منوعات

هل يستحق العدالة والتنمية كل هذه الحرب؟

لقد شهد العالم أن حزب العدالة والتنمية المغربي حزب وطني حتى النخاع، كما شهد بأنه حزب يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الشخصية لأصحابه وقيادييه أو الحزبية لتنظيمه وهياكله، وأن الإسلاميين الذين من ورائه هم الإسلاميون الأكثر اعتدالا فوق الكرة الأرضية والأكثر حرصا على أن يعم الأمن والاستقرار في البلاد، وأن تكون بلادا زاهرة تنعدم فيها الفوارق الطبقية وتعالج فيها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية…

وقد رأينا أن العديد من الدول والعديد من الشعوب قد تمنت لو كان فكر إخوان بنكيران هو الفكر الذي يتبناه الإسلاميون في بلدانهم حيث الحكمة منهجهم، وحب الوطن مبدأهم، ومناهضة التحكم ديدنهم، هذا التحكم الذي تجب محاربته لأنه سرطان يخرب البلاد، وينتقص من مقدساتها، ولا يتورع في المس بالوحدة الوطنية وإمارة المومنين، وقناة جلالة الملك محمد السادس، إن التحكم يجر البلاد يوميا إلى الخلف في الوقت الذي تتنافس فيه الدول للتقدم إلى الأمام نحو دمقرطة المشهد السياسي، وتطوير الاقتصاد والتعليم والصحة، والعمل على تقوية المؤسسات وتوثيق السياسة بتقوية الأحزاب لتصير أحزابا قادرة على صياغة خطاب سياسي قوي، ولها القدرة الكافية لتأطير المواطنين وتعبئة الجماهير في المحطات الوطنية الحاسمة.

إن حزب العدالة والتنمية يستحق ثقة النظام المغربي، لأنه حزب يؤمن إيمانا راسخا بأن هذه البلاد بلاد إسلامية ولها أمير هو أمير المومنين ولا يحتاج للدعوة إلى إقامة الإسلام لأن الإسلام في هذه البلاد قائم، ولا يحتاج إلى فكر انقلابي فعلى ماذا سينقلب وعلى من، إن الحركة الاسلامية في المغرب هي الحركة الإسلامية الوحيدة في العالم التي تعيش في كنف دولة إسلامية الدولة الإسلامية التي أسسها حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم المولى إدريس الأول، وزكى بيعته الإمام مالك رضي الله عنه ولذلك شرعا تعتبر بيعة أمراء المغرب هي البيعة الشرعية الوحيدة التي لازالت تمتد إلى العهد النبوي الزاهر.

إن الحرب الضروس التي تشن على حزب العدالة والتنمية، والتي في عمقها حرب على الأستاذ عبد الإلاه بن كيران، لكونه شخصية غير عادية ولاعتبارات أخرى.

ولا يدخل ضمن هذه الاعتبارات ما ذهب إليه بعض الجهال قصيرو الفهم وضيقو النظر، حيث أطلقوا سببا مضللا ليس صحيحا هو تعليلهم لهذه الحرب بأن شعبية بن كيران صارت أقوى من شعبية الملك، ونقول لهؤلاء هذا خبل، ولا يمكن مقارنة رئيس حكومة يجيء ويمشي بمن أجداده لهم أكثر من أربعة قرون وهم يتوالون على عرش البلاد، كما أن الشعب المغربي متعلق حتى النخاع بأهذاب العرش العلوي المجيد، ولا ينظرون إلى بنكيران إلا كرئيس حكومة مؤقت تماما كما كان من قبله رؤساء وطنيون محترمون ظل الشعب المغربي يحترمهم ويقدرهم إلى الآن.

فمقارنة شعبية رئيس حكومة بملك هو أصلا أمير المومنين وحامي حمى الوطن والدين وتعقد له البيعة الشرعية وتتجدد سنويا من طرف جميع المسؤولين الكبار في الدولة، وهذه البيعة لا تتطلب شرعا أن يبايع الشعب المغربي كله، بل يكفي أن يبايع العلماء والمسؤولون وأهل الحل والعقد، نيابة عن كل الأمة، فهذه المقارنة غير منطقية ولا شرعية وتنطبق عليها القاعدة الأصولية لا قياس مع وجود الفارق، فملك البلاد بصفته أميرا للمؤمنين، مقارنته تشبه مقارنة عمر بن الخطاب بأي صحابي جليل آخر فمكانة الصحابي محفوظة ومعتبرة ولكنها لا تصل إلى مستوى أمراء المومنين من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.

وكل نجاح يحققه أي رئيس حكومة فمن ورائه توجيهات سامية من ملك البلاد، وفي نفس الوقت تلك التوجيهات كانت تحتاج لحنكة شخصية ومبادرات وحسن التنزيل من عبقرية رئيس الحكومة.

ولهذا ظل بن كيران دائما يردد أنه يعمل تحت رئاسة صاحب الجلالة حتى يفهم المغاربة أن رئيس الحكومة لا يمكنه النجاح دون تأييد من الملك ودعمه وتوجيهه، وبالتالي فمكانة الملك دائما باقية في أعلى المراتب لا ينافسها ولا يضاهيها أي منصب ولا أي أحد مهما بلغت شعبيته أو وصلت كفاءته.

وإن ما قيل هي مغالطات أريد بها باطل وهذا الباطل هو ضرب العدالة والتنمية الذي يعتبره العالم كله أحد أبرز ركائز الاستقرار في البلاد.

وإننا عندما نقرأ منشورات بعض الإعلام المغربي المتحكم فيه من طرف التحكم، نجده يعمل بكل قواه من أجل إيجاد أي ثغرة يمكن توظيفها لإحداث شرخ بين أمير المومنين ورئيس حكومته، وهؤلاء لا يفقهون حديثا، ولا يملكون ذرة من حب لهذا الوطن، ففي الوقت الذي اتخذ فيه رئيس الحكومة قرارات جريئة ومغامرة، كان من الممكن أن تعصف بحزبه وشعبيته، ولكن مصلحة الوطن كانت واضحة اشد الوضوح بأنها أولى من مصلحة الحزب، وهذا النهج لم يكن مجرد تصريحات سياسوية مؤقتة في إطار استراتيجية انتخابوية ضيقة، بل كانت من ورائه أفعال وأعمال وقرارات جعلت حتى الخصوم يشدون على قلوبهم.

وقد ذهب البعض إلى تسميتها بالرسائل الصادقة للنظام المغربي كي يثق أن حزب العدالة والتنمية حزب وطني حتى النخاع، ومرجعيته الإسلامية هي أقرب المرجعيات وأكثرها انسجاما مع إمارة المومنين والبيعة الشرعية، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لدى وزارة الداخلية أو السلطة أو النظام ليعمل على إبعاد العدالة والتنمية أو يعمل على تقليم أظافره، لأن قوة العدالة والتنمية مهما اشتدت فهي في العمق من قوة الوطن التي تجعله دائما على استعداد أن يوظفها لصالح الوطن وضد أعداء ثوابت البلاد والتي على رأسها إمارة المومنين.
ولهذا على النظام المغربي أن يميز بين الوطني الذي هو دائما على استعداد ليضحي بكل أبنائه دفاعا عن هذا الوطن ودفاعا عن ملكه ومقدساته، وبين الذين أبانوا في محطات كثيرة بأنهم لا يملكون ذرة من حب أو ولاء لهذا الوطن وملك هذا الوطن وهم لازالوا يعملون على جر الوطن لإذخاله في متاهات أقلها أنها متاهات ما قبل 2011.