اقتصاد، حوارات، مجتمع

الشرايبي: التنمية المستدامة بالمغرب تتطور .. والخلل في التربية والمجال الترابي (حوار)

اعتبر رئيس الجمعية المغربية للبيئة المستدامة لطفي الشرايبي، أن التنمية المستدامة بالمغرب تعرف تطورا إيجابيا، خاصة على مستوى الدولة التي مأسست هذا المجال عبر إحداث كتابة للدولة، مع وجود إرادة ملكية لجعل ورش التنمية المستدامة من الأولويات.

وأوضح الشرايبي في حوار مع جريدة “العمق”، أن مفهوم التنمية المستدامة يعرف خلطا مع البيئة، في حين أن التنمية المستدامة لها مفهوم ثلاثي الأبعاد يتمحور حول كيفية القيام بمشاريع مدرة للدخل لها فعالية اقتصادية وأثر بيئي ضعيف، مع أثر اجتماعي إيجابي في جميع الميادين.

ويرى الأستاذ الجامعي بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية بطنجة، أن الخلل يكمن في التربية وفي المجال الترابي، داعيا إلى التركيز على التربية لتخريج جيل يمكن الاعتماد عليه في التنمية المستدامة، والعمل على جعل السياسي والفاعل الترابي منخرطا في هذا المجال ببرامج تكوينية وتحسيسية.

وأمس الخميس، انطلقت أيام التنمية المستدامة في دورتها العاشرة، والتي تنظمها الجمعية المغربية للبيئة المستدامة بمدينة طنجة طيلة 3 أيام تحت شعار “أهداف التنمية المستدامة بالمغرب: أي مشروع مجتمعي مستدام وشامل”، بهدف التعريف وترسيخ ثقافة التنمية المستدامة، بمشاركة فاعلين ومتخصصين، على رأسهم كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة نزهة الوافي.

وفيما يلي نص الحوار:

1) عرفنا بالجمعية المغربية للبيئة المستدامة ؟

الجمعية تأسست سنة 2010 بعدما كانت عبارة عن نادي بيئي منذ 2003 بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية، وذلك بحكم أن كل أعضاء النادي حينها كانوا قد تخرجوا.

ونحن نشتغل على التربية على التنمية المستدامة والتحسيس بهذا المجال لفئات واسعة من المجتمع من شباب وأطفال وحتى صناع القرار والفاعلين الترابيين سواء مسؤولين أو مستشارين أو أطر في المقاولات، من خلال أنشطة تهدف للتعريف بمفهوم التنمية المستدامة الذي يتطلب أساليب أخرى للاستعاب بشكل أعمق، وهذا من أجل تطبيق وأجرأة أهداف التنمية المستدامة.

2) لماذا تنظمون أيام التنمية المستدامة، وما هو رهانكم ؟

أيام التنمية المستدامة انطلقت سنة 2008، وهدفها هو تعريف مفهوم التنمية المستدامة بأبعاده الثلاثة بعدما لاحظنا خلال تواصلنا مع المواطنين أن المفهوم فيه خلط حول المحافظة على البيئة، في حين أن التنمية المستدامة لها مفهوم ثلاثي الأبعاد يتمحور حول كيفية القيام بمشاريع مدرة للدخل لها فعالية اقتصادية وأثر بيئي ضعيف، مع أثر اجتماعي إيجابي في جميع الميادين في نفس الوقت.

وهدفنا أيضا هو مواكبة توجهات البلاد في مجال التنمية المستدامة، فمثلا في 2010 كانت مبادرة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وواكبناه باختيار موضوع للملتقى يتماشى مع الميثاق، وهذه الأيام تشكل فضاءً للنقاش بين مجموعة من الشركاء المؤسساتيين والجمعويين والقطاع الخاص والجامعات، وذلك للخروج بتوصيات، وأحيانا نكونوا سباقين في طرح أفكار ومواضيع تفيد المجال.

ويوم السبت سننظم الأبواب المفتوحة التي ستضم أكثر من 50 ورشة تطبيقية بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية بطنجة، سنستقبل خلالها أكثر من 2000 مستفيد، وما بين 25 إلى 30 مؤسسة تعليمية في يوم واحد، مع ورشات تحسيسية وتكوينية، وهو فضاء لتبادل الخبرات حول التنمية المستدامة.

3) ما دوافع اختيار هذا الموضوع في الدورة الحالية؟

أولا أهداف التنمية المستدامة أصبحت سارية المفعول منذ 2016 حين التزم المغرب بأهداف التنمية المستدامة في شتنبر 2015، والمصادق عليه من طرف الأمم المتحدة، ومن جهة أخرى المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في يونيو 2017 بعدما واقف عليها المجلس الوزاري ثم المجلس الحكومي، والآن نتكلم عن أجرأة هذه الاستراتيجية، فنحن نبحث عن الالتقاءات والتقاطعات بين الأهداف وهذه الاستراتيجية.

اختيارنا لموضوع شامل وعام لهذه الدورة يرتكز على محورين أساسيين لمناقشة كيفية أجرأة تلك الأهداف، أولا حول الالتقائية بين الاستراتيجية والتزام المغرب وعلاقته بالمناخ، ثم محور المجال الترابي وكيف يمكن تطبيق هدف التنمية المستدامة في الجهة والمدينة والحي، وما معنى “لا فقر” و”طاقة بثمن أقل”، لأنها تبقى “أهداف عناوين” يجب تبسيطها للمواطن لمعرفة فعاليتها على أرض الواقع.

ثم المحور الثاني حول دور المقاولات في التنمية المستدامة، حيث نسعى عبر عمل تحسيسي لتحميل مسؤوليات المقاولات في هذا الجانب، ومدى انخراطها في بلورة هذه الأهداف وإخراجها لأرض الواقع.

4) باعتبارك فاعلا في المجال، كيف تقيم مسار التنمية المستدامة بالمغرب؟

هناك تطور إيجابي، فقد كنا نستغل في 2003 كنادي بيئي بدون إمكانيات ودون محاورين على الصعيد المؤسساتي، وبالكاد كان هناك قطاع للبيئة تابع لإعداد التراب البيئي، حيث كان هناك فراغ مؤسساتي، ثم جاء قطاع البيئة واهتمام المغرب بالبيئة عير الميثاق الوطني في 2010، تلاه تنظيم مؤتمر “كوب 22″، وحاليا لدينا كتابة الدولة في القطاع، ونتمنى أن تكون لها وزارة كاملة لتكون لها ميزانية وأهمية أكث، لأن بلورة الأهداف تتطلب في تنزيلها ميزانيات.

إذن هنا تطور على مستوى الدولة التي رسخت لمؤسساتية مجال التنمية المستدامة عبر إحداث كتابة دولة، مع إرادة ملكية لجعل ورش التنمية المستدامة من الأولويات.

5) ما هي أبرز المعيقات والتحديات التي تواجه التنمية المستدامة بالمغرب؟

الخلل يمكن في المجال الترابي، يجب العمل عليه لجعل السياسي والفاعل الترابي منخرطا في هذا المجال، فهناك مبادرات ومشاريع مبلورة، لكنها ليست في مستوى التطلعات، والدليل هو إشكالية النفايات التي لا زالت قائمة بالمغرب، فلا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة دون إشكالية النفايات والمطارح العمومية التي تؤرق المسؤولين في جانب الأثر البيئي.

نعم هناك تقدم مؤسساتي، لكن المجال الترابي يحتاج لتكوين أكثر للمستشارين والنسيج الجمعوي الذي يتميز بحيوية وإرادة ونشاط وغنى بالأفكار، وبلورة وتخطيط ومواكبة المشاريع تحتاج لتكوينات لكي نصل إلى مشاريع تطبيقية للتنمية المستدامة خصوصا بالمجالات المجالية، وذلك من أجل إيجاد حلول للنفايات الصناعية والمنزلية وتدبير السائل وغيرها من المشاكل.

ويبقى أكبر تحدي في هذا الإطار، هو التربية التي هي الأساس لتخريج جيل يمكن الاعتماد عليه في التنمية المستدامة.

6) قبل سنتين دشن الملك دارا للتنمية المستدامة هي الأولى من نوعها في المغرب، ومنح جمعيتكم مهمة الإشراف عليها، ما هي القيمة المضافة لهذا المشروع بالنسبة للمغاربة؟

دار التنمية المستدامة هي امتداد لدينامية أيام التنمية المستدامة، وهي فضاء للتحسيس والتربية على التنمية المستدامة، مع برمجة مجموعة من الورشات الموضوعاتية بصفة دائمة، يتعلق الأمر بورشات دائمة حول الماء، تدبير النفايات، التدبير الطاقي خاصة الطاقات المتجددة، ثم التنوع البيولوجي، وتضم هذه الورشات برامج تحسيسية مفتوحة في وجه العموم، خاصة للتلاميذ، إضافة إلى قاعات للتكوين الموضوعاتي من خلال دورات تحسيسية حول وسائل تدبير مشاريع التنمية المستدامة.

القيمة المضافة لهذا المشروع هو مأسسة التحسيس والتربية، لأن هذا الفضاء يتيح شكلا منظما له برنامج سنوي مفتوح للعموم، وهدفه تكميل ومواكبة المقررات الدراسية وغيرها، ثم بيداغوجية التحسيس عبر عدة وسائل ورصد تفاعل المحيط، وذلك لتفادي العمل العرضي والموسمي ومن أجل تكريس العمل المنظم الذي يخضع للتتبع، علما أن الورشات التحسيسية ستشمل تكوينات ضمنية.

7) ما المطلوب اليوم من طرف صناع القرار والمواطنين فيما يخص التنمية المستدامة؟

أهم شيء بالنسبة للمواطنين هو أن كل فرد في المجتمع يستفيد من محيطه يجب أن يتحمل مسؤولية، لأنه إذا كان هناك مشكل في الإطار المعاشي فسنعاني منه جميعا، الكل في المجتمع ملزم بطرح سؤال: “ما هي مسؤوليتي وماذا يمكن أن أفعل؟” وهذا نداء للجميع من أجل الانخراط، كل من موقعه، في تغيير السلوك.

بالنسبة لصناع القرار، هناك إرادة ملكية تحتاج لأجرأة على أرض الواقع، وهذا ما يجب على صناع القرار إعطاءه الأولوية بالنسبة للتنمية المستدامة من خلال مواكبة الجماعات الترابية وتكوين مسؤوليها ومستشاريها لإعطاء أهمية للتنمية المستدامة، خاصة وأن المجتمع المدني لا يملك القرار في هذا الشأن، بل ينظم فضاءً للنقاش وتبادل الخبرات فقط.

إضافة إلى ذلك، يجب تسريع إخراج النصوص التطبيقية لمجموعة من القوانين، لإعطاء طفرة نوعية في تقدم هذا الورش، لأن هناك إطارا جميلا يشرف المغرب في الخارج، وتأتينا شهادات تبدي تفاجأها من مستوى الوعي والتقدم بالمغرب على مستوى الوعي، لذلك يجب مواكبته بالأجرأة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *