منتدى العمق

زمن التفاهة

عندما نتأمل في واقعنا اجتماعي والإعلامي ، نجد أن هناك مجموعة من الشخصيات التي اختارت لنفسها أسماء مستعارة ،والتي أصبحت تسلط عليهم الأضواء بطريقة عمياء وذلك من قبيل( نيبا- ساري كول- سينا…. ) ،مع أن هؤلاء لم يحققوا شيئا من حيث العطاء الجمعوي أو الثقافي ،الذي من شانه أن يرفع الهمم و يقدم الإضافة المعنوية لفائدة مجموعة من الشباب الذين أصبحوا يشعرون بالإحباط من جراء واقعهم الاجتماعي ، و في الوقت الذي كان فيه الريء العام منشغل بالقضايا الجوهرية التي تنتصر للهموم الناس ومشاكلهم الاجتماعية ، أصبحنا نرى في الآونة الأخير أشخاص يعبرون بتصريحات بريئة ،من قبيل ( اكشوان انوان) (ارنبات وتكشي) (فتاة يجب الحفاظ عليها) (كنت خدام دبا شديت كونجي ) ،فإذا بهم بمثل هده التصريحات يصبحون رمزا للقدوة ،وأحيانا أخرى يعرضونهم في الصحف بطريقة بطولية ويخصصون لهم لقاءات مطولة وكأنهم حققوا إنجازا تاريخيا في ميدان رياضي أو ثقافي ،هذا النوع من العمى المنضم الذي تمارسه بعض وسائل الإعلامية غرضها الأساسي هو البحث عن مشاهدين بأي طريقة كيفما كانت بغية الحصول على عدد كبير من المتابعين.

ولأن الغاية المثلى لهؤلاء هي البحث عن TENDANCES دون إعطاء اهتمام للمحتوى ،وان كان ذلك على حساب القيم الاعتبارية التي تربينها عليها وذلك من قبيل ثقافة حشومة والعيب ،بالرغم من نقائصها إلا أنها ساهمت في تحقيق نوع من الاحترام بين الأسرة وأبناءها ، هذا البيت الذي كانت تحتويه العديد من القيم المرجعية والتي كانت تجعل من الأبناء في احترام دؤوب لآبائهم الشيء الذي نفتقر اليه اليوم ، صحيح ان هذا الموضوع سبق وان ناقشه مجموعة من الباحثين وروائيين مثل ميلان كونديرا في آخر رواياته “حفلة التفاهة”، و آلان دونو الفيلسوف الكندي في مؤلفه “نظام التفاهة” ….

لكنه ظل غائبا عندنا وان كانت هذه الظاهرة أصبحت تتضح ملامحها على مستوى الكمي والكيفي كان لزاما علينا أن نتطرق إلى هذا الموضوع ونكشف عن زيفه في بعض جوانبه ،مادام أن السوسيولوجي ينبغي أن يكون ذلك الذي تأتي الفضيحة عن طريقه بتعبير بيير بوديو أي يجب عليه أن يكشف تلك الألاعيب التي تمارسها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وألوانها، لكن الغريب في كل هذا هو أن نجد بعض الأشخاص اقتحموا هذا العالم الافتراضي وصاروا يعرضون فيه مقاطع فيديو لحياتهم اليومية بطريقة مشوهة لدرجة أن حياتهم الخاصة أصبحت معروفة من قبل الجميع تحت شعار شوفوني ،أي لم يعد هناك مجال للخصوصي لعل منطلق الاستعراض لم يعد يشمل الصور والملابس فقط بل صار يشمل مشاكل الخاصة القائمة بين الأزواج ،لقد صرنا أمام عرض للملابس الداخلية وكأننا أمام أفلام بورنوغرافية ، أمام هذا الوضع الكارثي الذي لايمكن أن نجد له توصيف اقل حدة مما هو عليه الآن ،وبناءا على هذا كله فحن مطالبون جميعا لتغيير هذا للوضع إلى ماهو أحسن لان المسالة مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية خاصة وان الغالبية العظمى من الاطفال يقضون جل أوقاتهم داخل هذا العالم الغير منفصل على واقعنا الاجتماعي التي نعيش فيه .

* باحث في علم الاجتماع / حاصل على شهادة الماستر في سوسيولوجية التنمية المحلية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 4 سنوات

    هذا هو الواقع للأسف