خارج الحدود، منوعات

ابنتا خاشقجي تنبشان في ذكريات والدهما وتكتبان مقالا “مؤثرا”

كتبت ابنتا الصحافي السعودي جمال خاشقجي مقالا في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن أبيهما، وعن الذكريات التي جمعتهما به وعن طريقة تعامله معهما، مؤكدتان أنهما “تفتخران به دائما”.

وتطرقتا في المقال الذي تداولته عدد من المنابر الدولية والعربية، للحظات مغادرته للسعودية، مشيرتان أنه “تسائل ما إن كان سيعود أبدا وأنه لم يتخلَّ قط عن أمله في بلاده.. لأنَّ أبانا في الحقيقة لم يكن معارضاً.. وإن كان كونه كاتباً كان شيئاً متأصلاً في هُويته، فإنَّ كونه سعودياً كان جزءاً من نفس تلك الهُوية”.

رزان ونهى كتبتا أيضا: «كان رجلاً معقداً، لكن بالنسبة لنا، نحن ابنتاه، كان ببساطة «أب». لطالما شعرت عائلتنا بالفخر لعمله، وتفهَّمنا مشاعر المهابة والتبجيل التي كان يُكنّها البعض له. لكن في حياتنا، كان «بابا»، كان رجلاً محباً ذا قلب كبير. وكنا نحب تفحص جواز سفره للتعرف إلى أماكن جديدة من الصفحات التي تملؤها أختام الدخول والخروج. كنا نحب كذلك التفتيش في تواريخ المجلات وقصاصات الصحف البالية المحيطة بمكتبه».

وعن مهنة المتاعب التي اختارها والدها قالتا :”خلال طفولتنا، عَرِفنا والدنا رحّالاً. تضيف رزان ونهى: إذ كان يأخذه عمله لكل مكان، لكنَّه في كل مرة كان يعود إلينا مُحمَّلاً بهدايا وحكايات مثيرة. كنا نبيت ليالي نفكر أين يمكن أن يكون وماذا يفعل، وكلنا يقين أنَّه مهما طالت غيبته سنراه مجدداً فاتحاً ذراعيه بانتظار عناق. بقدر ما تثير هذه الذكريات الجميلة من مشاعر حزن بداخلنا، كنا نعلم منذ سنٍ صغيرة أنَّ عمل والدنا يعني أنَّ تأثيره يتجاوز عائلتنا، وأنَّه كان رجلاً مهماً، تحظى كلماته بتأثيرٍ على نطاق واسع.وعلى مدار سنوات عمرنا، اعتدنا أن يستوقفنا الناس في الشوارع ليصافحوا والدنا ويخبروه إلى أي مدى يحترمونه ويُقدِّرونه. فبالنسبة لكثيرين، كان والدنا أكثر من مجرد شخصية عامة؛ إذ كان لعمله أثرٌ قوي في حياتهم وكان له وقع شخصي عليهم. ولا يزال إلى الآن”.

تردف ابنتا خاشقجي: “نشأنا على حب والدينا للعلم. فكانا يصطحبانا إلى العديد من المتاحف والمواقع الأثرية. وحين كنا نسافر من جدة إلى المدينة في السعودية، كان أبي يشير إلى مناطق مختلفة ويخبرنا بأهميتها التاريخية. وكان يحيط نفسه بالكتب ويحلم دوماً بأن يمتلك منها المزيد. وفي جميع ما قرأه من كتب، لم ينحز قط لآراء بعينها، بل كان يتقبّلها جميعاً. وعَلَّمَه حبُه للكتب أن يبني آراءه الخاصة، وعَلَّمَنا بدوره أن نفعل المثل…كانت حياته سلسلة من التحولات والمنعطفات غير المتوقعة، وخضنا جميعاً نفس الرحلة معه. لا يتسنى للجميع أن يقولوا إنَّهم تعرَّضوا للفصل من الوظيفة نفسها مرتين في غضون سنوات قليلة؛ إذ عمل والدي رئيساً لتحرير صحيفة الوطن مرتين. لكن بصرف النظر عما حدث، كان والدي متفائلاً ويعتبر كل تحدٍّ بمثابة فرصةٍ جديدة.كان جزءٌ من شخصية والدي يميل إلى الواقعية، لكن في أحلامه وطموحاته كان يتطلع دوماً إلى نسخة طوباوية عن الواقع. ونعتقد أنَّ هذا هو مصدر الإلهام وراء طبيعته الناقدة. بالنسبة له، كان التعبير عن آرائه ومشاركتها وخوض نقاشات صريحة ضرورة جوهرية. ولم تكن الكتابة بالنسبة له مجرد وظيفة، بل واجب متأصل في صلب هويته، وهي ما أبقته حياً. والآن، تحافظ كلماته على ذكراه حية بيننا، ونحن ممتنات لهذا. فتقول كلماته: هنا يرقد رجل عاش حياته على أكمل وجه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *