مجتمع

تفاديا لإحراجهن.. نشطاء يخلقون سوقا لتوزيع أضاح على الأرامل بمراكش (فيديو)

خلق مجموعة من الشباب أجواء سوق شعبي لبيع الأضاحي، استهدفوا به أرامل وأيتام المدينة الحمراء وضواحيها، فكرته جاءت من أجل فعلِِ خيري يحفظ كرامة المستفيدين من أضاحي العيد، ولتجاوز إحراج الأرامل وسط أبنائهم الصغار وعائلاتهم وبين جيرانهم وأقاربهم.

حفظ الكرامة

سوق “رفقاء الخير”، اشتق من اسم المؤسسة المنظمة؛ مؤسسة “رفقاء الخير”، التي قال رئيسها في حوار مصور مع “العمق” “إن حفظ كرامة بني آدم أهم بالنسبة لنا من المساعدة التي نقدمها له، لأن الألم الذي يُترك في قلوب المحتاجين في حالة ما لم تحفظ كرامتهم يكون أصعب من ألم الحرمان الذي يعيشونه”.

وتعبر إحدى المشاركات في السوق الشعبي، ليلى أيت سلا، والتي قامت بدور بائعة الحريرة، عن فرحها العميق لانضمامها مع رفقاء الخير ومشاركتها يوم السوق من أجل خلق جو يسعد فيه الأطفال الأيتام وأمهاتهم، كما أكدت أن أهم ما يركزون عليه كمؤسسة هو عدم “ترك شعور النقص عند الإنسان الذي يستفيد من مبادراتنا، لأن هناك الكثير مما يجمعنا كبشر”.

منافسة

السوق المستحدث الصغير، يضم كل ما يمكن أن تجده داخل أسواق الأضاحي الشعبية الكبيرة؛ سور بأسلاك حديدية تحد جنباته، وكسابة بلباس تقليدي غارقين في تراب أحمر حد الكعبين، قابضين على حبال تربط  خرفان لم يهدأ لها بال. في الجانب الآخر من السوق شابات يختبئن في لباس نسوي يضاعف سنهم، واحدة تبيع “الحريرة”، للمتجولين في السوق والمارين عليهم، وأخرى تتفن في صنع خبزة البيض والبطاطس، أما الأخرى فقد لطخت ثيابها وأيدها بالفحم مشاركة في تمويه الأطفال حتى يظنوا أنهم في سوق شعبي حقيقي.

لقد أخذ أصدقاؤنا كل شيء من الأسواق الكبرى، فحملوا معهم ضجيجها وصراخ باعتها المتجولين، وشغف الكسابة في بيع خرفانهم حتى يعودوا إلى منازلهم قبل سطوع أشعة شمس الزوال الحارقة، فتجد بائع المياه يصرخ بموال متكرر يتفنن في تلحينه « ماء بارد.. ماء بارد »، وحارس الدراجات يصرخ في وجه كل مرتاد على السوق بسيارة أو دراجة نارية ليركنوها في المكان المخصص لها.

لقد كانوا جميعهم أصدقاء، يجمعهم تنظيم مؤسستهم وحب الخير للمحتاجين، يؤمنون بقيم العطاء والتضامن، إلا أنهم يتحولون لحظة قدوم أي أرملة إلى السوق لأخد أضحيتها، إلى تجار يتنافسون و”يقتلون” التواصل فيما بينهم، حتى يجسدووا أدوار تمثيل أجواء سوق أسبوعي شعبي لبيع الأضاحي ومستلزمات العيد.

سعادة وفرح

تقوم كل أرملة مستفيدة رفقة أبنائها باختيار الأضحية التي أعجبتها بكامل إرادتها، أو التي وقع عليها اتفاق بين أطفالها الأيتام. ابتسامة عذبة تلك التي ترسم على وجه ذلك الطفل البريء الذي لم يع يتمه بعد، وهو يختار أضحية العيد بيديه دون أن يحس بأي نقص عندما سيحدثه أقرانه عن زيارتهم للسوق، لأنه سيجد صورا طبعت مخيلته هو أيضا خلال رحلته مع أمه.

تأخذ الأم نقودا أعطاها لها رفقاء الخير من أجل التمويه في عملية البيع والشراء رفقة الكساب الذي وجدت عنده أضحيتها، لتحمل “كروسة” الخروف خارج السوق إلى صاحب دراجة نارية نقل البضائع، وتضع خروفها عليها رفقة أبنائها وفمها يتمتم كلام لم تستطع أن تخرجه حتى لا تنكشف اللعبة، كأنه دعوات لرفقاء الخير.

طمس للهوية

لم يكشف رفقاء الخير عن هوياتهم في السوق بل منهم من يختفي عن الأنظار لحظة وصول عائلة يشك في معرفتهم بهم، ولم يلبسوا زي الجمعية ولم يضعوا على أكتافهم أو رؤوسهم شارات تكشف من هم.

هنا قال يوسف، إننا “قمنا بهذه المسرحية من أجل أن يبقى رأس الأرامل المستفيدات مرفوعا أمام أبنائها وجيرانها وعائلاتها، لأننا أن كل فعل خير اتجاه الآخر يجب أن يكون في سرية تامة، لأن الأصل في كل أعمال الخير هي السرية”.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    فعلا مبادرة حسنة وموفقة جدا ومجهود يستحق التنويه بالتوفيق ان شاء الله