أخبار الساعة

ليلى السليماني تفكك طبيعة العلاقة بين الحميمية والكتابة

قدمت الكاتبة الفرنسية-المغربية ليلى السليماني عرضا متميزا، مساء أول أمس الخميس في المكتبة الملكية المرموقة بكوبنهاغن، حول العلاقة بين الحميمية والكتاب، وخاصة ما يتعلق بالجسد الأنثوي المتموقع بين الماضوية والانفتاح.

منذ البداية، تساءلت الروائية، في قاعة غصت جنباتها بالحضور “بدون خصوصية، لا كتابة. كيف يمكن أن تكتب إذا لم يكن لديك درج نظيف، وحديقة سرية تأوي إليها بأفكارك وانطباعاتك الأكثر حميمية؟”.

خلال ساعة ونصف من التبادل، الذي أداره ببراعة واقتدار “توري ليفر”، وهو بدوره روائي وكاتب وصحفي في إذاعة الدنمارك الوطنية، اعتبرت السيدة السليماني أنها تغطيتها ل”الربيع العربي” في تونس مكنها من جس نبض مجتمع مغاربي آخذ في التراجع.

وأضافت، بلغة إنجليزية سلسلة تحدث بها طيلة أطوار اللقاء، أنه “في هذه الأرجاء ، وقبل ظهور حركة (مي توو) ، كان الشعور بالجسد وبالروح أيضا محكوما بقانون الصمت”.

وحسب الكاتبة ، عندما يعرف الشخص نفسه بالضمير الشخصي “أنا” (ومن باب أولى امرأة) – إلا إذا لم يتعلق الأمر بالتنديد بانتهاك أو الاغتصاب- فهو يستحضر ذاتيته، ويصبح تبعا لذلك” موضوعا” وبالتالي “فاعلا“ .

غير أنه -مستدركة- عندما يزعم المرء بأنه كاتب، فهو ينسج باستمرار روابط عميقة من المودة والحميمية مع قارئ غير مرئي، في علاقة فريدة جدا تسمح له بالتعرف على نفسه في موقف ما، في قصة ، ممر ، وصف… باختصار، يدخل عالما رومانسيا!

ومن هذا المنظور، “فنحن نكتب لنخبر هذا القارئ غير المرئي بأنه ليس وحده، ليحارب الوحدة والقلق البدائي من الضياع، ولكن أيضا للدفاع عن عالمية حقوق الإنسان، ككل غير قابل للتجزئة” ، لأنه ، كما تقول، لا يوجد أكثر فتكا من الخصوصيات والحواجز التي توصف بشكل ظالم بأنها “ثقافية”، في حين أن الثقافة ليست سوى بناء يشيد، بشكل يومي، من خلال العلاقات بين مختلف الطبقات وعبر التغيرات العميقة التي تعتمل في الجسد الجمعي.

ومن خلال الاستشهاد بمقابلة مع عال م الاجتماع عبد الصمد ديالمي، تشرح المحاضرة كيف أن المجتمع المغربي قد أصبح بعيدا بشكل كبير عن “المعايير الموروثة” وصار واقعا مختلفا.

ومن ثم، فإن الفجوة التي تخلق غموضا هائلا في العلامات المرجعية، تشجع عودة قوية للمدافعين عن ما يمكن وصفه ب”أخلاقيات عادية”، هذا في الوقت الذي ينص فيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق الإنسان في حرية التصرف في الجسد؛ حسب ما ترى كاتبة “الجنس والأكاذيب: الحياة الجنسية في المغرب” (2017).

وتستذكر السيدة بملامحها الشبابية “في الرباط، حيث ولدت وحيث كنت أعيش قبل الذهاب إلى باريس، منذ 15 سنة، علمني والداي حق الاحتفاظ بفضاء سري”.

في شهر نونبر 2017، عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه الكاتبة الفرنسية ذات الأصول المغربية ممثلته الشخصية للفرانكوفونية، وهي الآن عضوة في المجلس الدائم داخل المنظمة الدولية للفرانكفونية.

وفي هذا السياق تحديدا، قالت إن مؤتمرا للكتاب الفرنكوفونيين سينعقد في غضون عامين في تونس، مع أمل مزدوج في إعطاء دفعة إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية وتعزيز الانتشار إلى ما وراء الأراضي الفرنسية.

ومن اللافت للنظر أن السيدة سليماني أكدت أنه، بدون استخدام الأدوات الإلكترونية، “يقرأ طفلي دائما، فقط لأنه يراني أقرأ طوال الوقت. عندما كنت صغيرة جدا، يمكنني أن أتذكر كيف كنت أعيد قراءة كتب والدي: هل كانت هذه طريقة في استمالة شخصيته الجدية؟”.

بشكل عام، تم اختتام هذه الأمسية الأدبية من خلال القراءة باللغة الدنماركية للصفحة الأولى من رواية “أغنية رقيقة” ، والتي ألقاها مسير الجلسة.

وكانت النسخة الفرنسية من إلقاء المؤلفة نفسها، ليلى سليماني ، الفائزة بجائزة غونكور عام 2016.

“أغنية رقيقة”، هي رواية مهداء لابنها إميل، وتبتدئ بهذه الكلمات المؤثرة: “لقد مات الطفل. تطلب الأمر فقط بضع ثوان. وأكد الطبيب أنه لم يعاني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *