رمضانيات، مجتمع

أبواب مدينة: “باب معلقة”.. معلمة تاريخية بسلا وحلقة وصل بين المغرب والأندلس

لا تخلو مدينة عتيقة من مدن المغرب، من باب أثري أو أكثر يخلد تاريخها العريق، ويشهد على أصالة معمارها وهندسته، كما يروي من خلالها الأحداث التي ارتبطت بها، لتصبح في تاريخنا الحالي محط جذب للزوار من كل حذب وصوب.

ولعل أبرز هذه الأبواب، باب “معلقة” بمدينة سلا، والذي يعد أحد البابين الكبيرين لمدينة سلا في السور المريني الذي بناه يعقوب بن عبد الحق المريني، وذلك بعد أن حرر المدينة من احتلال القشتاليين والذي لم يدم سوى أسبوعين ابتداء من 8 شتنبر 1260.

ويبدو أن تسمية الباب تحريف لمالقة، باعتبار أن السفن كانت تتجه منه إلى الأندلس، وهناك احتمال آخر لهذه التسمية يتمثل في كون سلا عرفت عصيانا أعقبه صلح بين حاكمها وأهالي المدينة فعلقت السيوف ودخل السلاويون من الباب المذكور الذي سمي من أجل ذلك باب معلقة.

وحسب موسوعة “معلمة المغرب” في جزئها الثاني، فقد تم تقديم افتراض آخر مرتبط بقتل عامل سلا الحاج بوعزة بن محمد القسطالي بداره بحومة القساطلة عام 1795 بأمر من السلطان المولى سليمان.

وتابعت، أن جثته بقيت ملقاة على الأرض إلى أن علقت بأحد أبواب سلا، فهل سميت بذلك لأن جثة القسطالي علقت عليه، لأنه أقرب أبواب المدينة إلى داره؟.

الموسوعة جاء فيها، أنه إذا كانت المصادر تلوذ بالصمت عن ذلك، فيبدو أن الاحتمال الأول هو الأرجح نظرا لكثرة السفن المتجهة من هذا الباب نحو الأندلس.

ويشتمل الباب على حلقة كبيرة مربعة مجهزة بمتراس تتخلله فرج للرماة، مما يؤكد الدور العسكري الذي اضطلعت به سلا منذ عهد الأدارسة في بداية القرن الثالث الهجري، مرورا بباقي الدول التي تعاقبت على حكم المغرب بعدهم.

وشيدت أمام باب معلقة دار المجاهد العياشي، الذي اتخذ من سلا قاعدة سياسية وعسكرية لتنظيم حملاته على مناطق الاحتلال الإسباني بالشواطئ المغربية، وقد حرص على التنقل بسرية احترازا من خصومه الأندلسيين في الضفة اليسرى لنهر أبي رقراق، أو الاسبان محتلي المعمورة، وذلك عن طريق تشييد نفق تحت الأرض ينطلق من داره إلى الساحل قرب المصلى القديمة، مارا من تحت السور بجانب باب معلقة إلى البرجين اللذين شيدهما على ساحل مرسى العدوتين أسفل مقبرة باب معلقة، قبالة القصبة ونصب بهما مدافع لحراسة المدينة، وكان ذلك أوائل 1637.

أما المقبرة المنسوبة إلى هذا الباب فمقبرة قديمة، وبها دفن المؤرخ السلاوي أحمد الناصري، والمؤرخ عبد السلام بن سودة، الذي كان يحرص على أن يوارى جثمانه بجوار هذا الأخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *