منتدى العمق

روتيني اليومي وأحواله في زمن التكنولوجيا

أصبح اليوم إقبال متزايد على مشاهدة الفضائح والفيديوهات الفارغة الخالية من أي محتوي التربوي أو الفكري, الذي من شانه أن يساهم في الارتقاء بالوعي الثقافي الخاص بالمغاربة , لكن أمام هذا الوضع الكارثي الذي أصبحنا نعيش فيه, في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل ,لدرجة أننا لم نعد نميز بين الأبيض والأسود ,فقد صار كل شيء يتم استعراضه بطريقة فرجوية ,هدفها الأساسي هو البحث عن متابعين من اجل تحقيق أرباح مادية ولو على حساب القيم المرجعية ,التي تربينا عليها المتمثلة تحديدا في ثقافة حشومة التي كانت بمثابة براديغم أخلاقي ,الذي ساهم في تحقيق نوع من الانضباط التربوي في علاقتنا بالآخرين ,الذين كانوا يربطنا بيننا وبينهم علاقة أخلاقية مبينة على الاحترام والتقدير, لدرجة أن الطفل لم يكن يستطيع أن يتكلم في حضرة أبيه أو أمه لو على سبيل التنكيت أو الضحك ليست غايتنا أمام هذا الطرح أن ننتصر للقيم مرجعية على حساب قيم أخرى, ولكن هدفنا الأساسي أن هو نرصد هذا التحول الجارف ,الذي لا يمكن لأي أحد أن يمنع جريانه المتدفق خصوصا ,وأننا أصبحنا نستمد قيما فكرانية من داخل وسائل التكنولوجية الحديثة التي هي في نهاية المطاف إفراز للمكبوت لاشعوري ,الذي نستبطنه في دواخلنا لكننا عندما نجد المكان المناسب لذلك نقوم بإفرازه بطريقة مشوهة ,لذلك ليس من باب الصدفة أن نجد مثل هذا النوع من الفيديوهات المتمثلة تحديدا في : ( روتيني اليومي , مقلب زوجتي , فضيحة فلانة او فلان …) فلا غرابة أن يصبح للفضيحة رواد في مجتمع التلصص على حد تعبير مصطفى الشكدالي , خصوصا وان كلمة فضيحة صارت ملازمة لنا كل تعلق الأمر بالمجتمع المغربي لدرجة أننا حققنا الاستثناء في كل شيء حتى فالجرائم والأحداث التي أصبح يتم تداولها في القنوات العالمية ولان العالم اليوم صار عبارة عن قرية صغيرة لم يعد هناك مجال للخصوصي وقد لاحضنا هذا الأمر في أكثر من مناسبة فكم من الأحداث المحلية صارت قضية رأي عالمي لذلك علينا انحطاط خاصة من قبل بعض المنابر الالكترونية التي تتعامل مع بعض الأحداث بنوع من التشهير والتلاعب بعقول الناس في المنحى السلبي مع أن هناك العديد من القضايا التي ينبغي التعامل معها بنوع من الاحترافية والمسؤولية لان إصلاح المجتمع مسؤولية جماعية تبدأ بالإعلام الذي أصبح السلطة الأولى التي يراهن عليها في المستقبل القادم .

* باحث في علم الاجتماع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *