وجهة نظر

نحو سياسة عمومية حمائية للأسرة المغربية

ان الحديث عن الاسرة المغربية جاء بعد بروز مؤشرات دالة تهدف الى تقييم وضعها حسب اهداف السنة الدولية للاسرة والابعاد القانونية المتعلقة بالاسرة من خلال التطرق الى الاطار القانوني –مدونة الاسرة والتشريعات والسياسات الوطنية ،كما انه لا ننسى ان العولمة أصبحت تشكل هاجس وتحول لتمثلات قيم الاسرة المغربية من خلال أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع التأكيد على أن العائلة المغربية بوظائفها القيمية والروحية وتداعيات العولمة الاجتماعية وأثرها على الاسرة والشراكة والادوار الاجتماعية في الاسرة .

كما ان الهشاشة والفقر والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بالهجرة والاتجار بالبشر جعل مفهوم الامن الاجتماعي حاضرا وذا تأثير على أوضاع الاسرة المغربية.
تبقى الوثيقة الدستورية –دستور 2011-المرجع الأصيل في نسج السياسات العمومية الاجتماعية ،لذلك فالتعاقد الاجتماعي الذي نص عليه الدستور ،شكل تحولا في الشمهد السياسي العام ،حيث أن ميزات هذا التعاقد انه أسس لتحول مؤسساتي فيما يخص التنصيص على فكرة الحكامة الجديدة والجهوية المتقدمة ،وتوزيع للسلط وتعايشها ،وتكريس حقوق الانسان.

كما أن الخطاب الملكي بما يشكل آلية تأطيرية لنسق السياسات العامة بالمغرب ،دعى في كل المناسبات الى ضرورة بناء النموذج التنموي الاجتماعي ،وهذا يدل على القناعة المبدأية الراسخة في ضرورة ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية .

كما أن هذا التراكم في الممارسة العامة ولد قناعة أننا بحاجة الى ادخال مضادات حيوية منعشة للجمود الذي تعرفه سياساتنا العامة ،وبالرجوع الى الاستراتيجيات الكبرى الداعمة لتوجهات الدولة العامة ،فانها تعاني من ازمة ،من أسبابها غياب المساواة .

إزاء هذا التحول العميق في تناول قضايا الاسرة المغربية، واستحضارا لما تم تحقيقه من نتائج تبقى مشجعة لكنها تحتاج الى إعادة التأهيل والتقييم والتعرف على جوانب الخلل لإعادة تصحيح مساراتنا في فهم وتحليل وتعريف الاسرة كما ان التمكين للأسرة أصبح حقا دستوريا على اعتبار ان الاسرة نواة اجتماعية واقتصادية قد تساهم في الاقتصاد الاجتماعي والدفع بعجلة التنمية .

هل نحن بحاجة الى تقييم ومراجعة ما تم تنفيذه بعد مضي عقد ونصف من تنزيل مدونة الاسرة ،وهل جعل النقاش القانوني والسياسي هو الضابط المتحكم في تناول قضايا الاسرة ،الا يشكل هذا تعثر لدينامية التحول المجتمعي للأسرة المغربية ،ام نحن بحاجة الى عرض الإنجازات ودراستها وتقييمها للتفكير الهادئ باستراتيجية وطنية التقائية للأسرة بأبعادها الشمولية ،الحمائية والتنموية والحقوقية والجهوية والترابية ؛

وكذلك لتحديد العقبات التي حالت دون تحقيق الأهداف التي وضعت في العديد من الملتقيات والاتفاقيات والهيئات ، وطرح الحلول العملية لتخطي العقبات وتحديد الخطط والإجراءات المستقبلية التي تساعد في تحقيق الأهداف المرجوة لتمكين الأسرة

توصيات في اعداد سياسة حمائية اسرية

توجه التوصيات التالية إلى الحكومة المغربية بطابعها الاجتماعي الاقتصادي وإلى المنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والإقليمية والدولية المعنية بالأسرة، آخذين في الاعتبار أهمية تنفيذ التوصيات، بحيث تكون عند تنفيذها إطاراً عملياً يساعد على التحليل الموضوعي والعلمي للتغيرات والتحديات التي تطرأ على المجتمع المغربي وعلى تماسك الأسرة المغربية،على اعتبار اننا نعتبرها خارطة طريق في تحقيق النموذج التنموي بالمغرب

ويمكن أن تنطلق هاته السياسة الحمائية للاسرة المغربية تنطلق منمجموعة من الإجراءات الداعمة ونجملها في الاتي :

– بلورة الأهداف ذات الأولوية لتنمية ودعم وتمكين الأسرة، ودمجها في سياساتها الإنمائية العامة منها والقطاعية، ووضع خطط عمل ذات مراحل زمنية محددة لتحقيق هذه الأهداف؛

– عدم الاكتفاء بالنص على المقاربة الحقوقية في التشريعات دون تنزيلها في الواقع عن طريق تدابير وبرامج واقعية وملموسة ، بل العمل على التعريف والتوعية بهذه الحقوق والتمسك بها ووضع الضمانات الكفيلة بممارستها الفعلية، وتضييق الفجوة بين النص والتطبيق؛

مراجعة القوانين ذات الصلة بالأسرة، بما يكفل دعم تماسكها وحمايتها وتمكينها من القيام بأدوارها ووظائفها وتطويرها لتواكب التغيرات الإقليمية والدولية على الأصعدة الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ؛

-تحديد الاحتياجات في بناء القدرات البشرية بهدف تطوير خبرات ومهارات العاملين في المؤسسات والهيئات والمجالس أو اللجان الوطنية، والقائمين على المشاريع والبرامج من مختلف المؤسسات المعنية الحكومية منها وغير الحكومية ؛

إنشاء بنك معلومات شامل حول الأسرة (المرصد الوطني للدراسات والأبحاث الاسرية ) لتعميمها والاستفادة منها؛

ضرورة تعزيز رسالة الإعلام في إبراز الأدوار الإيجابية للأسرة ونسق القيم العربية لتهيئتها لمواجهة التقلبات والتغيرات، ولا سيما تلك الناتجة من العولمة وثورة المعلومات؛

دعم وحماية الأسر في المهجر لتعميق تواصلها مع مجتمعاتها وتوفير سبل حفاظها على هويتها الحضارية ومساهمتها في بناء هذه المجتمعات؛

إيلاء الأسرة المهاجرة الأهمية في الادماج في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بما يضمن المساواة والكرامة .

انشاء بنك الاسرة والذي يهدف الى تمكين ذوي الدخل المحدود وأصحاب المشروعات متناهية الصغر لبناء مستقبل آمن عن طريق نشر قيم العمل الحر والمبادرة الذاتية لتحقيق التنمية المنشودة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *