مجتمع

جرائم قتل الأطفال.. تطور خطير ينخر جسد المجتمع المغربي

*وديان أيت لكتاوي – صحفية متدربة

اهتزت مدينتي العرائش وسلا على وقع جريمتي قتل بشعتين، هذا الأسبوع، راح ضحيتهما طفلان تتراوح أعمارهما بين 5 و7 سنوات، ما خلف استنفارا داخل المجتمع المغربي، وخلق حالة من الذعر والفزع بين أوساطه، باعتبار أن الجريمتين وقعتا بأحياء شعبيةّ، ولم يكن الفارق الزمني بينهما إلا ساعات قليلة.

الأسباب
وضحت الدكتورة في علم النفس خلود السباعي بأن الجريمة قد صاحبت الإنسان على مر التاريخ، إلا أن ما يثير الانتباه هو ارتفاع نسبتها في مجتمعنا، والأسباب في ذلك متعددة إلا أنها تعود بدرجة كبيرة إلى العوامل السوسيواقتصادية للأفراد، وإلى الفوارق الاجتماعية التي تزداد اتساعا، بازدياد نسبة البطالة والفقر.

وقالت السباعي في تصريح لجريدة “العمق” بأن “هذا ينعكس على الجوانب السيكولوجية للأفراد وعلى تصرفاتهم، وفي مقدمتها علاقاتهم الاجتماعية، ففي ظل الفقر والشعور بالحرمان، تتراكم أسباب الإحباط، فيبقى من المحتمل أن يؤدي إلى العنف، بجميع أشكاله، سواء العنف ضد الذات أو ضد الآخرين”.

وأضافت المتحدثة، أنه كلما تعلق الأمر بالشباب كلما تعمق الإحساس بالتهميش، مما يساهم في توجهم نحو المخدرات، ومن ثمة نحو ممارسة العنف والاعتداء على الآخر.

تطور خطير
كما اعتبرت الدكتورة السباعي بأن مسألة الاعتداء على الأطفال، تتعلق بوجود تغير أو تطور ما في طبيعة الجريمة بالمغرب، وذلك لأن العنف غالبا ما كان يستهدف الفئات الهشة والضعيفة وبناء على ذلك الأطفال إلى جانب النساء، بسبب وضعهم المتدني في المجتمع، باعتبارهم ضحية سهلة بالنسبة للمعتدي.

وأرجعت ذلك إلى أسباب في مقدمتها، “أنه يصعب على الطفل الدفاع عن نفسه، التعبير عن العنف الممارس عليه، إدراك السلوك بأنه سلوك عنيف، كما أنه تسهل استمالة الطفل والتأثير عليه وتهديده بعدم التبليغ عن العنف الممارس عليه”.

وفي بعض الأحيان وفي حالة تبليغ الطفل عن العنف، تضيف السباعي، فإنه قد لا يتم تصديق كلامه وأخذه مأخذ الجد، كل هذه العوامل شأنها أن تجعل من الطفل فريسة سهلة بالنسبة للمعتدي.

وتأسفت السباعي على تواجد الأطفال بالشوارع في أوقات متأخرة من الليل أحيانا، فيصبح الطفل عرضة للاعتداء والعنف بشتى ألوانه، وردته لأسباب متعددة منها ما يتعلق بتقصير من الأسرة، ومنها ما يتعلق بغياب وجود مرافق خاصة بلعب الأطفال في بعض الأحياء الشعبية على وجه الخصوص، مما يؤدي إلى تعرضه لأي تعنيف من الآخرين، والتي قد تصل إلى حد القتل كما حصل مع حالة طفل سلا.

وأكدت على قدم ظاهرة العنف الممارس على الأطفال، فقد مثلوا على مر التاريخ ضحايا العنف الأسري. بدء من العنف اللغوي، الجسدي، الاستغلال والتشغيل، العنف الجنسي، وذلك إلى حدود القتل كما حدث مع طفل العرائش. حيث توجهت إليه زوجة الأب بالضرب، مما تسبب في قتله.

انعكاس
وشددت المتحدثة على أن الانعكاس، لا يمكن إلا أن يكون خطيرا ومدمرا، إذ تتجلى خطورته على مستوى تحقيق السلم والشعور بالأمن والأمان، ومدمرة لما تخلفه على المستوى السيكولوجي من شعور بالخوف، بما ينتج عنه من سعي إلى تبني ثقافة العنف والتطبيع معه وتبريره باعتباره وسيلة للدفاع عن النفس أو حماية الذات أو غيرها من الأسباب.

وخلصت الدكتورة السباعي في تصريحها إلى أن المجتمع المغربي يحتاج إلى الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وكذلك الاهتمام بالتربية والتعليم، تلك هي المفاتيح الأساسية للحماية من هذه الظاهرة التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم، والتي لم يعد من الممكن التغاضي عنها أو اعتبارها مجرد حالات معزولة، تتعلق بشخص أحمق، أو متعاطي للمخدرات.

واعتبرت أنه لا يكفي أن نعتمد المقاربة العقابية أو القانونية تجاه المعتدي للحد من الظاهرة، وإنما يتعين علينا أن نطرح السؤال بخصوص الظروف التي أنشأت المعتدي، وسوف نلمس بأن العدالة والديموقراطية ومراعاة كرامة وحقوق الإنسان هي السبيل الأساسي لتعايشنا في ظل مجتمع لا نخاف فيه على فلذات أكبادنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *