أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: هكذا يتم استعمار افريقيا اقتصاديا لنهب خيراتها (21)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة الواحد والعشرين: 

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة”، وأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامعة كيبيك في كندا، إن الاستعمار الاقتصادي يقود إلى تثبيط الهمم، وهذه نتيجة متعمدة في بعض الحالات، مشيرا إلى الفيلم التسجيلي “المطلوبون الثماني عشرة” للمخرجين بول كوان، وعامر شومالي، الذي “وقعت أحداثه في الشرق الأوسط، إذ تفرض إسرائيل حظر تجول على مجتمع فلسطيني، قاصدة إلى مصادرة ثماني عشرة بقرة حلوب تزود القرويين بمستو هش من الاقتفاء الذاتي الاقتصادي”.

وأفاد آلان، بأن مثال هذا الوثائقي، يُظهر “الصورة القاسية للنظام الاقتصادي الامبريالي، واعيا بين فريقين، يصنع أحدهما المال، فيما الآخر يستجديه، وعلى كل طرف من أطراف هذا الطيب نجد، من جهة، واسعي الثراء، والشركات متعددة الجنسية، والأجانب والزعماء المحليين الذين يسيئون استغلال امتيازاتهم، ومن جهة أخرى، نجد الفقراء الذين يكونون فقدوا غالبا أي احتمالية للخروج من حالتهم”.

وأضاف قائلا: “وسط كل ذلك، نجد تقاطعا يقف عليه، من جهة، الطفيليون على المؤسسات كالجمارك والإعلام والموظفون العامون والأمن، الذين يمسكون بأي شيء يستطيعون الحصول عليه من خلال حيل من الفساد اليومي الصغير، ومن جهة أخرى نجد هؤلاء الذين يحاولون أن يكونوا لأنفسهم مستوى متواضعا من الاكتفاء المالي الذاتي، والذين يتعرضون باستمرار لخطر انتزاع أرباحهم المتواضعة من قبل المحيطين بهم”.

الاستعمار الاقتصادي في إفريقيا

يقول آلان، بأن إفريقيا رغم أنها غنية بالموارد، فإنها، مادامت تعوذها البنى التحتية وتسمح للمنظمات الأجنبية بنهب مواردها، فإنها لا تستطيع أن تخلق لنفسها اقتصادا معتبرا، وبالمحصلة، فإن دورة المال في المنطقة غالبا لا ينتج عنها توليد القيمة من واقع الإنتاج والتبادل العائدين إلى المجتمعات صاحبة العلاقة.

وأوضح آلان، أنه على خلاف ما ذُكِر، فإن رأس المال النقدي يظهر بصورة سحرية، فهو غير مرتبط بأي شكل من الأشكال بحالة العمل والإنتاج وتوزيع السلع في مجتمع منظم، وإنما بقدرة الإفريقيين على جذب هذه السلع، وبدرجة أكثر أهمية، بقدرتهم على تملكها”.

وحصر صاحب “نظام التفاهة” المصادر التي تأتي منها التمويل، في كل من ميزانيات الممولين الدوليين المرصودة لأغراض التنمية، مشيرا “إن كلمة التنمية كثيرا ما تستخدم بشكل أيديولوجي لتنطوي ضمنا على معنى يفيد وجوب لحاق إفريقيا بالغرب”.

وأردف آلان، بأن المصدر الثاني للتمويل، يكمن في الاستثمارات الخاصة، وذلك في مجالات المنتجات الزراعية، التعدين، البترول، المستحضرات الصيدلانية، وغيرها من شركات أخرى تُمطر الأموال على المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى، وكذلك على قليل من مرؤوسيهم، وهذه الفئة تدعم قبائل كاملة تتكون من العائلة والأصدقاء والمعارف.

أما المصدر الثالث للتمويل، بحسب آلان، فيتمثل في الاقتصاد الاجتماعي، الذي يوفر بشكل دوري برامج المساعدة الكثيرة والاعتباطية وما يسمى المنظمات غير الحكومية، مشيرا “وبغرض توجيه الأموال إلى أنفسهم، يقوم الناس في إفريقيا، أحيانا، بتبني لغة السامريين البيض، إن لم يكونوا مقتنعين بذلك، من أجل أن ينالوا حَظوة عندهم”.

وأضاف آلان، بأن ممثلو المنظمات الإفريقية غير الحكومية، تعلموا الحديث باللغة الديمقراطية الاجتماعية، والغناء باللحن الشيوعي، إنعاشا لمطالبهم بترنيمات مناهضة للعولمة، أو صياغة مطالبهم باستخدام كلمات الحوكمة الفارغة، وهو أمر يتحدد بحسب ما إذا كانوا يحاولون استماتة مؤسسة منتسبة إلى حزب أوروبي اشتراكي، أو مؤسسة راديكالية تنتمي إلى أقصى اليسار، أو منظمة غير حكومية ذات توجهات فكرية تقليدية، أو إدارة ما في البنك الدولي.

يُتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مواطن مغربي مقهور
    منذ 4 سنوات

    موضوع رائع عندى ملاحضة اكتر الشركات بيها اطر مغربية ولكن الرئيس اجنبي لمادا لا يكون الرئيس مغربي الرئيس اجنبي والعمل مغربي ؟؟؟ نحن نعمل بأيدنا وهم بأفكارهم وبعقليتهم فقط أليس لنا افكار أليس لنا عقل ؟؟؟ لمادا لا تستتمر الاموال الدى تخرج الى الخارج تستمر فى ارض الوطن هم يتجارجون بيها فى بلدنا ويجنون الارباح الى بلادنهم