وجهة نظر

تشميع البيوت.. تدشين لمعالم النموذج التنموي الجديد

بعد الاعتراف الرسمي بفشل النموذج التنموي القديم، ينتظر الشعب المغربي اعتماد نموذج تنموي جديد من قبل الدولة يشكل قطيعة مع مخلفات وترسبات النموذج السابق من أجل تجنب كل دواعي الفشل التي شابت النموذج القديم، وذلك لما لهذا الورش من أهمية كبيرة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلد.

لكن بين عشية وضحاها دشن النظام السياسي المغربي معالم النموذج التنموي الجديد الذي ينتظره الشعب المغربي متوسما فيه طي صفحة من الفساد والقهر والظلم والريع وزواج السلطة بالمال واحتكار الثروات الوطنية إلى غيرها من المظاهر التي كانت تشوب النموذج السابق، إلى أن فوجئ بإطلاق حملة وطنية موحدة الزمان تجلت في تشميع بيوت مواطنين مغاربة وسلبهم من حقهم في السكن.. مساهما بذلك في تخريب أسر وتشتيت شملها بأطفالها ورضعها وتعريتها وتجريدها من حقوقها التي يضمنها الدستور والمواثيق الدولية للحريات والحقوق، ناهيك عن الاعتقال التعسفي للصحفيين ولشباب جرادة والريف والأحكام الجائرة في حقهم، ثم القمع الهمجي لمسيرة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يوم 20 فبراير 2019 بالرباط.، ليكون بذلك النظام السياسي خيب آمال الشعب المغربي في انتظاراته الطموحة لنموذج تنموي جديد يقطع مع الأساليب القديمة التي بني عليها النموذج السابق.

إن من يعتقد أن أعطاب النموذج التنموي الرسمي الذي فشل تتجلى في ضعف التقنيات والأساليب والتخطيط والاستراتيجيات والرؤى وحدها واهم، فالعائق الكبير للتنمية بالمغرب هو الفساد والاستبداد والطغيان الذي يتجلى في احتكار السلط وتمركزها ونهب الثروة والاستحواذ على القرارات الاستراتيجية للمشاريع الكبرى والسياسة العامة، بالاضافة إلى الرضوخ للسياسات التي تمليها وتفرضها المؤسسات البنكية الدولية المانحة البعيدة كل البعد عن واقع البلد.

في ظل وجود كل هذه العوامل وغيرها تبقى كل النماذج التنموية جسدا بلا روح ومحكوم عليها بالفشل من البداية، وذلك لأنها السبب الرئيسي في فشل النماذج السابقة.

إن النظام السياسي المغربي بتكثيفه من تشميع بيوت الشعب المغربي واعتقال شبابه وتهشيم رؤوس أطره والإسهام في إجبار هجرة أدمغته..، يكون بذلك قد وضع نفسه خارج نطاق القوانين الوطنية والمواثيق الدولية لحقوق وحريات الانسان. كما أن الفساد والاستبداد مستعد دائما أن يقدم كل شيئ من أجل ألا يتغير أي شيئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *