أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: هكذا يتحالف “الأميون الجدد” مع الشيطان لتثبيت الجهل (5)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” القراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى

قراءة ممتعة…

الحلقة الخامسة: 

يحمل كتاب “نظام التفاهة”، عدد من تساؤلات المؤلِف آلان دونو أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامة كيبيك في كندا، وأكاديمي ناشط، من قبيل “ما هي حدود حرية التعبير؟ هل هناك سقف أعلى لحرية تدفق المعلومات؟ ما هو نطاق سرية المعلومات الخاصة؟ هل يمكن تعيين الحد بين المعلومات المتاحة للعامة وتلك القاصرة على أشخاص معينين؟ ما هي نقاط التماس بين حق القراء في معرفة الحقيقة من جهة وحق الأفراد في الخصوصية من جهة أخرى؟ إلى أي مدى يكفل الدستور هذه الحقوق؟ ثم كيف هي فعالية النظام القضائي بهذا الصدد؟”.

من هم الأميون الجدد؟

تقول مشاعل عبد العزيز الهاجري دكتورة في القانون الخاص، بجامعة الكويت، مترجمة الكتاب، في تعليقها على صحافة “التابلويد” التي تقوم على نشر المادة التافهة، إن “اعتبارات التفاهة لا تتعلق بنوعية الصحافة فقط، بل بنوعية القراء أيضا” مشيرة إلى تحذير كان قد نشره الشاعر الإسباني بيدرو ساليناس عن صحافة تؤدي إلى إنتاج من أسماهم بالأميون الجدد بالقول “ثمة أيضا نوع من الأميين الجدد جزئيا، الذي يمكن رؤية أصحابه يحومون حول أكشاك بيع الصحف كنحلات طنانة تحوم حول زهرة نضرة، إنهم لا يقرأون الكتب ولكنهم مفتونون بتكاثر المجلات وبمواضيع أغلفتها”.

ويزيد ساليناس في حديثه، وفقا للاستشهاد الذي قدمته مترجمة الكتاب “إن هذه المجموعة الجديدة تنمو ببطء، وقد حان الوقت لتسميتها ولإعطاء المنتمين لها وضعا اجتماعيا، إنهم الأميون الجدد the new illiterates، وهم على درجة من التأثير والخطورة تتجاوز كثيرا الأميين أمية بحتة، فهم يرفضون البقاء في الدرك الأسفل مع الشيطان في ظلمات الجهل، إلا أنهم لا يطمحون للوصول إلى ضوء المعرفة المقدس” ويزيد بأن “تعليم الناس كيف يقرأون ليس كافيا في أغلب الأحيان لينتزعهم من فقرهم الروحي الأساسي، والتعليم لا ينتج الثقافة إلا في أضيق الحدود”.

المتحدث نفسه، يضيف في مسألة الأميون الجدد، من الصحافيين الذين يتسلحون بنشر التفاهة قائلا “إن هؤلاء الصغار يبدأون حياتهم وهم مسلحين بمهارات القراءة والكتابة الأولى فقط، واثقين من أنهم قد تمكنوا من السيطرة عل جهلهم الأولي، ثم يفاجأون لاحقا بأن غريما قويا ينتظرهم عند الزاوية، مستمتعين بملذات الحياة الاستهلاكية التي يوفرها العصر الحديث، ومع ذلك فهم محكومون للعيش مدى الحياة في شكل مختلف من تخمة الجهل”.

وتزيد مشاعل مترجمة “نظام التفاهة” بالقول “إن أكثر الناس يقينا هم عادة أكثرهم جهلا، وفهم على ثقة كاملة من صحة الأخبار المنشورة في الصحف، فيرونها عنوانا للحقيقة، ونظام التفاهة لا يثبت فعاليته القصوى إلا مع مثل هؤلاء الناس”، مردفة “ينعكس ذلك على قوائم الكتب الأكثر مبيعا، التي هي في الغالب أقلها قيما فكرية”.

الكتب الأكثر مبيعا والتلفزيون في الثقافة العربية

وعن الكتب الأكثر مبيعا، تؤكد مشاعل “صار مجرد وجود الكتاب على رف الكتب الأكثر مبيعا هو دلالة مبدئية على ضحالته، إلى أن يثبت العكس، وشخصيا، صارت لدي عادة التوجه التلقائي نحو أطراف المكتبات وجوانبها فور دخولي لها، لا دلالة موضوعية للتصدر حتى في المكتبات”.

أما عن التلفزيون، فتعتبر مشاعل في تعليقها على كتاب “نظام التفاهة” أنه “صار يمكن لأي جميلة بلهاء أو وسيم فارغ، أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين من خلال منصات عامة، هي في أغلبها منصات هلامية وغير مُنتجة، لا تخرج لنا بأن منتج قيمي صالح لتحدي الزمن، وما شجعهم على ذلك، افتقارنا لثقافة الجمال الحقيقي، ثم أتون الفضائيات التلفزيونية المُستعر الذي يتطلب مادة تلفزيونية يومية كوقود لازم للحفاظ على استمرارية هذا الموقد الجهنمي”.

وفي السياق نفسه، عن ضيوف التلفزيون، تزيد مشاعل “قد كان صانعو الملوك في الماضي هم رجال الدين ورجال السياسة وحاشية البلاط، أما الآن في ثقافتنا العربية، فإن الاستديو التلفزيوني هو الصانع الجديد للملوك، ولا يهم إن كانوا الضيوف شخصيات معتبرة أم مجرد أصفار متحركة، بل كلما انحدر هذا أكثر في مقياس الذوق، الأدب والحس السليم، تم تسويقه بشكل أفضل، لقد كثرت الاستوديوهات فكثرت الملوك، وهذه مشكلة، إن تعدد الملوك، فولاؤنا لمن؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • منذ 4 سنوات

    Est ce que c'est possible de savoir où trouver une copie de ce livre