أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: قواعد الفكر التافه لـ”لعبة” الشطرنج الاجتماعي (7)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” القراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى

قراءة ممتعة…

الحلقة السابعة: 

قال آلان دونو، مؤلف كتاب “نظام التفاهة”، إن “من يشتركون في هذه السلطة يُظهرون ذات الابتسامة المتواطئة، معتقدين أنهم أذكى من الجميع، هم يستمتعون بترديد عبارات حكيمة مثل “عليك أن تلعب اللعبة”، وإن اللعبة التي يُفترض لعبها، تُقدم كحيلةٍ قد ننتقدها إلى حد ما، ولكننا نقبل سلطتها رغم ذلك، وفي الآن ذاته، فإننا حريصون على عدم إظهار قواعد اللعبة بجُملتها، لأن هذه القواعد متشابكةٌ مع استراتيجيات شخصية، إن لم تكن تعسفية أيضا، في عقول من يظنون أنفسهم أذكياء، على حساب من يرونهم مُغفلين”.

عن “اللعبة” قال آلان، إنها “تعبير غامض ملائم تماما للفكر التافه، تتطلب منك في عدة أوقات أن تمتثل للقواعد، لشغل موقع هام على رقعة الشطرنج الاجتماعي، أو للتملص من هذه القواعد بتعجرف، مع الحفاظ على المظاهر، من خلال أفعال تآمرية تنحرف بنزاهة العملية”.

مثال عن اللعبة

وقال آلان، إن تعبيرا ساذجا كـ”لعب اللعبة”، هو “مجرد دهان مُلطف لضمير اللاعبين المدلسين”، مشيرا إلى أن مثلا “شركات الأدوية تضمن أن سرطان البروستاتا لن يعالج إلا بكُلفة كبيرة، رغم أن المرضى لا يُتوقع أن يواجهوا مشكلات جادة إلا في سن 130 عاما، والأطباء يُعطون أدوية عديمة الجدوى لمرضى لا يحتاجون إليها”.

ويستطرد آلان، في نفس السياق، بأنه “بذات الموقف المُخادع، إن مأموري الضرائب، يُفضلون مطاردة نادلات المطاعم الاتي أغفلن التصريح عما حصلن عليه من عطايا صغيرة، جراء خدمة الزبائن، وكذلك يحفظ ضباط الشرطة التحقيقات بمجرد أن يُدركوا أنهم يتبعون أناسا ينتمون إلى الدائرة الضيقة لرئيس الوزراء، والصحافيون يُعيدون إنتاج ذات اللغة المُغرضة للتصريحات الصُحفة الصادرة عن ذوي السلطة، وهم مُغمضي الأعين عن تيارات الحركات التاريخية التي يُفضلون أن لا يُفكروا فيها”.

وزاد آلان، بأن “اللعبة” يمكن أن تشمل تحويل مراكز الرعاية اليومية المُدارة بدعم من الدولة، إلى أعمال تجارية غير معنية لما يحدث للأطفال، إذ أن “لعب اللعبة” يعني التظاهر بعدم الاكثرات بما إذا كنا نلعب الروليت الروسية، مراهنين بكل ما نملك، أو مراهنين بحياتنا.

في سياق آخر

في تعليقها، قالت مترجمة الكتابة إلى العربية، مشاعل عبد العزيز الهاجري، إن “ما يجعل من كثير من تافهي مشاهير السوشال ميديا والفاشينستات يظهرون لنا بمظهر “النجاح”، هو أمر يُسأل عنه المجتمع نفسه، الذي دأب على التقليص التدريجي لصور النجاح التي تعرفها البشرية ككل، واختزلها في المال فقط”، مردفة “ما نمر به حاليا هو الضريبة التي ندفعها نتيجة السنوات الطويلة التي مضت في التضييق على الفنون”.

وزادت المترجمة بأن “المُؤلِف عرَضَ لـ”نظام التفاهة” من خلال السياسة والتجارة والأكاديميا والثقافة، وأنا، وإن كنت أجد كل هذه الجوانب هامة لفهم ما يحيط بنا، إلا أنني لا أعول عليها كثيرا في الفهم، لأنني أجدها أعراضا، لا مرضا، نتائج، لا مقدمات، فبرأيي، إن حالة القلق والاضطراب الإقليمي، والتفاهة التي يمر بها العالم اليوم لن تُفهم إلا من خلال النظر إلى الأشياء من خلال عدسة الفلسفة وحدها”.

يُتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *