وجهة نظر

الأداء السياسي للأحزاب المغربية خلال سنة 2018 (2/4)

2. حزب الحركة الشعبية لا جديد يذكر غير الرئاسة لمحند العنصر.

رئاسة الحزب لـ3 عقود ونيف.

تميز الاداء السياسي لحزب الحركة الشعبية لسنة 2018، كعادة الحزب بإعادة انتخاب محند العنصر أمينا عاما للحركة الشعبية، وذلك خلال أشغال المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب المنعقد على مدى يومين بقصر الرياضات بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط تحت شعار ” حركة من أجل الوطن “.ليضفر العنصر بالولاية التاسعة على رأس حزب الحركة الشعبيةمنذ أكتوبر 1986 حين عين أميناً عاما للحركة الشعبيةخلال انعقاد المؤتمر الاستثنائي،وقد أعلن رئيس اللجنة التحضيرية، رئيس المؤتمر السيد السعيد أمسكان عن حصول السيد العنصر، على 1554 صوتا من أصل 1843 صوتا صحيحا ، فيما حصل منافسه السيد مصطفى سلالو على 289 صوتا، علما بأن عدد البطائق الملغاة بلغ125 بطاقة.

بهذا، يتأكد من جديد الكتابات القائلة أن حزب الحركة الشعبية مقترن بأشخاص بالدرجة الاولى، ولا علاقة له بالنهج المؤسساتي والتناوب على الاشراف الحزبي،رغم أن لعنصر صرح قبل أشهر بأن حالته الصحية وتقدمه في السن لا تسمح له بالاستمرار على رأس الحزب، فضلا عن تزعمه الحزب لمدة حوالي 30 سنة، إلا أن شخصيات وازنة في الحزب من ضمنهم أن حليمة العسالي المرأة القوية في الحزب، وصهرها محمد أوزين، والبرلمانيان حميد كوسكوس عضو مكتب مجلس المستشارين، والمهدي عثمون رئيس لجنة الداخلية بنفس المجلس يخشون من انتخاب حصاد الملتحق حديثا بالحزب والمعفى بقرار ملكي، ولهذا برر قراره بالعدول على عدم الترشيح باستجابة للمطالب الحركيين.

3. حزب التقدم والاشتراكية الزلزال مستمر.

عرف المشهد الحزبي للتقدم والاشتراكية هزات زلزالية ملكية، ويمكن تلخص الحضور الحزبي للتقدم والاشتراكية في ثلاثة أحداث بارز:

 الزلزال السياسي يضرب الحزب.
 انتخاب بنعبد الله امينا عاما خلفا لنفسه.
 حذف كتابة الماء من حكومة سعد الدين العثماني.

بعد قرار اعفاء امينه العام بنعبد الله من مهامه كوزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بإضافة إلى القيادي حسين الوردي كوزير للصحة وكذا محمد أمين الصبحي كوزير للثقافة في حكومة بنكيران، بهذا يكون الحزب قد تلقى ضربات قوية على مستوى نخبه وقيادته الحزبية بسقوط رؤوس وازنة من النواة الصلبة في الحزب.

فقد خرج الحزب في أول رد رسمي له الذي وصف ببيان الجريء أكد عبره على أن الأمين العام والقياديين عن الحزب اللذين تحملا المسؤولية الوزارية، سواء في الحكومة السابقة أوفي الحكومة الحالية، قد أدوا مهامهم العمومية بحرص شديد على الامتثال لما تستلزمه المصالح العليا للوطن والشعب، اعتزازه بالأداء المشرف لوزراء الحزب المعنيين.

وقد اعتبر عدد من الملاحظين أن بلاغ الحزب يمهد للانسحاب من حكومة العثماني والاصطفاف في المعارضة من أجل ترميم صفوفه الداخلية في ظل تصاعد الانقسام داخل التقدم والاشتراكية بأنه حان الوقت لدفع بنعبد الله الحساب جراء علاقته الشخصية مع بنكيران وعلاقة حزبه مع حزب العدالة والتنمية وإزاء دخوله في تحالف انتخابي، حزبي، سياسي وحكومي مع العدالة والتنميةطيلة سبع سنوات،والعلاقة الشخصية التيربطها بنعبد الله مع بنكيران، والتي وصف التقدم والاشتراكية معها “بالناطق باسم حزب العدالة والتنمية”
إلا أن في مطالعة القنوات الاعلامية تبين للحزب عبر رسالتين من الملك وجهتا إلى التقدم والاشتراكية لتخفيف من أثار الزلزال السياسي نقلها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الرسالة الاولى تمحورت حول كشف رغبة الملك في أن يستمر الحزب التقدم والاشتراكية في الحكومة، على أن يتم تعويض الوزراء المعفيين بوزراء جدد في نفس المناصب، أما الرسالة الثانية التي فحوها جاءت عبر هاتف فؤاد علي الهمة لخالد الناصيري بأن إعفاء وزراء الكتاب لا يستهدف الحزب، وإنما الإعفاء مس الاشخاص في مناصب تبث فيها التقصير على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول منارة المتوسط.

في نهاية المطاف، سيتم تعويض نبيل بنعبد الله بعبد الأحد الفاسي الفهري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وتعينه كوزير لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، و أنس الدكالي عضوحزب التقدم والاشتراكية و مدير الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “أنابيك” وتعينهكوزير للصحة خلفا للحسين الوردي.

انتخاب بنعبد الله امينا عاما خلفا لنفسه.

أعيد انتخاب محمد نبيل بن عبد الله أمينا عاما لحزب التقدم والاشتراكية للمرة الثالثة على التوالي، وذلك بعد حصوله على 80 في المائة من الأصوات،وحصل بن عبد الله على 371 صوت مقابل 92 صوت لعضو الديوان السياسي المنتهية ولايته سعيد الفكاك الذي قال “كفى” لبنعبد الله وأنه ولا بد من التداول على المسؤولية وتعزيز موقع الحزب داخل المشهد السياسي بعد الهزات التي مر من الحزب. في المؤتمر العاشر لحزب التقدم والاشتراكية المنظم في بوزنيقة تحت شعار “نفس ديمقراطي جديد”

واستفاد نبيل بن عبد الله من دعم مجلس الرئاسة، والديوان السياسي بعد أن صادق المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية على التقريرين المالي والأدبي، كما صادق على أعضاء اللجنة المركزية، ومجلس الرئاسة، ولجنة المراقبة المالية والتحكيم. وشارك في المؤتمر حوالي 1200 مؤتمرا يمثلون 80 إقليما، حيث صادقوا على أطروحة جديدة للحزب، كما صادقوا على تعديل نظامه الأساسي.

فمعظم المراقبين أكدواعلى حدة التنافس بين المرشحين للأمانة العامة، فقد جسد المؤتمر الوطني العاشر الذي اختار شعار “نفس ديمقراطي جديد” نموذج الحزب التقدمي الديمقراطي والحداثي، وترجم رغبة المناضلات والمناضلين في ضرورة التمسك بوحدة الحزب ونجاح محطته العاشرة، ضمن مسار سياسي وتنظيمي حافل يمتد لأزيد من سبعين سنة، وهو ما عبر عنه محمد نبيل بنعبد الله، فور إعلانه أمينا عاما للحزب لولاية جديدة، حيث شدد في كلمة له بالمناسبة، على أن الحزب نجح في الحفاظ على وحدته وعلى تماسكه.
وفي تصريح أخر للأمين العام لحزب الكتاب،بعد اعادة انتخابه شكرنبيل بنعبد الله منافسه سعيد الفكاك على سعة صدره وإتاحة الفرصة لمنافسة ديمقراطيةوقال بن عبد الله، أن حزب الكتاب أعطى درسا ديمقراطيا للجميع، وشدد بنعبد اللهعلى أن الاقتراع تم في أجواء ديمقراطية وأن جميه المؤتمرين صادقوا على الورقة السياسية، وعلى جميع الأوراق في جو ديمقراطي.

حذف كتابة الماء من حكومة سعد الدين العثماني.

لم تدوم حالة ترتيب الاوراق الداخلية للأمين العام حتى وجد نفسه أمام هزة زلزالية جديدة، بالقرار الملكي القاضي بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء من هيكلة الحكومة، وهي المهمة التي تشغلها شرفات أفيلال، القيادية في الحزب بناءا على اقتراح السيد رئيس الحكومة بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ونقل وإدماج جميع صلاحياتها، ضمن هياكل واختصاصات هذه الوزارة مع العمل على مراجعة هيكلتها التنظيمية.

الامر الذي عرف الامين العام عبر بلاغ القصر الملكي كعموم المواطنين والسياسيين،بإضافة إلى كون سعد الدين العثماني لم يرجع إلى حزب التقدم والاشتراكية لاستشارته في قرار الحذف، خاصة وأن حزب الكتاب شريكا في الاغلبية البرلمانية وكذا من ضمن الموقعين باسم الحزب على ميثاق الاغلبية الذي على يقوم على التشاركية في العمل وتنسيق المواقف فضلا عن التضامن في المسؤولية وكذا النجاعة في الانجاز بإضافة إلى الحوار مع الشركاء، وهذا الشق الاخير المتعلق بالحوار مع الشركاء لم يتأتى في قرار حذف كتابة الدولة بالمكلفة بالماء.

وفي إطار تطرقها إلى الموضوع ذاته، ذكرت عدة مواقع إعلامية أن العثماني قال لنبيل بنعبد الله إن حذف كتابة الدولة في الماء تجاوزه، وأكد فيما بعد في إطار لقاءات لمعالجة وضع شرفات أفيلال لعبد الأحد الفاسي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن الأمور تجاوزته لكون أفيلال اتصلت بمستشار الملك فؤاد عالي الهمة لحل مشاكلها مع الوزير اعمارة، وبالتالي لم يعد الأمر بيده، غير هذا التبرير لم يقنع رفاق نبيل بنعبد خاصة أن بلاغ الديوان الملكي كان واضحا في الإشارة إلى أن الاقتراح جاء من رئيس الحكومة، وليس عبر الملك.

ومن ردود فعل حزب التقدم والاشتراكية حول الموضوع،عقد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه يوم الثلاثاء 28 غشت 2018، وخصصه أساسا لتدارس موضوع حذف كتابة الدولة في الماء من الهيكلة الحكومية وإدماجها في وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وذلك بقرار سام لجلالة الملك وباقتراح من رئيس الحكومة كما ورد ذلك في بلاغ رسمي.

 يؤكد المكتب السياسي أن حزب التقدم والاشتراكية يتعامل دوما بكامل التقدير والاحترام مع القرارات الملكية السامية ويمتثل لها.

 إشادة والتنويه بالأداء المتميز شرفات أفيلال، لما أبانت عنه طيلة تحملها لمسؤولية تدبير قطاع الماء، سواء ضمن الحكومة السابقة كوزيرة منتدبة أو خلال الفترة التي قضتها في الحكومة الحالية ككاتبة دولة.

 إخلال رئيس الحكومة بما سمها بالضوابط السياسية والأخلاقية اللازمة في مجال تدبير التحالفات والعلاقات داخل أي أغلبية حكومية ناضجة.

 قرر المكتب السياسي مواصلة تتبع الموضوع وذلك في أفق دعوة اللجنة المركزية للحزب للانعقاد في دورة خاصة.

في خضم غضب الرفاق التقدمين على رئيس الحكومة على قرار الحذف، قرر الحزب عبر أمينا العام بنعبد الله ، أنه “من الأنسب للتقدم والاشتراكية مواصلةُ النضال من الموقع الحكومي” مبنيا قراره على دعوة المجلس الوطني للعدالة والتنمية لبقاء التقدم والاشتراكية في الحكومة، مع أشبه بتهديد سياسي من بنعبد الله للخروج في الحكومة في أي لحظة، بقوله إن مسألة مواصلةِ حضورِ الحزب في الحكومة ليست أمرا مقدسا، بل إنها موضوعٌ يمكن الرجوع إليه والتداول فيه ومراجعته في أية لحظة من طرف اللجنةِ المركزية، صاحبة القرار الأول والأخير.

* باحث في القانون العام والعلوم السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *