اقتصاد، سياسة

مهنيون يبرزون القيمة المضافة لـ”الجيل الأخضر” في تطوير الفلاحة بالمغرب

أجمع مهنيون بقطاع الفلاحة، على أن الاستراتيجية الفلاحية الجديدة لتطوير القطاع الفلاحي “الجيل الأخضر 2020-2030″ التي أطلقها الملك محمد السادس إلى جانب الاستراتيجية المرتبطة بتطوير قطاع المياه والغابات “غابات المغرب”، ستشكل امتدادًا للنتائج التي حققتها مخطط “المغرب الأخضر” في تطوير وتثمين القطاع الفلاحي في مختلف جوانبه.

الاستراتيجيتان اللتان أطلقهما الملك خلال حفل بجماعة اشتوكة آيت باها، أول أمس الخميس، أوضح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش، أنهما ترتكزان على ترصيد المكتسبات التي حققها مخطط المغرب الأخضر، من خلال اعتماد رؤية جديدة للقطاع الفلاحي، وإرساء حكامة جديدة، ووضع إمكانيات حديثة رهن إشارة القطاع.

مشاريع كبرى

محمد العموري رئيس الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية “كومادير”، اعتبر في تصريح لجريدة “العمق”، أن هذه الاستراتجيتين تضمان مشاريع كبرى ومهمة جدا للاقتصاد الوطني، وذلك بعد انتهاء مخطط “المغرب الأخضر” الذي حقق نتائج جيدة على المستوى الوطني منذ إطلاقه سنة 2008.

وأوضح العموري أن المقصود بمصطلح الجيل في الاستراتيجية الجديدة “الجيل الأخضر”، هو الثورة البشرية، نظرا لكون المغرب لا يتوفر على مواد خام ليصدرها مثل البترول أو الغاز، بل له ثورة بشرية هائلة استطاعت دول أخرى بفضلها التطور سريعا عبر تكوينها وتنظيمها وتهذيبها.

وأضاف أن “تكوين الجيل ومنحه الإمكانات من البداية والاهتمام بابتكاراته ومواهبه وخلق فضاءات مواتية لتشجيع الشباب، خصوصا القروي، هي استراتيجية ناجعة تبنتها دولة متقدمة مثل اليابان وكوريا الجنوبية التي أصبحت تتباهى بمدخولها السنوي الفردي دوليا”.

وشدد المتحدث أن المنظور الجديد للاستراتيجية القاضي بدعم وتوسيع الطبقة الاجتماعية الوسطى الاجتماعية، أمر مهم، موضحا بالقول: “دعم هذه الشريحة وتكوينها وتوسيعها سيجعل المغرب يصعد مثل الصاروخ، لأن هذه الطبقة هي من تدعم دورة الاستهلاك والإنتاج”، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن “الجيل الأخضر” هي استراتيجية تُعنى بالفلاحة المستدامة لتكريس ثقافة الماء والبيئة وإعادة تدوير المياه العادمة لاستخدامها في الفلاحة، لافتا إلى أن “كل هذا مبني على العنصر البشري من خلال تكوينه والرفع من قيمته المضافة بالتعليم والتكوين المهني والتهذيب لتصبح مواطنته حقيقية منذ الصغر”.

دور المهنيين

العموري اعتبر أنه يجب الآن على المهنيين التعاون لتنزيل هذه الاستراتيجية الجديدة التي ستكون مبنية على الموارد البشرية، مع تنظيم وتقنين الأسواق الداخلية سواء البلدية أو الأسبوعية، إلى جانب المجازر، وذلك من أجل أن يستفيد الفلاح الصغير ومربي الماشية الصغير أيضا من هذه الأسواق والمجازر باعتباره الحلقة الأضعف في السلسلة.

وبخصوص مخطط “المغرب الأخضر”، قال المتحدث ذاته إنه كان مبنيا على التعامل المباشر مع السلاسل الفلاحية بما فيها التنظيمات المهنية والفلاحية، حيث كان تدخل الدولة يتم بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك عبر توجيه ميزانيتها لدعم الفلاح الصغير ومربي الماشية الصغير في الأراضي البورية والجبلية ودعم الصحاري والواحات، وعبر إنجاز مشاريع هامة جدا.

وتابع أن تدخلات الدولة في إطار “المغرب الخضر” تمت أيضا عبر الإعانات وفتح الأسواق والغرس السقي والإنتاج، وهو ما حقق نتائح هامة خاصة في توزيع الأراضي ضمن شراكة بين الدولة والمستثمرين، مع تشجيعات خاصة فيما يخص التصدير بالنسبة للمقاولات، واعتمادات مالية في إطار صندوق التنمية الفلاحية، حسب قوله.

وأردف بالقول: “أفضل ما خرج به مخطط المغرب الأخضر هي التنظيمات المهنية، حيث خرجت 19 فيدرالية بيمهنية جمعتها كنفدرالية “كومادير”، حيث قاموا بقفزة نوعية فيما يخص التشاور حول الأسواق وحل المشاكل الترابية والتدخل مع الحكومة ووزارة الفلاحة، وأعطت دفعة خاصة للمخطط، كما أنهم سيواصلون في المرحلة الثانية مع استراتيجية الجيل الأخضر”.

دعامتين

من جانبه، قال رشيد بنعلي، رئيس الهيئة البيمهنية للزيتون والنائب الأول لرئيس الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية “كومادير”، إن الاستراتيجية الجديدة “الجيل الأخضر” جاءت بدعامتين، تهم الأولى التنمية البشرية في القطاع الفلاحي والعالم القروي، عبر دعم 650 ألف أسرة لرفع مستوى دخلها كي تصبح ضمن الطبقة الوسطى، مع تشجيع الشباب لخلق شركات ومقاولات فلاحية.

وأضاف في تصريح لجريدة “العمق”: “نتوقع أن يساهم المخطط الجديد في تشغيل 350 ألف شاب في هذه الأوراش وتوسيع المساحة الفلاحية بمليون هتكار، مع توفير تغطية صحية للفلاحين والتأمين على مخاطر الفلاحة”، لافتا إلى أنه “يتم حاليا تأمين مليون هتكار وهدفنا تأمين أزيد من 2 مليون هكتار من الحبوب والقطاني والمنتجات الزيتية والأشجار المثمرة”.

وبخصوص الدعامة الثانية، يضيف المتحدث، فهي تسعى إلى “تثمين مخطط المغرب الأخضر الذي أعطى الملك انطلاقته في 2008 إلى 2020، والذي قام بتنزيل 12 مخططا وخلق 19 عقد شراكة مع المهنيين، ما مكن من الوصول إلى النتائج التي كنا نتوقعها”، وفق تعبيره.

وتابع قوله: “غرضنا رفع الدخل الخام في قطاع الفلاح من 120 مليار درهم إلى 220 مليار في أفق 2030، وذلك بالزيادة في الإنتاج الفلاحي وتثمين المنتوج وخلق مصانع جديدة، ثم الوصول إلى الأسواق وتسويق منتوجات الفلاح داخل وخارج المغرب في ظروف جيدة”.

وأوضح أن هناك برنامجا لخلق 12 سوق جملة في مستوى عالي وتقنيات وتسيير جديدين، مع خلق 120 مجزرة مرخصة من طرف “أونسا” وبتجهيزات حديثة، ما سيعود بالنفع على المستهلك المغربي الذي سيثق في المنتوج الوطني، كما نفكر في 60 مليار درهم للتصدير”، وفق تعبيره.

وختم قوله: “الاستراتيجية الجديدة أعطت قيمة مهمة جدا للمهنيين وستتضاعف عدد التعاونيات والجمعيات 5 مرات، مع إعطاء ميزانية للفيدراليات وإنشاء عقود شراكة في إطار التكوين والإرشاد الفلاحي والتصدير والبحث العلمي، ولنا أمل كبير من أجل تطوير القطاع”، وفق تعبيره.

خطوط “الجيل الأخضر”

وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش، كان قد قدم في كلمة بين يدي الملك، الخطوط الكبرى للاستراتيجيتين الجديدتين “الجيل الأخضر 2020-2030″، و”غابات المغرب”.

وأوضح أخنوش أنه تم إعداد الرؤية الإستراتيجية الجديدة للقطاع الفلاحي استلهاما من التوجيهات الملكية الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للسنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان (12 أكتوبر 2018).

وأشار إلى أن الملك دعا في هذا الخطاب “لتعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي، وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي”، بهدف “انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، وجعلها عامل توازن، ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، على غرار الدور الهام للطبقة الوسطى في المدن”.

وأضاف أن هذه الاستراتيجية ترتكز على ترصيد المكتسبات التي حققها مخطط المغرب الأخضر، من خلال اعتماد رؤية جديدة للقطاع الفلاحي، وإرساء حكامة جديدة، ووضع إمكانيات حديثة رهن إشارة القطاع.

وتوقف أخنوش عند المنجزات المحققة في إطار مخطط المغرب الأخضر الذي أطلقه الملك في 2008، لاسيما توقيع 19 عقد برنامج، وتنزيل 12 مخططا فلاحيا جهويا، وإنشاء 4 وكالات جديدة، ودخول 4.500 نص قانوني وتنظيمي حيز التنفيذ، وتعبئة أزيد من 34 مليار درهم لدى الجهات الدولية المانحة.

وتابع أخنوش أن مخطط المغرب الأخضر مكن من تضاعف الناتج الفلاحي الخام والصادرات الفلاحية، والرفع من حجم الاستثمارات على المستوى الماكرو -اقتصادي، مشيرا إلى أن المخطط مكن، على المستوى الاجتماعي، من خلق فرص الشغل والرفع من معدلات تغطية الحاجيات الغذائية.

وفيما يتعلق بالاستدامة، مكن مخطط المغرب الأخضر من اقتصاد مياه الري، وتعزيز مقاومة الفلاحة وخفض الاعتماد على الزراعات المتوقفة على التساقطات، إضافة إلى إرساء دينامية لإدماج الفلاحة الصغيرة والمتوسطة، إذ استفاد منها 2.7 مليون فلاح، حسب أخنوش.

ولفت إلى أن القطاع الفلاحي المغربي يطمح اليوم للانتقال لمرحلة جديدة من تطوره، موضحا أن الاستراتيجية الفلاحية الجديدة ستعتمد على ركيزتين، وتهم الركيزة الأولى العناية بالعنصر البشري تفعيلا للتعليمات الملكية.

وأبرز أن ذلك تم من خلال انبثاق جيل جديد من الطبقة الوسطى الفلاحية، عبر تمكين 350 ألف إلى 400 ألف أسرة جديدة من الولوج لهذه الطبقة، وإفراز جيل جديد من المقاولين الشباب، من خلال تعبئة وتثمين مليون هكتار من الأراضي الجماعية، وتوفير فرص عمل لـ350.000 شاب.

وشدد الوزير على أنه سيكون بمقدور هذه الطبقة الوسطى الفلاحية والفلاحين الشباب الاعتماد على جيل جديد من التنظيمات الفلاحية المبتكرة عبر مضاعفة معدل تنظيم الفلاحين خمس مرات، وتعزيز دور التنظيمات البيمهنية.

وتتعلق الركيزة الثانية بمواصلة دينامية التنمية الفلاحية، من خلال تحفيز التنمية البشرية والاجتماعية. وأردف الوزير أن الرؤية الاستراتيجية الجديدة ستعمل على تعزيز السلاسل الفلاحية، بهدف مضاعفة الناتج الخام الفلاحي والصادرات والناتج الخام الفلاحي ليبلغ 200 إلى 250 مليار درهم بحلول سنة 2030، وتحسين مسالك توزيع المنتوجات من خلال عصرنة 12 سوق للجملة وأسواق تقليدية.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق أيضا، بمقاومة واستدامة التنمية الفلاحية وتحسين الجودة والقدرة على الابتكار، لافتا إلى أنه من المقرر منح الاعتماد لـ120 مجزرة عصرية، ومضاعفة المراقبة الصحية.

وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن تنفيذ هذه الاستراتيجية سيتطلب نموا لميزانية القطاع في حدود 2,5 بالمائة سنويا، ابتداء من سنة 2020.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *