أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: الحكومات تعتقد أن فوزها في الانتخابات “شيكا مفتوحا” (16)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” القراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة السادس عشر: 

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة”، وأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامة كيبيك في كندا، إنه بدلا من ترك الشأن العام للوجهاء والاستراتيجيين المنجذبين إلى الصراع بين السياسيين، فإن الناس، على العكس، سيكونون على وعي بمقدرتهم على الاحتشاد في أي وقت لدعم قانون ما، أو لمعارضته، مشيرا “هذا سيحل أيضا مشكلة التبرير على أساس الانتخاب، أي حقيقة أن الحكومات تعتقد أن فوزها في الانتخابات هو أمر يعادل إعطائها شيكا مفتوحا”.

وفي حديثه عن معرفة كيفية اكتساب السلطة، شدد آلان، أنه “لا سبب هناك للاعتقاد بأن مجلسا اختير بعشوائية هو أقل قدرة من مجلس شُكل عن طريق العملية الانتخابية، لأن هذه الأخيرة تعطي الأفضلية لنوع واحد فقط من المعرفة المكرسة لاكتساب السلطة”، مشيرا لأنه “في الولايات الخاضعة لحكم القانون، ينبغي أن يكون سحب القرعة لاختيار أعضاء مجالس الشيوخ، والمجالس العليا، مجرد مرحلة انتقالية”.

وأضاف، في السياق نفسه، “لن يُغير ما سبق من تقاليد الجدل المحيط بالنشاط الحزبي، ولكنه سيعني أنه من أجل إصدار أي قانون، فإن المسؤولين المنتخبين ينبغي أن يُخاطبوا جماعة مكونة من أناس عاديين من داخل هذا الجسد الممثل لقدرة المجتمع على النقاش، فيقنعونهم حول مبررات القوانين المقترحة، وبعدها فإن الناس سوف تكون لهم سلطة نقض القرار الحكومي، وسوف يُطورون، بذلك، اهتماما خاصا بالشأن العام”.

وعن السياسة كمفهوم، اعتبر آلان، بكونها توجد “عندما يبدأ الناس في تشكيل ما يشتركون فيه وإعادة تشكيله والتفكير بشأنه، لأن المشاركة التي تقع في قلب العملية السياسية تنطوي على موقع مشترك في الفكر والمكان معا، إضافة إلى طريقة لتحليل هذا الموقع، إلى حد أن هذا التحليل يمكن للجميع أن يجادل فيه”.

أما عن المساواة، أعرب آلان، بأنها لا تلمح إلى التكافؤ المجرد بين الأفراد، وإنما إلى حقيقة أنه “رغم كونه موزعا بطريقة مختلفة، فإن الذكاء هو واحد للجميع، ويمكننا دائما أن نجد مواقف نتحقق فيها من تساوي الذكاء، أو أن نخلق مثل هذه المواقف”، مشيرا إلى أنه مثلا “سحب القُرعة هو أفضل طريقة لتحديد من يؤول إليه الحكم في الديمقراطية، حيث إن القدرة على التفكير ليست حكرا على أية جماعة اجتماعية متميزة، كما أنه ما من هيكل تراتبي يمكن تأسيسه على أساس ما مرة واحدة وإلى الأبد”.

وأضاف، ليس هنالك من علم مطلق أو شكل محدد للذكاء الذي يمكن التعرف عليه مرة واحدة وللأبد لضمان صحة القرارات السياسية، مثل قرار إرسال الجيش إلى إقليم ما أو إنفاق المزيد من المال العام على مشروع بعينه، إذ إن هذه خيارات لا يستطيع أي علم أن يعطي أساسا محددا لها.

يُتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *