اقتصاد، سياسة

دراسة ترصد أهم 8 أوجه قصور في النموذج التنموي المغربي

رصدت دراسة  حول “المغرب، 20 سنة من الإصلاح والتنمية ما بين توطيد المكتسبات ومواجهة التحديات” 8 أوجه لقصور النموذج التنموي المغربي، موضحا أن هناك تحديات اقتصادية وتفاوتات اجتماعية ومفارقات مجالية، دفعت الملك محمد السادس الدعوة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، بعد تأكيده أن هذا الأخير وصل إلى مداه سواء من حيث خلقه للثروة، أو من حيث عدالة توزيعها.

أولى أوجه قصور النموذج التنموي الوطني، يتجلى في تقلب معدل النمو الاقتصادي، وأرجعت الدراسة التي أعدها الاقتصادي والباحث في السياسات العمومية نوفل الناصري، ذلك إلى اعتماد الاقتصاد المغربي على قطاع الفلاحة بشكل كبير، ما يجعله رهين التساقطات المطرية.

ثاني أوجه القصور، يتمثل في عدم انعكاس النمو على مناصب الشغل، إذ أوضحت الدراسة أن عام 2015 شهد إحداث 33.000 وظيفة فقط، رغم وصول معدل النمو إلى 4.5 في المائة، موضحة أن هذا الضعف في خلق فرص الشغل بالمغرب يكتسي طابعا بنيويا في النموذج التنموي المغربي، ويتفاقم مع توالي السنوات، مع ارتفاع مستمر في بطالة الشباب (23 حاليا) وخصوصا من حاملي الشهادات، وبالأخص من المدارس العليا والتكوين المهني.

ثالث أوجه القصور، يتجلى في القطاع غير المهيكل، فقد اعتبرت الدراسة انتشار هذا الأخير “من أهم العقبات التي تؤثر على تحسين النمو الوطني”، مسجلة تزايده تقريبا بـ19 ألف وحدة سنويا، مشيرة إلى وصله حاليا إلى حوالي مليون و700 ألف وحدة غير مهيكلة، موضحة أن هذا الأمر يُضيّع على خزينة الدولة مداخيل جبائية تقدر بـ34 مليار درهم سنويا.

رابع أوجه القصور، سجلته الدراسة في تزايد عمليات التزوير، معتبرة إياه بمثابة “مؤثر سلبي على تنافسية الاقتصاد الوطني”، موضحة أن التزوير يقدر بما بين 6 و12 مليار درهم في السوق المغربية، موضحا أن ذلك هو ما يمثل ما بين 0,7 و1,3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتترتب عنه خسارة ضريبية تقدر بحوالي مليار درهم، ويحول دون توفير حوالي 30.000 منصب شغل.

خامس أوجه القصور، تجلى، حسب الدراسة، في عدم استفادة الاقتصاد الوطني من اتفاقيات التبادل الحر، قائلة “سُجل عجز مستمر في الميزان التجاري، كما لم يتم الارتقاء بالطلب الخارجي لجعله محركا حقيقيا للنمو الاقتصادي، مما دفع بلادنا للجوء إلى الطلب الداخلي والذي لا يمكنه تلبية الطلب، في ظل محدودية حجم السوق الوطنية وإكراهات التمويل”.

سادس أوجه القصور، وفق الدراسة يكمن في عدم انعكاس الاستثمار على معدل النمو، موضحة أنه على الرغم من أن المغرب يحقق معدل استثمار يعد من بين أعلى المعدلات في العالم، أي 33 في المائة من الناتج الداخلي، يظل تأثيره على معدل النمو دون المتوقع، مشددا على أن حجم هذا الاستثمار لا يؤثر في التحول الهيكلي للاقتصاد الذي يبقى بطيئًا، بل على العكس هناك تراجع مستمر في مردودية الاستثمارات العمومية.

سابع أوجه القصور، رأت الدراسة أنها تتعلق بضعف التنمية البشرية، موضحة أن المغرب احتل سنة 2018 المرتبة 123 من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تصنيفه للتنمية البشرية لعام 2018، موضحة أن ذلك أدى إلى تصنيف المغرب ضمن البلدان ذات “التنمية البشرية المتوسطة”، مشيرة إلى أم ذلك لا يساهم في تطوير وتوسيع حجم المستفيدين من الارتقاء الاجتماعي ومحاربة التوريث الجيلي للفقر.

ثامن أوجه القصور، حصرت الدراسة في قضية التعليم، موضحة أن المغرب ما زال يشكو في مجال التعليم، وذلك باحتلاله المرتبة 153 عالميا، مع تسجيل معدل الالتحاق بالتعليم العالي بقي منخفضا في المغرب لم يتعد عتبة 30 في المائة إلى حدود اليوم، في حين تصل النسبة إلى أكثر من 100 بالمائة في دول أخرى مثل تركيا.

وشددت الدراسة على أن التحدي الحقيقي اليوم هو تحدي القيام بمراجعة جماعية تعيد النظر في المفاهيم والتصورات الموروثة، مطالبة جميع الفاعلين الوطنيين ببلورة رؤية مندمجة ومتعددة الأبعاد للنموذج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ببلادنا.

ودعت الدراسة إلى بلورة رؤية لمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها بشكل يتجاوز الإصلاحات القطاعية المعزولة ويجعل من العنصر البشري الرهان الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا. وحثت الدراسة على الوعي بالمطالب الملحة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لتمكين المواطنين من المساهمة في خلق الثروة والاستفادة من ثمارها بشكل عادل.

وأوصت الدراسة بإرساء نظام حكامة فعال، قائم على تنسيق والتقائية السياسات والبرامج العمومية، مع الحرص على تتبعها وتقييم تنفيذها، علاوة على تركيز المجهود الحكومي نحو تحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الإعمال ودعم المقولات الوطنية، خصوصا الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، مع تقييم فعالية الاستثمارات وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر مردودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *