سياسة

حقوقيون: متابعة حامي الدين استهداف للبيجيدي .. والبام “متورط” (فيديوهات)

أجمع حقوقيون وإعلاميون على أن متابعة القيادي بحزب العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين، في ملف مقتل الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد سنة 1993، تشكل “استهدافا سياسيا” للمستشار البرلماني المذكور وللبيجيدي، معتبرين أن حزب الأصالة والمعاصرة “له يد في تحريك الملف قصد تصفية حسابات سياسية”.

وقال الحقوقيون إن هذه المتابعة التي تم فتحها من جديد بعد مرور 25 سنة على الحادثة، وإثر صدور أحكام قضائية نهائية في محطات سابقة، “تسيء إلى صورة المغرب داخليا وخارجيا”، محذرين من خطورة “استعمال القضاء كأدة لاستهداف قيادات سياسية تزعج الدولة بمواقفها المنتقدة للفساد والاستبداد”، وفق تعبيرهم.

جاء ذلك على لسان كل من المحلل السياسي والحقوقي المعطي منجب، وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان حسن بناجح، ورئيس التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات فرع المغرب محمد الزهاري، ورئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الرزاق بوغنبور، والإعلامي سليمان الريسوني.

ويوم 25 دجنبر المنصرم، انطلقت أول جلسة لمحاكمة حامي الدين بعدما قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، قبول الشكاية المباشرة التي رفعها ضده أقارب الطالب اليساري آيت الجيد بتهمة “المساهمة في القتل العمد”، وهو القرار الذي أثار كثيرا من الجدل بين الفاعلين الحقوقيين والقانونيين والسياسيين، فيما قررت الأمانة العامة للبيجيدي تشكيل لجنة يترأسها المصطفى الرميد لمتابعة الملف.

“استهداف سياسي”

المحلل السياسي والحقوقي المعطي منجب، قال إن المتابعة تشكل “استهدافا سياسيا محضا لحامي الدين، لأنه معروف بمواقف منتقدة للسلطة”، معتبرا أن القضاء “الذي أصبح تابعا للسلطة بطريقة تامة منذ إعطاء كل السلطات للنيابة العامة، أصبح سهلا استعماله من طرف جهات بالدولة للاستهداف السياسي للمعارضين”.

وأوضح منجب أن الشاهد في ملف حامي الدين “الذي كان متابعا وسجينا ومعتقل رأي سابق، لم يذكر في 2011 أبدا اسم حامي الدين، بل قال إنه تعرف عليه في السجن ولم يراه في السجار الذي أدى إلى مقتل أيت الجيد”، متسائلا بالقول: “فكيف نأتي بعد 25 سنة بنفس الشاهد الذي هو متهم في الملف؟ وبالتالي ليس له حق الشهادة نظرا لأنه شارك في السجار وحُكم عليه بالسجن سنتين”.

وتابع قوله: “بعد يوم واحد من انتقاد حامي الدين للسلطة في تصريح قوي بمدينة طنجة سنة 2012، خرج في اليوم الموالي فاكس من مقر حزب الأصالة والمعاصرة يقول إن الملف سيفتح ضد القاتل الحقيقي لأيت الجيد، وهو حامي الدين”، مشيرا إلى أن نفس الحزب من قام بالتعبئة لتنظيم ندوة بطنجة ضد حامي الدين، حسب قوله.

وأضاف أن “البام هو من عين محامين لصالح القتلة في ملف الطالب عبد الرحيم حسناوي المنتمي للبيجيدي، علما أن البام حزب تؤيده جهات في الدول من أجل الضغط على منتقديها”، مشددا على أن استخراج الملف “هدفه استهداف شخصية منتقدة للدولة”، وفق تعبيره.

“استعمال القضاء”

عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان حسن بناجح، أوضح أن ملف أيت الجيد “يُمارَس بسببه ظلم على عدد من الأشخاص والأطراف لخلفية سياسية محضة، قصد تصفية حسابات سياسية مع خصوم سياسيين بطريقة بعيدة عن الأخلاق والقانون والإطار الدستوري”، لافتا إلى أن هذا الملف يشكل “عصا تستعمل ضد أفراد وهيئاتهم السياسية”.

وشدد بناجح على أن خليفة الملف سياسية ولا تحتاج إلى دليل، معتبرا أن وجه الخطورة في الملف هو استعمال القضاء سيفا لتصفية الحسابات السياسية، مردفا بالقول: “من المفروض أن تكون الساحة السياسية هي المعترك، لا أن يُستعمل القضاء في الملف لتصفية الحسابات مع الخصوم، وهو من المفترض أن يكون ملجأً للمظلومين”.

ويرى القيادي بجماعة العدل والإحسان، أن المستفيد الأول من تحريك ملف حامي الدين “هو الاستبداد والفساد الذي ليس من مصلحته اتجاه الأنظار إلى صلب المعظلة التي يعاني منها الشعب المغربي، وهي ضرورة تكريس الديمقراطية والحكامة والمحاسبة، فإثارة مثل هذه القضايا هدفها شغل الرأي العام وجعل الصراع يظل بين الفرقاء فقط، عوض الالتفات لصلب الموضوع”.

ولفت إلى أن الذهاب بهذا المنطق يعني أنه لن تصبح هناك أي قضية منتهية أبدا، مشيرا إلى أن “هناك شهداء آخرين لا تثار ملفاتهم، وهناك ملفات لشهداء تعود إلى السنوات السبع الأخيرة يتم إقبارها”، مضيفا: “رغم الاختلافات بين الفرقاء، لكن هذه الملفات تحوز تضامنا واسعا من طرف أشخاص بينهم اختلاف سياسي وفكري وإديولوجي، لأن الحق لا يتجزأ، وهذا فيه وعي كبير ومهم جدا”.

“مس بالأمن القضائي”

من جانبه، قال رئيس فرع المغرب للتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات محمد الزهاري، إن إعادة متابعة حامي الدين على واقعة قانونية سبق للقضاء أن بث فيها بحكم نهائي، “لا يخرج عن سياق سياسي عام تعيشه البلاد اليوم، سياق يريد أن يجعل من القضاء أداة من أدوات تصفية الحسابات السياسية مع كل الأصوات الممانعة الذين يخالفون السلطة السياسية القائمة التي تمتلك سلط القرار السياسي الحقيقي بالوطن”.

واعتبر أن إعادة المتابعة تثير العديد من التساؤلات، قائلا: “هل فعلا حدثت مستجدات تدعو إلى إعادة تعميق البحث في هذا الملف وفتحه من جديد؟ نحن أمام شهادة فقط لشخص توبع كذلك على خلفية نفس الأحداث، وتصريحاته منذ مرحلة اعتقاله وهو في حالة فرار من المستشفى، أي من العدالة، هي تصريحات متناقضة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على تصريحاته”.

ويرى الزهاري أن هذه المتابعة تشكل “مسا بالأمن القضائي العام، فالقضاء في العالم كله هو سلطة مستقلة لحماية الحقوق والحريات وملجأً للمظلومين، وتصدر أحكامها تجاه كل المؤسسات بمن فيها أعلى السلط التي تمتلك القرار”، لافتا إلى أن ملف حامي الدين “يثير التساؤلات حول مصير عدة أحكام قضائية نهائية في العديد من القضايا، وهو ما يثير استغراب الحقوقيين”.

وأشار إلى أن التأويل الحقيقي للملف هو أن الخلفية السياسية هي من تتحكم في تحريك المتابعة من جديد بحق حامي الدين، مضيفا أن “جهات معينة تحاول بناء شيء ما حول القضية، وهذا الاستهداف انطلق منذ 2011، ولو كان يهمها حقيقة ما جرى لبحثت بالفعل عن ما جرى للعديد من المغاربة الذين تم دفنهم أحياءً، وتم رميهم في زنازين بمؤسسات أمنية خلال سنوات الرصاص”.

“إساءة للمغرب”

رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الرزاق بوغنبور، اعتبر أن متابعة حامي الدين “خرقت كل المقتضيات الدستورية والقانونية بعدما صدر في حقه حكم نهائي”، لافتا إلى أن “الأمر واضح على المستوى القانوني، فالملف فُتح في 2016 ارتباطا مع اعتقال شباب البيجيدي في ملف اغتيال السفير الروسي بتركيا، وتدخل حامي الدين للدفاع عنهم”.

وتساءل بوغنبور بالقول: “ما الذي منع الشاهد في الملف من تقديم شهادته سنة 1993؟ وهذا الشاهد هو من يجب أن يحاكم لأن شهادته تضم تناقضات تتكيف مع المطلوب منه في كل مرحلة، باعتباره شاهدا تحت الطلب، لأن رأس حامي الدين مطلوب من طرف جهات بالدولة العميقة بسبب تصريحاته القانونية حول عدة قضايا”.

وأوضح المتحدث أن القيادي بحزب المصباح “يؤدي ثمن تضحياته في عدد من الملفات الصعبة”، معتبرا أن إعادة فتح الملف “لم يسيء لنا على المستوى الوطني فحسب، بل على المستوى الدولي، فالكل يتحدث على أن المحاكمة سياسية بامتياز حيث لم يتم فيها احترام القوانين الوطنية ولا الدولية وتم فيها ضرب مبدأ الأمن القضائي”.

وأردف بالقول: “المغرب ليس بحاجة لفتح مثل هذه الملفات، لأن هناك قضايا أساسية أخرى تهم المواطنين يجب العمل عليها، فنحن الآن نعيش الجزء الثاني من مسرحية مسيرة ولد زروال بلباس قانوني، والمستهد فيها هو حامي الدين وحزبه”، لافتا إلى أن أخطر ما في الأمر هو الاعتماد على صحافة التشهير وتقديم معطيات مغلوطة، حسب قوله.

“تورط البام”

من جانبه، قال الإعلامي سليمان الريسوني، إن كثيرا من الجرائد توصلت بفاكس من عائلة أيت الجيد، خرج من مقر البام بالرباط سنة 2012، وأنه شاهد عليه ذلك حين كان صحافيا بجريدة المساء، مردفا بالقول: “ما يعني أن البام له يد في تحريك الملف سواء بحسن أو سوء نية، رغم أن أيت الجيد مات وهو معتنق لفكرة مناقضة للفكرة التي قام عليها البام”.

وأشار الريسوني إلى أن “استغلال البام للملف هو استغلال سياسوي لمواجهة البيجيدي وإظهار بعض أعضائه على أنهم قتلة ومتورطين في دماء أيت الجيد”، معتبرا أن ملتقى طنجة عام 2014 حول أيت الجيد حضرته شخصيات لا يجمعها إلا العداء للبيجيدي، وهي الندوة التي مولها البام وأمينه العام السابق إلياس العماري.

وفي هذا السياق، يرى سليمان الريسوني أن العديد من النساء والرجال الذين زُج بهم في المسيرة المسخَرة “ولد زروال” بالدار البيضاء قبيل الانتخابات التشريعية السابقة، كانوا يحملون لافتات فيها صور حامي الدين كقاتل، لكنهم لا يعرفونه، حسب تصريحاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *