مجتمع

حي بتنغير يتحول لمسبح مياه عادمة .. و”أونيب” في قفص الاتهام (صور)

كارثة بيئية غير مسبوقة انتهى إليها المشروع المتعثر للصرف الصحي بمدينة تنغير، حيث حوّل هذا المشروع الذي يدبره المكتب الوطني للماء الصالح للشرب حياة ساكنة حي “تيحيت” إلى جحيم لا يطاق داخل بيوتهم وخارجها بعد أن تحوّل حييهم إلى مسبح ومستنقع للمياه العادمة.

ولا تزال ساكنة حي “تيحيت” بجماعة تنغير تعاني من مشكل “الواد الحار”، بالرغم من خروجها للاحتجاج في أكثر من مناسبة، للمطالبة بإيجاد حل عاجل لمشكل الصرف الصحي، ولاستنكار تصريف المياه العادمة وسط الحقول وفي نهر “تودغى”، هذا في الوقت الذي يتبادل فيه مسؤولو المدينة الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية تعثر المشروع.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/08/yiVH601490120cd16014d179c039a.jpg
غضب واستنكار
لم تجد ساكنة حي تيحيت والأحياء المجاورة له؛ المتضررة من المشروع المتعثر للصرف الصحي، غير مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نقل معاناتها من مستنقعات من المياه العادمة التي يقذف بها مشروع يصفونه بـ”الفاشل” في حقولهم وأمام منازلهم، علّها تصل إلى المسؤولين المركزيين من أجل التدخل، بعد أن عمّر هذا المشكل لسنوات دون أن يجد طريقه بعد للحل.

واجتاحت صور مستنقعات ومسابح من “الواد الحار” صفحات “التنغيريين”، مرفوقة بعدد من التعليقات الساخطة والمستاءة من الوضع الكارثي التي أصبحت عليها المدينة المعروفة باستقبالها لعدد كبير من أبناء الجالية المقيمة بالخارج ومن السياح.

وكتبت الناشطة والمستشارة الجماعية سمية العريفي تدوينة على حسابهه بالفضاء الأزرق قالت فيها: “قلنا آلاف المرات بأن ساكنة تنغير لا تتوفر على مستشفى للتداوي من مختلف الأمراض، لكن للأسف ما يزيد الطين بلة هو وجود مكان خصب لتكاثر مختلف الباكتيريا والجراثيم …التي سببت ولا تزال أمراض خطيرة على ساكنة تنغير بسبب تدفق مياه واد الحار على حقول تيحيت كما تسربت هذه المياه الى آبار الماء الصالح للشرب …هذا المشكل الذي عمر طويلا …”.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/08/HzNk60082759a3a360082c054fa160143ff24d8a6017fff6de9460180000dbdb601814d841416018264da6ccf.jpg
وتابعت العريفي في التدوينة ذاتها “الكل متضرر بشكل أو بآخر من مخلفات هذه الكارثة… والطامة الكبرى أن تعاونية حليب امليل التي توزع الحليب ومشتقاته على مختلف دكاكين تنغير بالقرب من هذا المكان ..ومنه فالكل سيذوق طعم واد الحار شاء ام ابى ….يجب إيجاد حل استعجالي وكل ساكنة تنغير متضامنة مع الأحياء المجاورة لهذه الكارثة”.

ومن جهته، قال الناشط عبد الحكيم الصديقي على صفحته بـ”فيسبوك”، “كارثة بيئية وصحية تنتظر ساكنة حي «تحيت» بمدينة تنغير بسبب استمرار تدفق مياه الصرف الصحي إلى أزقة الحي وشوارعه والأراضي الزراعية المجاورة له. والمشكلة ليست وليدة اليوم بل منذ سنوات والحي يعاني من فيضان المجاري وهو أخطر أنواع الفيضانات لأن المياه العادمة تحمل فيروسات تؤدي لأمراض فتاكة كالطاعون والكوليرا…”.

وأضاف الصديقي أنه “يمكن إرجاع المشكلة حسب ما يتداوله بعض المتضررين إلى عيوب في تصميم شبكة الصرف الصحي بحيث لم يراع مصمموها السعة الاستيعابية، بالإضافة إلى غياب إجراءات السلامة العامة في الشبكة وأبسطها وضع ردادات للمياه، مما اضطرر عائلات من سكان حي “تيحيت” إلى مغادرة منازلهم هربا من مياه المجاري التي تبعث منها روائح كريهة خصوصا أنها تزامنت مع ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف”.

تهديد للاستثمار
ويهدد مشروع الصرف الصحي المتعثر عددا من المشاريع السياحية المتواجدة بمركز تنغير بسبب انتشار الروائح الكريهة والحشرات التي أصبحت مستنقعات المياه العادمة بحي “تيحيت” مرتعا لها.

وسلط شريط فيديو يجري تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لمستثمرة يابانية الضوء من جديد على معاناة ساكنة حي “تيحيت” مع مشكل الصرف الصحي، حيث أكدت المستثمرة أن هذا المشكل يهدد مشروعها السياحي المطل على الحقول بالإغلاق، نظرا لانتشار الروائح الكريهة.

حسن مرزوق، فاعل جمعوي بتنغير، ومصور شريط الفيديو الذي ظهرت فيه المستثمرة اليابانية وهي تحكي معاناتها مع “الواد الحار”، أوضح أن المستثمرة المذكورة، أكدت له أن مشروعها مهدد بالإغلاق إن لم يجد المسؤلون حلا عاجلا لمشكل الصرف الصحي الذي يطوق مشروعها السياحي من كل الجهات.

وأضاف مرزوق في حديث مع جريدة “العمق”، أن المستثمرة اليابانية استقرت بالمنطقة وأنشأت مأوى سياحي يطل على حقول حي “تيحيت” غير أن الروائح الكريهة المنبعثة من “الواد الحار” يهدد هذا المشروع، وبحسب المتضررة، يضيف مرزوق، لا يمكن لأي سائح أن ينزل بفندقها الصغير وهو في هذه الحالة يطل على المياه العادة.

من يتحمل المسؤولية
المستشارة الجماعية بجماعة تنغير صباح العايدي، حملت مسؤولية ما يقع في حي “تيحيت”، للأطراف الموقعة على اتفاقية تدبير مشروع الصرف الصحي، وهي جماعة تنغير والمكتب الوطني للماء والكهرباء، مضيفة أنه “بعد يقينهم بفشل مراسلاتهم للوزارات المعنية ولمركز المكتب الوطني والتي لم تلق أي تفاعل ايجابي مع أن الأمر أصبح مستعجلا ولا ينتظر المزيد من التسويف”.

وأضافت العايدي في تصريح لجريدة “العمق”، أن “نقل لايف مباشر من مسؤول جماعي لتوضيح الاتفاقية المبرمة بين الطرفين لا يعفي المجلس من المسؤولية وهو مع الأسف تواصل يبدي فيه المجلس عجزه التام عن إيجاد حل للمشكل”، مضيفة أن “المجلس الجماعي بكافة أعضاءه أغلبية ومعارضة مطالبون بالوقوف على باب الوزارة المعنية والإدارة المركزية والاعتصام أمام أبوابها والتنديد بالإقصاء والتهميش الذي طال تنغير لعقود ولا يعودوا إلا ومعهم حلا مرضيا للساكنة ونحن على أتم الاستعداد للقيام بذلك”.

الجماعة توضح
من جانبه أوضح علي الموساوي، نائب رئيس جماعة تنغير في تصريح لجريدة “العمق”، أن الجماعة أبرمة اتفاقية مع المكتب الوطني للماء والكهرباء، وتؤكد المادة الثالثة من هذه الاتفاقية أن “المكتب الوطني للماء يتكلف بتدبير واستغلال منشآت التطهير السائل سواء الموجودة أو التي ستحدث، كما يلتزم المكتب الوطني بجميع الأشغال من إصلاح، تقوية، توسعة تـغيير”.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/08/dBW56014340cb67560148367d2d56014aa7c51b16014ca8c80dad.jpg

وأكد الموساوي، أنه “من خلال الاتفاقية يتضح مايلي: التطهير السائل بتنغير مفوض للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمجلس البلدي وفى بكل التزاماته إلا أن المكتب الوطني للماء والحامل للمشروع تملص للأسف من مسؤوليته مما نتج عنه ضرر مادي للمواطنين وأعلن هنا تضامننا معهم خصوصا بمنطقة تحيت المتضررة، وضرر معنوي يمس بصورة المجلس البلدي الحالي وهنا أدعو المجلس إلى تفعيل بنود الاتفاقية خصوصا المادة 17 القاضية باللجوء في حالة الخلاف إلى تحكيم الوزارت الوصية وإذا استمر المشكل اللجوء إلى المحكمة المختصة”.

وتابع قائلا: “نعم المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يقوم بمجهودات من خلال توفير الماء الصالح للشرب للساكنة ولكن إن ما يقع في تنغير سيناريو درامي رهيب إذ لا يعقل أن نأخذ من قلب الواحة ماء عذبا لنعيده إليها في أنابيب التطهير السائل ونعكر صفو الطيور والشجر والبشر”.

استنفار
وعلمت جريدة “العمق” من مصدر مطلع أن مشكل تسرب المياه العادمة إلى حقول وأزقة حي “تيحيت” بتنغير، استنفر المسؤولين الإقليميين، حيث دعا عامل الإقليم، أمس الأحد إلى اجتماع طارئ لتدارس المشكل.

وأضاف المصدر ذاته، أن لجنة مكونة من عامل إقليم تنغير عبد الحكيم النجار ورئيس المجلس الجماعي لتنغير عمر عباس، ومسؤولي المكتب الوطني للماء والكهرباء بالمدينة وممثلي المقاولة المشتغلة بمشروع التطهير السائل من أجل إيجاد حل عاجل لتدفق المياه العادمة.

وكحل مؤقت، يضيف المصدر نفسه، باشر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب عملية رفع المياه العادمة بمضخة من أجل تجاوز النقطة التي يتعذر للماء تجاوزها نظرا لتآكل الشبكة، مضيفا أن المقطع المعني بالأمر يوجد على طول 100 متر بين المنازل وعلى عمق 14 متر.

برلماني: لا تنسوا السباحة
وصف المستشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار بتنغير، مشكل تدفق المياه العادمة إلى حقول وأزقة حي “تيحيت” بأنه “مسبح من نوع آخر بمدينة تنغير”، مضيفا أنه من “الواجب علينا كسياسيين بإقليم تنغير إن استمر الوضع هكذا بمدينتنا ، أن نسبح في هذا المسبح وسأكون أول من سيسبح”.

وبعد السباحة التي لا مفر منها، يضيف أدعي في تدوينة له على حسابه بموقع “فيسبوك”، “يجب محاسبة كل مسؤول او سياسي قادر على إنهاء هذا المشكل ولم يقم بواجبه ولو اكون انا”، محملا المسؤولية في ما يقع للمكتب الوطني للماء والكهرباء، داعيا إياه إلى معالجة هذا الوضع المزري.
https://al3omk.com/wp-content/uploads/2018/08/qxLAF.jpg
وتابع قائلا: “هذه الكارثة التي سبق لي أن تدخلت بمجلس المستشارين وطرحنا سؤالا في هذا الموضوع للوزارة المعنية ونبهنا على الكارثة البيئية في المنطقة والأمراض التي سيسببها هذا ( الخراء ) إلا أننا لم نعد نفهم شيء وعود لم تنفذ”، مضيفا “حتى مسجدنا الذي نعبد الله فيه بتيحيت لم يسلم من هذا المشكل ..لا تنسو السباحة”.

وللتعليق على الموضوع، حاولت جريدة “العمق” الاتصال بمدير المكتب الوطني للماء والكهرباء بتنغير غير أن هاتفه غير مشغل، فيما عزا مصدر للجريدة مشكل تدفق المياه العادمة إلى اعتراض بعض الساكنة على مكان إنجاز محطة للدفع والتي كان مقررا أن تشتغل في نهاية 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *