منوعات

بويخف يكتب: فخ الشجرة التي تخفي الغابة في “قضية بوعشرين”

“قضية بوعشرين” لها بعدان أساسيان، البعد الجنائي المتعلق بشخص بوعشرين بصفته مواطنا يتابع اليوم بتهم الاشتباه في ارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون، وخلف “ضحيا” مفترضات. والبعد السياسي المتعلق بالزميل بوعشرين بصفته الإعلامي المزعج صاحب الافتتاحيات اليومية المنتقدة للسياسات والشخصيات العمومية ودوائر المال والسلطة.

ومشكلة التعاطي الفكري والسياسي مع “قضية بوعشرين” هي أنه إما يتم بمقاربات تغلب البعد الأول، وتقدم بوعشرين وكأنه “تابت القرن 21″، وأن قضيته جنائية مائة بالمائة، أو بمقاربات تغلب البعد الثاني للقضية، وتقدم بوعشرين كما لو أنه “مَلَك سياسي” إنما تمت فبركة كل شيء ضده لتصفيته السياسية فقط. وسواء تعلق الأمر بالمقاربة الأولى أو الثانية فنحن أمام فخ “الشجرة التي تخفي الغابة” الناتج عن التطرف في التعاطي مع القضية.

والمقاربة الأولى المشار إليها سابقا، تضع أمام أعيينا “شجرة الجرائم المفترضة لبوعشرين”، وتخفي غابة الاعتبارات السياسية التي تجعل لبوعشرين خصوما كثر قد يتمنون تصفيته، مما يعني أن “غابة”بوعشرين السياسية يحتمل أن يختبئ وسطها “مجرمون” آخرون لا ينبغي أن يفلتوا من العقاب، مهما صحت التهم التي يواجهها بوعشرين.

واللغز الأساسي في هذه “الغابة السياسية” هو في هوية أجهزة التصوير بالفيديو المحتجزة في مكتب بوعشرين، هل تعود للمتهم أم لجهة غيره؟ ومن هي هذه الجهة؟ وهوية مقاطع الفيديو الخمسين التي يشتبه في كونها توثق للجرائم المفترضة التي يتهم بها بوعشرين، هل هي مقاطع أصيلة؟ من صورها؟ من وضبها؟ وبأية أجهزة؟ وفي إطار سياق تقني؟ وكما فصلت في هذا الأمر في مقال سابق تحت عنوان (“قضية بوعشرين”: هل ينقلب السحر على الساحر؟”)، فعدم نسبة تلك التجهيزات ومقاطع الفيديو للمتهم يؤكد وجود جهة مجهولة ارتكبت جناية اختراق خصوصية المواطن بوعشرين دون موجب حق. وهوية تلك الجهة وحدها من سيحسم درجة الخطورة في البعد السياسي للقضية، وكلما كانت الجهة رسمية أو حزبية كلما اشتدت حساسيتها السياسية. وهذا الأمر له من الخطورة ما لا يقل عن خطورة الجرائم التي يتهم بها بوعشرين. حيث أننا سنكون أمام انتهاك فضيع لحقوق مواطن، حفظها الدستور وتتحمل الدولة مسؤولية حفظها وحمايتها، ولا يوجد أي مبرر خارج المقتضيات القانونية يمكن معه استساغة ذلك الانتهاك. وفي هذا السياق قد تنتصب “شجرة الملف الجنائي” أمام الأعين، وتوفر غطاء إفلات “مجرم” خطير من العقاب.

والمقاربة الثانية، لا ترى إلا أن الزميل بوعشرين”ضحيةمؤامرة”يؤدي خلالها ضريبة مواقفه واختياراته السياسية والفكرية.وأن كل شيء تمت فبركته ضده، لا لشيء إلا لإسكاته. وهذه “الشجرة السياسية” قد تمنع عنا رؤية “غابة البعد البشري” التي خلفها، والتي يتحول فيها السيد بوعشرين إلى إنسان يمكن أن تنتابه حالات ضعف بشري فيرتكب أخطاء، أوينزلق إلى ارتكاب جرائم. والخطير في هذه الحالة هو أنه في هذه الغابة التي قد تخفيها “شجرة السياسة” قد يتم إقبار ضحايا هم أيضا مواطنات بنفس درجة بوعشرين وغيره من المواطنات والمواطنين، من الواجب صيانة جميع حقوقهن، ويتهمن بوعشرين بارتكاب انتهاكات ضدهن. وهن أيضا بريئات من الكذب والإفتراء والتآمر حتى يثبت العكس. ولغز هذه “غابة البعد البشري” يكمن في مدى مطابقة مضامين الفيديوهات المشار إليها سابقا مع الواقع، ومدى صحة الاتهامات التي يواجههابوعشرين.

وما سبق يبين أن التطرف إلى إحدى المقاربتين قد يفتح باب انتهاك حقوق الأطراف الأساسية المفترضة في “قضية بوعشرين”، وهي ثلاثة: بوعشرين – الصحافيات المدعيات – الجهة الثالثة المفترضة في انتهاك خصوصية بوعشرين إذا لم تثبت نسبة الفيديوهات والتجهيزات إليه.

والتطرف المشار إليه سابقا هو ما يفسر التحامل الخطير على الضحايا المفترضات، من جهة أولى، وعلى توفيق بوعشرين، من جهة ثانية، وعلى الدولة وأجهزتها من جهة ثالثة. مع أن كل شيء ممكن في “قضية بوعشرين”. ووحده القضاء النزيه والعادل قادر على كشف الحقائق، وإنصاف الأطراف او إدانتها. ولا يمكن بحال التشكيك حتى في إمكانية توفر قدر معقول من النزاهة والعدل في معالجة القضاء لهذه القضية الشائكة، مع تسجيل كل التحفظات القانونية على ما سماه دفاع المتهم بخرق المساطر القانوني، خاصة في مرحلة الاعتقال وتفتيش مكتب المتهم وحجز ما له علاقة بالملف.

إن المقاربة المطلوب التعامل بها مع مثل هذه القضايا التي تتشابك فيها خيوط السياسة بخيوط الضعف البشري، هي المقاربة الشمولية والنسبية، والتي لا تنطلق من الأحكام الجاهزة والتعاطف الأعمى. فكل شيء ممكن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 6 سنوات

    بركان. Ia vie. Ce n'qu'1. Passage. Au lieu de faire du mal""""""""""" il faut faire du bien. Oui-----''-- du. Bien. Car. Rien n'au terme de ces souffrances qu' le tombeau. On le. Verra. La lim. Patience. Tend. Vers. Zero ou indéterminée