلماء الذين يؤيدونهم لا صدى ولا مصداقية لهم في المجتمع”.

المتحدث شدد على أن “تماهي وتبعية العلماء للسلطة التي نعاني ونشتكي منها الآن، سببها أن العلماء أصبحوا موظفين، وبمثابة رجال دين للحزب الحاكم، ولا بد أن ينفذوا قراراته”، لافتا إلى أن “الفتوى التي نشتكي منها تأتي بعد القرار وليس قبله، وهذه ليست فتوى لأنه من المفروض من الحاكم أن يستفتي العالم أو هيئة الإفتاء قبل اتخاذ القرار”.

وأشار إلى أن القرارات السياسية يتم الإعلان عنها وتصبح نافذة، ثم يُدعى العالم أو الهيئة العلمائية لتأييدها بالفتوى، والحقيقة أن هذه بيانات سياسية للتأييد والنصرة وليست فتوى، فالعالم أولا وأخيرا يجب أن يكون مستقلا وغير تابع لأي طرف، وفق تعبيره.

نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دعا إلى ضرورة تنمية مكانة العلماء المستقلين، بما في ذلك البحث عن وسائل عيش مستقلة لهم، معتبرا أن العلماء والمؤسسات الرسمية “ما داموا معينين وممولين من طرف السلطة، فهم لن يصدروا إلا بيانات تأييد لها، وهو ما جعل تأثيرهم وصداهم في المجتمعات الإسلامية ضئيلا”.

وتابع قوله: “الشباب الذين تطرفوا وانحرفوا، فعلوا ذلك لأن العلماء الرسميين لم يعودوا يقنعونهم بشيء ولم يعودوا محط ثقتهم، بينما العلماء المستقلون الآخرون مهمشون أو مقموعون أو مسجونون، وبالتالي أصبح الشباب يسمعون للفتوى التي تأتيهم عبر الأنترنت من شيوخ ركبوا متن الغلو والتطرف”.

عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، قال إن البلدان الإسلامية التي اتخذت مؤسسات وعلماء ومفتين رسميين مثلهم مثل الوزراء والموظفين، يوجد فيها أيضا علماء آخرون مستقلون، لكن كثيرا منهم منفيون ومسجونون، لافتا إلى أن الدولة تعين العلماء الرسميين وتمولهم وتعزلهم كما يُعزل الولاة.

وأردف بالقول: “التعيين يقتضي بطبيعة الحال التبعية، فكل مُعين من طرف سلطة سياسية سيكون حتما خاضعا لها، وهذا يتفاوت طبعا، ومادام راتب العالم ورزقه وحياته وحياة أسرته متوقفة على هذا التعيين، فهو بالضرورة سيكون تابعا لتلك السلطة بدرجة من الدرجات”.

الريسوني قال إن من بين الحلول ألا يبقى التعيين في يد السلطة، وأن يكون هذا التعيين صادرا من العلماء أنفسهم، مضيفا: “ليست عندنا مشكلة علمية في الفتوى، بل هي مشكلة نزاهة واستقامة ونظافة في الفتوى، المشكلة في استقلالية المفتي والعالم”.

وشدد في هذا الصدد على ضرورة أن يصدر العالم رأيه بشكل مستقل عن الحاكم وعن أي شيء آخر بما في ذلك الشعب، وأن يستمع إلى الآراء ويأخذ المعطيات من كل مصادرها، ليصدر فتواه عن نزاهة ودليل وحجة، والسلطة العليا في أي بلد على المستوى العلمي هي للحجة والدليل الشرعي والمعطيات التي تبنى عليها الفتوى وليست لأي شيء آخر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *