مجتمع

مهرجان حاشد لأردوغان بتركيا يثير نقاشا “ساخنا” بين القباج ومنجب

أثار التجمع الانتخابي الحاشد الذي نظمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمدينة اسطنبول، أمس الأحد، نقاشا مثيرا بين الداعية السلفي حماد القباج، والناشط الحقوقي اليساري المعطي منجب، تفاعل معه مجموعة من النشطاء على صفحة القباج بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

واحتشد حوالي مليون و300 ألف شخص في تجمع جماهيري نظمه حزب العدالة والتنمية التركي، أمس الأحد بميدان “يني قابي” وسط اسطنبول، أطره أردوغان استعدادا للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 24 يونيو الجاري، فيما تجمع قرابة 15 ألف مناصر لحزب “الشعوب الديمقراطي” في تجمع انتخابي آخر بمنطقة “باقركوي” في اسطنبول، حسب أرقام قدمتها وكالة الأناضول التركية.

القباج وصف التجمع الانتخابي الحاشد لأردوغان بـ”اللقاء الأسطوري”، معتبرا أن اسطنبول أصبحت عاصمة النهضة التنموية في العالم الإسلامي، وذلك بفضل “المشاريع الضخمة في هذه المدينة، كالمشروع الذي يصفه أردوغان بالمشروع المجنون؛ وهو عبارة عن أكبر قناة مواصلات في العالم، والمطار الثالث الذي يتوقع أن يكون أحد أكبر مطارات العالم، مع عشرات أنفاق الميترو، ومشاريع توليد الطاقة النووية السلمية، وخطوط القطارات السريعة التي تربط إسطنبول بـ 26 مدينة أخرى وغيرها كثير”.

وقال القباج في تدوينة له على صفحته الرسمية بفيسبوك، أرفقها بصور تظهر الحشد الجماهيري لأردوغان في لقاء الأمس، إن هذه المشاريع كفيلة بجعل إسطنبول منافسة لكبريات عواصم العالم مثل نيويورك وباريس ولندن وبرلين، مشددا على أن “هذا الإنجاز ليس مكسبا للأتراك فقط بل هو مكسب للمسلمين في العالم كله، وليس غاليا علينا أمة الإسلام أن ننافس الأمم الأخرى في تقدمها”.

وتابع قوله: “لهذا أشعر بأن المسلمين مدينون للقائد المجاهد رجب طيب أردوغان بشكر كبير على مجهوداته لتطوير هذه المدينة منذ أن تولى رئاسة بلديتها سنة 1997 وإلى اليوم (…) هي في نظري عاصمة لكل المسلمين، وشخصيا لو كنت رجل أعمال كبير لكانت أكبر مدينة أستثمر فيها بعد الدار البيضاء هي مدينة إسطنبول، ولو نجحت في دخول البرلمان لناضلت لتكون تركيا أكبر شريك اقتصادي لدولتي، لأن هذا سيكون في صالح شعبي وأفضل له بكثير من أن يبقى رهينا لشراكات إمبريالية مجحفة في حقه”.

غير أن المؤرخ والمحلل السياسي المعطي منجب، تفاعل مع تدوينة القباج معتبرا أن أردوغان يرتكب “خطأ رهيبا ارتكبه كثير من الزعماء الكبار فانتهو أسوأ نهاية”، لافتا إلى أنه يتفق على “النجاح التنموي الباهر” الذي حققه أردوغان، إلا أن “التشبث بالسلطة وعدم احترام الدستور والحريات العمومية جعل من تركيا الآن أحد أعتى الأنظمة السلطوية بالمنطقة”.

وكتب منجب في تعليق له على تدوينة القباج: “41000 معتقل، الأغلبية الساحقة منهم معتقلي رأي ومن بينهم مئات أساتذة الجامعات والقضاة والصحفيين والمثقفين والآلاف من أعضاء الحزب الحاكم نفسه، كل هذا سيضر بالمسار التنموي العظيم للبلد، لماذا حدث هذا؟ لأن الزعيم اراد ان يخلد في السلطة.. وهذا خطأ رهيب ارتكبه كثير من الزعماء الكبار فانتهو أسوأ نهاية”.

حماد القباج وهو رئيس مؤسسة ابن تاشفين للدراسات المعاصرة والأبحاث التراثية والإبداع، رد على منجب بالتساؤل: “إلى من سيتنازل عن الحكم؟ إلى الذين سيرجعون تركيا إلى عهد الوصاية عليها من الدول الإمبريالية؟ وكيف يوصف بالديكتاتور من يفوز بالحكم بانتخابات تشهد المعارضة نفسها أنها نزيهة؟ ومن جهة أخرى تهمة الديكتاتورية هي التي أسقطوا بها حكم السلطان عبد الحميد فلما أخذوا الحكم جاءوا بما هو أشر من الديكتاتورية المزعومة ألا وهو الإمبريالية ووصايتها التي تمتص دماء الشعوب”.

تفاعل القباج دفع الناشط الحقوقي والمؤرّخ في جامعة محمد الخامس، المعطي منجب، إلى الرد مجددا بتعليق آخر، اعتبر فيه أن قضية الحكم أساسية ولابد من احترام التعددية وحقوق الناس بمن فيهم المعارضين، لافتا إلى أن القوميين كانوا يقولون نفس الشيء عن عبد الناصر وأنه بنى أكبر سد وأكبر جيش بالشرق الأوسط وأحد أكبر الأسطولات الجوية، متسائلا بالقول: “فكيف انتهت مصر الآن؟.. لا تنمية حقيقية إلا بالديمقراطية ولا استدامة في القوة إلا باحترام الشعب كل الشعب، ومنه الذين لا يرون مايراه الزعيم الملهم ولو كان على حق”.

وأضاف بالقول: “معضلة الحكم وتدبيره حيوية بالنسبة للأمم وديمومة عظمتها، إن الحكم التسلطي مهما كانت وطنيته وصدقه وفعاليته يضع كل الانجازات على كف عفريت بشكل دائمأ أي على كف عفريت لا يصيبه السهو، والأنظمة التسلطية كيفما كانت تجذب نحوها النخب الفاسدة والانتهازية فتنتهي إلى الفساد المعمم لأن القضاء يكون فيها غير مستقل والعدل أساس القوة والاستدامة، انظروا كيف انتهى الاتحاد السوفياتي وغيره من الدول القوية في القرن العشرين”

يُشار إلى أن الانتخابات الرئاسية التركية انطلقت خارج تركيا، أول أمس السبت وأمس الأحد، فيما ينتظر إجراؤها داخل تركيا يوم 24 يونيو الجاري، ويتنافس فيها 6 مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إنجه ومرشحة حزب “إيي” ميرال أقشنر، بينما تتنافس 8 أحزاب في الانتخابات البرلمانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *