وجهة نظر

أولويات المغرب بعد كرونا

كورونا - المغرب - خنيفرة

نود في هدا المقال التطرق لأوليات العمل والتدابير بعد جائحة كورونا وسلم الضروريات التي يجب التركيز عليها وخصوصا قطاع الصحة والتعليم. وفي حتمية الاستثمار في البحت العلمي والطبي والبيولوجي و إعادة الروح إلى الجامعة المغربية وهدا ما سنوضحه لاحقا . فالكل يجمع أن العالم بعد كورونا ليس كما قبله ،كما أجمع على دلك كل الخبراء والمهتمين.

لن ينجح أي تحليل في استشراف المستقبل بدون التطرق إلى بدايات وتداعيات كورونا وكل ما قيل عن هدا الفيروس وجعلها كنموذج لإشكالات أخرى وجودية قد تلوح في الأفق لا قدر الله ،إشكالات لا تفرق بين شخص و أخر ،حاكم أو محكوم ،دولة متخلفة أو متقدمة ،لان جانب المفاجئة هو سبب الارتباك حتى بالنسبة للدول الرائدة ، وبالتالي المغرب مطالب بعد كورونا بتشكيل مراكز دراسات وبحوت متخصصة للتعامل وتحديد أزمات مستقبلة ووضع برنامج خاص ومدروس يتضمن الخطوات المناسبة لمعالجتها.

كورونا علمتنا أن تاريخ إتحاد القرار له أهمية بالغة والدليل تاريخ إقفال الحدود والحجر الصحي ،لعب دورا محوريا في حصر والحد من عدد الإصابات ،وبالتالي لجنة النموذج التنموي الجديد بالمغرب مطالبة بوضع ومؤسسة تلك المراكز الخاصة باستشراف والتعامل مع الأزمات كانهيار العملة أو انتشار أنواع أخرى من الفيروسات أو أي هجوم معلوماتي يوقف جميع الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات الخدمية والصحية بالبلاد. وكذلك احتمال قيام دولة من الجوار أرادت تكوين ترسانة نووية وبالتالي يصبح لنا الحق في امتلاكها أيضا.

أهم الأشياء التي يجب الاشتغال عليها وبقوة ما بعد الجائحة هو إرجاع المعاني للمؤسسات أي هندسة نموذج تنموي جديد أساسه تعيين نخب صادقة تقول الحقيقة ، فالنخب المطاوعة رغم أن أغلبها نضيف اليد إلا أنها عموما لا تقول الحقيقة ولا تشخص الواقع بدقة خوفا من التغريد خارج السرب ،وبالتالي لن تورث سوى سياسات قديمة متهالكة لن تصلح في زمن جديد بتحديات جديدة ، في زمن تداعياته قد تمس الكل بدون استثناء .

منهاج العمل ما بعد كورونا بالمغرب يجب أن يتسم بميثاق عمل جديد وسياسة تواصل بعيدة عن لغة الخشب خصوصا إرجاع المعاني للمؤسسات كالأحزاب والنقابات والجمعيات وتنقيتها وتطبيق القانون ،وإرجاعها إلى سكة العمل الصحيح ومحاولة إقناع كل الوجوه التي عمرت طويلا أن تترك المجال للشباب وطرد كل من تبتت حوله شبهات الفساد وبالتالي إرجاع المعاني للمؤسسات عامل محدد وضروري.

المؤسسات تبنى انطلاقا من احترام روح الدستور وتطبيق القانون، وفصل السلط ، ولا مكان للتدخل في اختياراتها من أي طرف،كما أن أي مؤسسة مهما كانت يجب أن تخضع للقانون وتحترمه ، لان مسـألة الثقة بين المواطن والمؤسسات أصبحت ضرورة قصوى.

كما يعتبر تشجيع البحت العلمي ما بعد كورونا من أولى الأولويات وخصوصا الاختصاصات التي لها علاقة بالفيروسات وعلوم الإحياء والحماية المعلوماتية وصناعة وتطوير المعدات الطبية .فالكل أشاد بالتجربة التي تمت في المغرب سابقا ،مبادرة تخريج عشرة الآلاف مهندس إضافي ، فيجب أن تعاد التجربة وتعمم في اختصاص الطب والبحت البيولوجي عبر إنشاء مستشفيات جامعية وكليات للطب في جميع الأقاليم وتخفيض عتبة الدخول إلى تلك الكليات، فلا يعقل أن تعترف الدولة بالدبلومات الآتية من روسيا وأوربا الشرقية حيت يتجه إليها الطلبة من الطبقة الوسطى الحاصلين في أغلبيتهم على معدل مقبول في الباكالوريا ، في إهدار الملايين من الدولارات. وإعطاء القيمة للممرضين وجميع الأطقم الطبية.

مرحلة ما بعد كورونا ،يجب أن تتسم بالثقة في المواطن وتحفيز ملكات الإبداع لديهم فحال الشباب العربي عموما الذي لم يعد يقبل أن يري الفساد والريع وتهمه المصداقية فقط. في اعتقادنا أيضا أنه لم تعد تروقه الأفكار التورية أو الانخراط في الأجندات سواء الداخلية أو الخارجية بعدما أصبحت العولمة قاصية بالكاد الإنسان يجد حاجاته فما بالك التفكير في أشياء أخرى.

الشعوب العربية وبعض الدول الإفريقية لن تجد موطئ في عالم بعد كورونا ما دامت لا تتق في مواطنيها ، فهناك دول جيوشها ودركها فقط من يحتكر اختصاصات علمية كأمن المعلومات ودراسة الأوبئة واختصاصات أخرى كمصر مثلا ،بعدما كانت في الماضي أيقونة خصوصا في زمن محمد عبدو ، والنتيجة إخلاء الجامعات و مستوى علمي وإنتاج معرفي ضعيف والحصيلة أن جل الدول العربية تستورد كل شيء تقريبا، وهو ما يحز في النفس ويدعو الشباب إلى الهجرة حيت الأفاق وفرص البحت والاكتشاف، وهو ما تبت بعدما استغرب الرئيس ماكرون من الجنسيات المغاربية والإفريقية الدين يعلمون مع أحد أكبر العلماء وأشهرهم في علم الفيروسات مخترع لقاح الملاريا ديدي راوول .

حتى نظريات المؤامرة يجب دراستها بتمعن وروية،لاستشراف بعض المخاطر التي يمكن أن تصل إلى الوطن العزيز في ضل الحرب بين الكبار لتزعم العالم ، لآن كل شي وارد رغم أنها تبدو مجانبة للصواب فيما يتعلق بكورونا ، بعدها اكتوى بنار هدا الفيروس كل الدول المتنافسة على التحكم بالعالم ونقصد هنا الصين والولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن أمريكا قامت سابقا بمحاكاة للتصدي لهجوم بيولوجي افتراضي، وتصريح نائب وزارة الخارجية الصينية المعروف عليها الرزانة الدبلوماسية ،أن سبب الفيروس هو زيارة لجنود أمريكيين زاروا منطقة وهان عائدين من أفغانستان ، والترديد الدائم للفيروس الصيني كناية عن كورونا من طرف الرئيس الأمريكي ،واتهام وزير الخارجية الأمريكي الصين بإخفاء المعلومات عن عدد الإصابات بمعية منظمة الصحة العالمية .

تخيل لو طرح أحد الأشخاص قبل سنة مثلا سيناريو وجود فيروس سيقضي على عشرات الآلاف من الأشخاص خصوصا في دولة مثل إيطاليا التي لها أحد أهم نظم الرعاية الصحية في العالم ، حتما سيدخل كلامه في إطار الخرف ونظرية المؤامرة.

نظرية المؤامرة ليست وليدة الحالة الانهزامية والوهن التي نعيشها نحن العرب والمسلمين في انتظار اللقاح ولكنها تشمل حتى أفراد الدول المتقدمة ففي دراسة لجامعة كامبريدج تؤكد أن أكتر من نصف البريطانيين وافقوا على الأقل على واحدة ضمن قائمة تضم خمس نظريات مؤامرة.

وختاما حان الوقت بعد كرونا للعمل الجاد ونشر الثقة ومحاربة الفساد والريع، والاهتمام بالعلم والمعرفة واحترام الإنسان عبر الاستثمار في الرعاية الصحية والحفاظ على البيئة والاستهلاك المعقلن ومحاربة من يتاجر في قطاع الصحة والدواء بدون أخلاق على حساب المواطن.

* باحث في علوم الإعلام والاتصال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *