مجتمع

تحقيق.. هكذا هرب فرنسي معاد للمغرب آلاف القطع الأثرية للخارج

تحت جسر الإعلانات الرسمية عن تشديد اليقظة على الحدود والتربص بمهربي الآثار، وعلى ضفاف الاتفاقيات الدولية المحتفى بها حول آثار استرجعها المغرب وأعادها إلى موطنها الأصلي، تجري مياه كثيرة يعبر على سطحها حاملون لصفة “الباحث” إلى بر الأمان في عمليات تهريب قطع ولقى أثرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ (القطعة الأثرية لدى علماء الآثار: هي كل شيء صنعه الإنسان في الماضي مثل أداة أو عمل فني أو غيره، واللقى: هو ما يعثر عليه ملقى أو ضائعا، والعثور عليه يتم في أغلب الأحيان خلال عمليات الاستكشاف المنظمة).

جريدة “العمق” تسلط الضوء خلال هذا التحقيق على واحدة من أكبر عمليات التهريب الأثري، وسرقة ثروة علمية وثقافية ورأسمال سياحي وتنموي من نوع فريد، وتكشف خلاله معطيات صادمة خلط فيها “باحثون / مهربون” السياسي بالعلمي، وتلقى فيها المغرب طعنة غادرة مست سيادته وأساءت إلى قضية الوطنية الأولى.

عمليات تهريب تطرح أكثر من سؤال على السلطات المسؤولة على القطاع الثقافي والأثري للمغرب، ودور جمارك الحدود في حماية تاريخ وطن عريق ممتد إلى أقدم عصور ما قبل التاريخ، سيما وأن المعطيات التي وقفت عليها جريدة “العمق” كشفت أن من بين مهربي الآثار من يتحدى الباحثين المغاربة بقدرته على دخول الأراضي المغربية والخروج منها بكل أريحية وتنظيم عمليات تنقيب ميدانية دون الحاجة إلى ترخيص، ودون تعرضه للمساءلة حتى وإن تم القبض عليه في بعض العمليات التي استهدف معظم الأقاليم الجنوبية للمغرب.

من هنا بدأت القصة

بدأت فصول هذا التحقيق الذي استمر ما يجاوز الشهرين، بخبر موثوق حول تصدي باحثين وغيورين على التراث المغربي لعملية تنقيب سرية وغير مرخصة لمجموعة من الأجانب ويترأسها “باحث” فرنسي، شهر مارس 2016، وذلك على مستوى منطقة الغشيوات في إقليم السمارة جنوب المغرب، وتمكن عناصر الدرك الملكي من توقيفه متلبسا بحيازة شظايا بيض النعام المزخرف والمنقوش والأدوات الحجرية وقطع الفخار المزخرفة النيوليتية.

الخبر الذي أسره مصدر مسؤول لجريدة “العمق” أكدته مراسلة بعثتها هيئات علمية ومنظمات من المجتمع المدني متخصصة في ميدان المحافظة على التراث الأثري إلى وزارة الثقافة، أكدت فيها أن الفرنسي المدعو ألان رودريغ تعرض للتوقيف لكن دون أن تتم إحالته على القضاء أو تحريك أي متابعة في شأنه.

واكتملت الصورة الأولية للتحقيق بعد أن وصل إلى علم جريدة “العمق” زيارة باحثين مغاربة لرودريغ واطلاعهم على متحف شخصي أقامه داخل منزله، يضم ما يزيد عن 30 ألف قطعة أثرية كلها من أصل مغربي، وتعود لمختلف عصور ما قبل التاريخ ابتداء من العصر الحجري السفلي إلى العصر الحجري الحديث، كما أبرز مصدر “العمق” أن رودريغ يباهي بتمكنه من العبور عبر الحدود محملا باللقى والقطع الأثرية دون أن يتعرض لأي توقيف أو مساءلة، سواء خلال فترة إقامته بالمغرب أو بعدها خلال الزيارات المتتالية، الأمر الذي أكده لجريدة “العمق” مصدر جامعي ذو صلة بالباحثين المغاربة المذكورين.


توقيفات متكررة وتحد علني

جريدة “العمق” حاولت البحث في تاريخ الباحث “آلان رودريغ Alain Rodrigue “، والذي يعرف نفسه على موقع التواصل الاجتماعي الخاص بالبحوث العلمية والأكاديمية  “Researchgate”، بـ”الباحث في الفن الصخري والتيبولوجيا الحجرية بالمغرب”، وأنه “صاحب مشروع جرد المواقع غير المنشورة”، وأدى هذا البحث إلى اكتشاف أن رودريغ سبق أن تم توقيفه عدة مرات من طرف السلطات المغربية متلبسا بالتنقيب السري عن القطع الأثرية دون أن تتم تحريك أية متابعة قضائية في حقه.

وسبق أن تم توقيف الفرنسي المذكور في بداية تسعينات القرن الماضي في منطقة أوكيمدن المتواجدة بأعالي جبال الأطلس الكبير بإقليم الحوز، بل إن السلطات في الإقليم سبق لها أن وجهت له إنذارا مباشرا عقب ضبطه في عملية تنقيب سرية، كما أنه كان موضوع بحث من طرف مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية بالحوز.

الباحث ذاته الذي مازال مستمرا في بحوثه غير المرخصة كان موضوع تنبيه صدر عام 2017  من طرف المعهد الوطني لعلوم الأثار، وهو المؤسسة التي يخول لها القانون المغربي حماية الآثار والترخيص لعمليات التنقيب الميداني، وكان رودريغ حسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة “العمق” موضوع مراسلة من وزارة الثقافة إلى وزارتي الداخلية والخارجية في العام ذاته.

ورغم كل ذلك، بقي الفرنسي العضو في “جمعية أصدقاء الفن الصخري الصحراوي” التي تضم أعضاء من المغرب ومن عدة دول أوروبية، (بقي) مستمرا في التنقيب وجمع اللقى والأدوات الحجرية، وفي القيام بالتحريات الميدانية غير المرخصة، وتأليف مقالات علمية حولها مصحوبة بصور تلك القطع وجداول تفصيلية بأماكن جمعها وبعددها ونوعها والفترة الزمنية التي تنتمي إليها، وهو ما اطلعت عليه جريدة “العمق”.

من هو ألان رودريغ؟

ردوريغ ولد في مدينة الدارالبيضاء في عهد الاستعمار الفرنسي من أب كان إدرايا رفيع المستوى لدى سلطات الاستعمار، وعاش فيها إلى استقلال المغرب وانتهاء مهام والده لدى الإدارة الفرنسية بالمغرب.

بعد دراسته للأدب وحصوله على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، ثم شهادة دكتواره في “ما قبل التاريخ”، عاد إلى المغرب للاشتغال أستاذا بثانوية فيكتور هيكو بمراكش التابعة للبعثة الفرنسية بالمغرب، وأقام بالمدينة الحمراء إلى أن حصل على التقاعد قبل سنوات قليلة.

حصل رودريغ على الدكتوراه في جامعة فرنسية بعد مناقشته لأطروحة حول “النقوش الصخرية في الأطلس الكبير”، أكد مصدر مطلع على الملف أن البحث الميداني الذي أجراه خلال إعداده للأطروحة كان “البحث الميداني الوحيد المرخص له”، طيلة مساره الذي بدأ منذ  منتصف ثمانينات القرن الماضي.

ونشر ما يزيد عن 180 مقالة وبحث حول الفن الصخري والأدوات الحجرية بالمغرب، وله ستة كتب في الموضوع ذاته.

اعتراف وتوثيق

لتعميق البحث في القضية عادت جريدة “العمق” إلى مؤلفات “الباحث” الفرنسي ومقالاته المنشورة على المواقع العلمية بالشبكة العنكوبتية، وتأكد لها ما رواه لها باحثون، إذ أن رودريغ يعترف في كل كتاباته بحيازته لقطع أثرية وأدوات صخرية تعود لفترة ما قبل التاريخ، ويعزز مقالاته بصور لما جمعه في عمليات التنقيب التي استمرت لما يزيد عن 30 عاما، شملت مختلف مناطق المغرب وتركز أغلبها في منطقة الصحراء المغربية.

وفي كتابه المعنون بـ” المساهمة في دراسة ما قبل التاريخ في الصحراء الغربية”، والذي خلط فيه الجانب العلمي بالسياسي اعترف رودريغ بحيازته لما يزيد عن 12 ألف من القطع واللقى الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

وصرح في الكتاب المنشور من طرف “منشورات الهارماتان”، أنه نظم بين سنتي 2001 و2004 أربع زيارات ميدانية لمنطقة الساقية الحمراء، استمرت كل واحدة منها بين 4 و5 أيام، “تم خلالها جمع ما يزيد عن 1000 أداة” على حد تأكيده.

كما اعترف في مقال آخر اطلعت عليه جريدة “العمق”، بسرقة مزهرية عمرها يزيد عن 3500 سنة، خلال تنقيب بالقرب من منطقة سيدي الشرقاوي، واعترف كذلك بأخذ ما مجموعه 320 قطعة مختلفة من المناطق القريبة من آسا بالصحراء المغربية.

ووصل عدد المقالات التي نشرها رودريغ حول الآثار والنقوش الصخرية المغربية في المجلات العلمية المتخصصة، بعد عمليات تنقيب غير مرخص لها، حسب جرد قام به باحثون مغاربة، إلى 169 مقالة في حدود سنة 2011.

مزهرية أثرية عمرها أكثر 3500 سنة أخذها رودريغ من منطقة سيدي الشرقاوي

عداء معلن وإساءة للسيادة المغربية

جرأة الباحث الفرنسي الذي يفترض فيه الوفاء لمسقط رأسه وموطن عمله سنوات طويلة، لم تتوقف عند التهريب والإساءة العلمية والثقافية للمغرب، بل تعمد في جميع كتاباته التي اطلعت عليها جريدة “العمق”، إطلاق عبارة “الصحراء الغربية” على الأراضي الصحراوية المغربية، كما يتعمد فصل الأقاليم الجنوبية عن المغرب في جميع الخرائط المصاحبة لمقالاته.

والأدهى والأمر أن الباحث الفرنسي الذي يدخل ويخرج من الأراضي المغربية ويتجول بكل حرية في مختلف ربوع المملكة، أعلن صراحة في الكتاب المذكور أعلاه دعمه الكامل والمباشر لانفصال الصحراء عن المغرب، ووصف المسيرة الخضراء التي استرجع بها المغرب أقاليمه من الاحتلال الإسباني بـ”الغزو المغربي سنة 1975″، ودعا إلى تسليم السلطة إلى الجمهورية الوهمية.

وأورد رودريغ في كتابه المذكور “بعد وفاة الملك الحسن الثاني عام 1999، تم السماح بكل الآمال وكان الوطنيون الصحراويون سعداء بالحلم بتخفيف النظام المغربي والوعي من جانبه بالرغبة في الاستقلال من أهل الصحراء الغربية”، وتابع في الفصل ذاته “لكن في عام 2004، بعد سنوات من المماطلة التي لا نهاية لها والتمزقات البنيوية، استدار المغرب مرة أخرى برفض أي فكرة عن تقرير المصير، ووضع نفسه في أعين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حالة عدم شرعية تامة”، على حد قوله.

وواصل رودريغ هجومه على القضية الوطنية المغربية بزعمه “اليوم ، لم تعترف أي دولة، حتى بين تلك التي تعتبر حليفة للمغرب، وفي المقام الأول فرنسا، بسيادته على الإقليم، فيما قد تعترف ما يقارب ثمانين دولة دبلوماسيًا بالبوليساريو، وحق الشعب الصحراوي في استفتاء حول تقرير المصير”.

ولم تتوقف إساءة الأستاذ المتقاعد ومهرب الأثار المغربية عند هذا الحد، بل وصف استرجاع الأقاليم الجنوبية من الاستعمار الفرنسي سنة 1975 بـ”الغزو المغربي”، وأن “الوصي الوحيد الذي سيدعم البحث العلمي بالمنطقة هو البوليساريو”، وغيرها من العبارات العدائية التي استدعاها لتبرير انحيازه السياسي في الكتاب الذي يتفرض أنه علمي ويتطرق إلى مرحلة ما قبل التاريخ لا إلى التاريخ المعاصر.

الخريطة التي نشرها رودريغ مع إعلان رحلته الأخيرة إلى المغرب.. تعمد بتر الصحراء عن المغرب

تنقيب سري تحت لواء السياحة

جريدة “العمق” طرحت سؤالا على مصدر مسؤول فضل عدم ذكر اسمه، عن الوسائل التي يعتمدها رودريغ في التحايل على القانون والاستمرار في علمياته غير المرخصة، فكان الجواب أن الفرنسي يواجه السلطات كلما تم توقيفه بكون رحلاته مجرد سياحة واستكشاف للمناطق الصحراوية.

غير أن جريدة “العمق” جمعت أدلة من مواقع سياحية على الشبكة العنكوبية أعلن فيها رودريغ عن رحلاته إلى المغرب أشهرا قبل موعدها، وشرح أسبابها ودواعيها الحقيقية إضافة إلى المبالغ التي يجب على الراغبين في المشاركة دفعها، وكان في كل مرة يعلن أن الهدف الرئيسي من الرحلة هو التنقيب عن الآثار والنقوش الصخرية في مناطق بالصحراء المغربية.

وينسق رودريغ في هذا المجال مع عضوين آخرين من جمعية أصدقاء الفن الصخري بالصحراء وهما ” إيف كوتيي وزوجته كريستسن كوتيي” (Yves et Christine Gauthier) اللذين بدآ نشاطهما في ليبيا قبل نقله بسبب الظروف غير الآمنة بها في السنوات الأخيرة إلى المغرب حيث سارا على نفس درب رودريغ في القيام بتحريات ميدانية غير مرخصة في كامل الجنوب المغربي، ونشر مقالات علمية بدون ترخيص وتضرب في الوحدة الوطنية بإدراجها لخريطة المغرب مبتورة من صحرائه.

آخر زيارة نظمهار ودريغ والزوجان كوتيي إلى منطقة الصحراء تمت خلال شهر أكتوبر الماضي واستمرت قرابة أسبوعين، بتكلفة 1700 أورو (قرابة 18 ألف درهم) انطلقت من العاصمة الفرنسية باريس نحو مطار أكادير ومنه إلى عدد من المناطق جنوب المغرب، وخصصت للتنقيب عن النقوش الصخرية في المناطق الصحراوية.

ووفق ما تم نشره مع الإعلان الدعائي للرحلة على أحد المواقع الفرنسية المتخصصة في الرحلات فإن الهدف من الرحلة هو البحث عن مواقع للنقوش الصخرية والآثار التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، وكانت أولى محطات التنقيب في منطقة فاسك شرق مدينة كلميم، وبعدها عدد من المناطق المتواجدة بالأقاليم الجنوبية وبمحاذاة وادي درعة، كما يبين البرنامج أسفله.

تنبيه قديم لوزارة الثقافة

وفي خضم تنقيبها في تفاصيل الملف، حصلت جريدة “العمق” على مراسلة سبق أن وجهتها ثماني هيئات مهتمة بحماية وتتمين الفن الصخري والتراث الأثري إلى وزير الثقافة والاتصال السابق محمد الأعرج، موقعة بتاريخ 17 ماي 2019، تحذر من خلالها تعرض القطع الأثرية للسرقة من مناطق عدة بما فيها منطقة الصحراء.

وذكرت المراسلة المذكورة أن عددا من المنقبين الأجانب المنضوون تحت لواء “جمعية أصدقاء الفن الصخري الصحراوي”، أجروا بالمغرب في السنوات الأخيرة عددا من الزيارات الميدانية والأبحاث التنقيبية “غير قانونية”، وذكرت مشاركة الباحث الفرنسي المذكور في تنقيب غير قانوني حول الآثار الجنائزية في منطقة أوكايمدن بإقليم الحوز، وإشرافه على دراسة سرية للمواقع الأثرية والصخرية المغربية، إضافة إلى تورطه في “سرقة الحفريات” و”انتهاك أحكام القانون 80-22 بشأن الحفاظ على المباني التاريخية والمناظر الطبيعية والنقوش والأشياء والتحف بشكل صارخ”.

الوثيقة المذكورة، والتي تحتفظ جريدة “العمق” بنسخة منها تحمل توقيع كل من الجمعية المغربية للفن الصخري، والجمعية المغربية للتراث، وجمعية “ميران” لحماية الآثار، والمنتدى الوطني للشباب في الصحراء، ومركز الدراسات والأبحاث حول المجال المغربي، والمرصد الوطني للتراث الثقافي، والمنتدى الوطني لطلاب الدكتوراه في العلوم الإنسانية، أصدرتها عقب اجتماع خص مناقشة ما أسمته “الجرائم الخطيرة من قبل بعض أعضاء جمعية AARS ، المرتكبة لسنوات ضد التراث الأثري للمغرب”.

ودعت الهيئات المذكورة إلى إجراء تحقيق عاجل في مصير “العينات الأثرية والحفرية المسروقة والمكتسبة بطريقة غير قانونية من عشرات المواقع الأثرية المغربية (الأطلس المتوسط​​، آسا، طانطان، أقا، تيسينت ، الحوز ، تافيلالت ، تاروما ، كاب سيم ، القنيطرة…) منذ التسعينيات من القرن الماضي”.

كما أدانت “دخول هؤلاء الأشخاص إلى المغرب، والمعروفين بمواقفهم وبياناتهم المعادية لقضيتنا الوطنية، خاصةً في كتاب “الساقية الحمراء” (2011) لآلان رودريغ، والذي داس خلاله أخلاقيات البحث العلمي فدعم الأطروحة الانفصالية ووصف المغرب بالدولة احتلال استعماري”.

أدوات حجرية اعترف رودريغ في مقال “علمي” بأخذها من المغرب

 

منذ الاستعمار

الباحث في آثار ما قبل التاريخ الحمري مصطفى أفاد في اتصال بجريدة “العمق” أن سرقة القطع الأثرية والثروات الثقافية التي تزخر بها منطقة الصحراء بدأ منذ عهد الاستعمار الإسباني للمنطقة، حيث كانت المواقع الأثرية هدفا للجنود الذين نهبوا لوحات وأدوات صخرية من مناطق السمارة والعيون والساقية الحمراء، وكانوا يؤثثون بها ثكناتهم العسكرية.

وأضاف أن سرقة التراث الثقافي لم يكن حكرا على منطقة الصحراء لوحدها، بل عم كل التراب المغربي وعدد من المستعمرات السابقة، مؤكدا أن عدد من القطع التي تعود إلى مختلف عصور ما قبل التاريخ معروضة حاليا بمتاحف عدة خارج المغرب، ومشار إلى أن أصلها من منطقة الصحراء.

وأكد المتحدث أنه وقف شخصيا على مواقع على الشبكة العنكبوتية تعرض قطع بيض النعام المنقوش التي تم تجميعها من منطقة تاروما جنوب العيون للبيع، وأن أخرى يتم عرضها بأحد متاحف هولندا بالتصريح المعلن أن أصلها من منطقة الصحراء المغربية، كما أبرز أن قطعا أخرى يتم عرضها في متاحف ببرشلونة ومدريد وسانت إيتيان.

وطالب الحمري في حديثه لجريدة “العمق” وزارة الثقافة بالتدخل من أجل إرجاع القطع الأثرية إلى موطنها الأصلي، واستثمارها في البحث العلمي أو في البعد التنموي عبر عرضها في متاحف واستثمارها في الجانب السياحي، كما أبرز أن الجمارك تتحمل جزءا من المسؤولية عن تهريب هذه الثروات الثقافية من المغرب.

ودعا الباحث في آثار ما قبل التاريخ، الجامعات المغربية إلى تشجيع أبناء المناطق التي تزخر بالقطع الصخرية الأثرية والذين يتابعون دراستهم بشعبة التاريخ إلى البحث في هذا الجانب، والقيام بدراسات ميدانية من أجل تجميع اللقى والقطع، وكذا تشجيع انفتاح الدراسات في هذا الجانب على البعد الميداني وعدم الاكتفاء بالنظري.

لائحة نشرها رودريغ في أحد مقالاته عن قطع أثرية أخذها من منطقة آ

رودريغ.. ملف أسود

وقال الحمري إن الفرنسي ألان رودريغ أصبح “ملفا أسودا” لدى الباحثين المغاربة، خصوصا وأنه يتحداهم على الدوام بقدرته على دخول المغرب والخروج منه كيفما شاء، والقيام بعمليات تحري وتنقيب ميدانية في المناطق التي يريدها، دون أن يتم منعه أو توقيفه.

وأضاف أن عددا من الباحثين والهيئات المهتمة بالمجال سبق لها مراسلة المسؤولين، كما أن عددا من الغيورين على التراث الصخري المغربي بمنطقة الصحراء تمكنوا مؤخرا من إحباط عملية تهريب رودريغ لعدد من القطع الأثرية التي جمعها بمنطقة الغشيوات نواحي السمارة، “غير أن السلطات لم تتعامل بالصرامة اللازمة مع رودريغ ولم تتابعه قانونيا”، يقول الحمري.

نقوش أخذها رودريغ من نواحي مدينة الناظور

شهية مفتوحة

يبدو أن تساهل السلطات مع ألان رودريغ الذي قد يحتمي بجنسيته وأصوله الفرنسية، من شأنه أن يفتح شهية ناهبين آخرين للآثار في السطو على الموروث الثقافي والتراثي للمغرب، وهو ما بدا جليا باختيار الزوجين الفرنسيين إيف كوتيي وكريستسن كوتيي المغرب دون غيره بديلا عن ليبيا بعد اندلاع الحرب بالبلد.

كما يمكن أن يكون رودريغ بعدائه الصريح للمغرب وتحديه المعلن للباحثين المغاربة، مجرد شجرة تخفي وراءها غابة من النهب والاعتداء، بل ومن التنسيق مع خصوم المغرب والاشتغال في مجالات أخرى تتعدى البحث العلمي إلى ما يمكن أن يشكل خطرا على البلد ومسا بسيادته واستهدافا لقضاياه الوطنية الحساسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 4 سنوات

    حفظ الله بلدنا من كل سوء !