وجهة نظر

الأسلوب هو الرجل

لطالما تساءلت في طفولتي عن معناها بهذا المبنى، فارتباط كلمة ” Style ” بكلمة ” Homme”، هي التي حيرتني حينها،  اذ تساءلت بعفوية الطفولة لماذا لم تقترن كذلك بعبارة”Femme”؟ لماذا ارتبط الأسلوب بالرجل فقط ولم يرتبط بالمرأأة؟

قمت ببعض البحث فوجدت بأن الكاتب الفرنسي جورج لويس المعروف ب ” بوفون” اس تعملها في خطابه بالأكاديمية الفرنسية في 52 غشت 3521 وأضاف أن أول مواصفات الأسلوب هو الوضوح “La première qualité du style, c’est la clarté “.

وهناك من أشار  إلى أنه استعمل عبارة humain وليس “homme”، أي أنه قال بأن الأسلوب هو النسان.

وعلى أي فإن من قالها  وقرن كلمة الأسلوب بالرجل  إنما قد اجتهد في البلاغة والتعبير و الى حد يفوق في قيمتها ومعناها اقترانها بالإنسان، فكلمة الرجل في اللسان العربي تدل على فعل يصدر من الكائن الذي يتحرك ويجتهد ويعتمد على نفسه، ويبذل الجهد، وأنه يقال للانسان )ذكرا، أو أنثى( رجل اذا كادن في شؤون حياته مجدا، فعال، مسؤول فالأنثى العاملة المنتجة هي رجل في معيشتها ويقال لها في لسان العرب” الرجلة”، ومن هنا اعتبروا ان كلمة رجل في مواضيع عديدة من السياق لعلاقة لها بنوع الانسان كذكر او أنثى و انما تر تبط بوصف الانسان المجتهد المعتمد على نفسه ذا دور وأثر في حياته ولتطلق على النكرة السلبي، الكسول، الامعة، فكما يقال ليس كل ذكر رجلا ول كل رجل ذكرا.

وأظن أن ما يزكي ذلك هو أنه سبحانه وتعالى عندما أراد التمييز بين النوع في الانسان لم يقل رجلا أو امرأة و إنما استعمل عبارتي الذكر و الأنثى، كما جاء في الآية 52 من سورة النجم } وانه خلق الزوجين الذكر والأنثى{، وعندما أراد التمييز بين النسان في الصفة والقيمة اس تعمل لفظ” رجل” فقد قال في محكم تنزيله في الآية 15 من سورة النور} رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تنقلب فيه القلوب والأبصار{، فالمفسرون هنا أعربوا كلمة رجال باعتبارها” اسم جنس جامد” يشمل الذكر والأنثى على السواء.

فكلمة الرجل تطلق على الذكر والأنثى في السياق الخاص الذي يراد منه استعمالها كصفة يتحلى بها الإنسان وليس بغرض التمييز بين النوعين، ففي لسان العرب أن الرجل بمعنى ترجل وتعني مشي الشخص على قدميه دون مساعد أو معين، ومنه اشتقت كلمة الرجولة ليس للتمييز بين الذكر والأنثى و إنما  لإبراز معاني الاعتماد على النفس والاجتهاد في الوصول إلى الهدف والغاية  والمسؤولية.

ومن هنا يتضح أن استعمال عبارة الأسلوب هو الرجل جاءت في أبلغ معانيها للدلالة على أن الأسلوب يختص به الذكر وانثى كلما اجتمعت في أحدهما معاني الرجولة من مسؤولية واجتهاد وعمل وأخلاق وسلوك وكلمة طيبة وأثر طيب.

“فالأسلوب هو الرجل” عبارة اختصرت في عمقها فقرات طويلة من الشرح والتفسير للمقصود من الأسلوب الذي  كتبت فيه مؤلفات وكتب ولم تس تطع أن تحسم في تحليله.

فأسلوب الإنسان هو طريقة تفكيره وكلامه وكتابته وتعامله وعيشه ومذهبه في جميع أوجه الحياة مع خالقه  ونفسه وغيره، مع الإنسان والجماد والحيوان، أنه ذلك الطفل الذي يزداد صغيرا وبرعايته يصير رجل وكهلا، عاش كل تراكمات الحياة وتجاربها  وأحداثها ووقائعها التي أثرت في شخصه وعقله وفكره ورسمت شخصيته.

فالأسلوب هو الشخص نفسه، وعينه، هو تجس يد لعصارة فكره وفهمه واقتناعه وذبذبات وجدانه التي قد تترجم كلمة أو قول أو سلوكاد، لذلك يقال أسلوب كتابة، وأسلوب حديث، وأسلوب تعامل.

فالأسلوب هو ذوق صاحبه الذي لن ينال الرضى من الناس إلا إذا كان راقيا في طرحه وعرضه بأسلوب مختلف مييزه وليضيع في ردهاته المعنى والمغزى، يحظى باحترام العدو والصديق، والمثمن والناقد.

فالأفكار والمقترحات والأفعال وغيرها هي شحنة مشتركة بين الإنسان،  لأن الأسلوب هو الذي مييزها وينقلها من العمومية  إلى الخصوصية، فتصبح بأسلوبها الخاص، خاصة بقائلها وفاعلها وكادتبها، تعيش معه وتحيا في مماته، لذلك قال الدكتور علي الحمادي أن ” لكل  انسان وجود وأثر… ووجوده ليغني عن أثره، ولكن أثره يدل على قيمة وجوده”.

فأسلوبك هو أنت ستوصف به وتقيم وتوزن به، فهو صورتك وصوتك وروحك ودمك، فهو سيرتك التي تبقى أطول من العمر، فمهما طالت حياتنا يوما ما سنرحل لكن سيرتنا باقية بقاء أثرنا وعارفينا، فلنحرص على بناء سيرتنا بخطوات،  وإن كانت بطيئة فلتكن ثابتة الآن السيرة الحسنة كما يقول ويليام شكسبير” كشجرة الزيتون لتنمو سريعا ولكنها تعيش طويلا”.

فلا ينبغي الاستخفاف بأهمية الأسلوب في تجسيد الفكرة، فهو الذي يظهر قيمتها وهو الذي يحط منها، في الأسلوب معالجتها هو الذي قد يسيء  إلى جماليتها وقوتها وصحتها أو يجعلها في حلة ترفع متلقيها وصاحبها  الى قمم الواقع والخيال، فكما قال المفكر الفرنسي فلوبير: “العناية الدقيقة بالعبارة سبيل  إلى  جادة التفكير و احسان التخيل” علما بأن لكل موضوع أسلوبه ومفاهيمه وقواعده، ولكل قائل وكادتب أسلوبه الخاص في التعبير والتعامل والحديث، والصمت والكلام، والحركة والسكون، مع شخص ونفسه وعدوه وحبيبه.

والأسلوب يا سادة ليرتبط فقط بالتعبير والكتابة، و انما هو: أسلوب قول وحديث وكتابة وتعبير وتعامل  وأخلاق وحياة وسلوك، فلكل أسلوبه الخاص به في كل هذه الأوجه الذي تتحكم في رسمه ظروفه وتربيته ودراسته، ومحيطه وحياته  وتجاربه، فتتراكم كلها لترسم له خارطة حياة يشب ويشيب عليها.

الأسلوب قول وكتابة

قال تعالى في الآية 55 من سورة السماء }ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

فقولك وكلمتك هي أسلوب ليعرفك الناس، فمتى تحدث الإنسان عرفه الآخر، ومتى صمت ظل غامضا. لذلك قال الفيلسوف سقراط” تكلم حتى أراك”، فقولك مباشرة أأو كتابة هو عنوان حقيقتك وهويتك الذي يجعلك مختلفا عن غيرك.

والاختلاف هو ما مييز الأسلوب، فقد تكون للمتحدث أو الكاتب أفكار جميلة وزاد من المعلومات والمعارف القيمة،  الآن أسلوبه يخونه فلا يس تطيع أن يرقى في طرحها  الى جمالية مضمونها، فيجعلها فكرة عادية أو أشبه بالميتة، سواء بتبخيس أهميتها لفظا في وصفها أو تحليلا في استيعابها و ادراكها، فالمفكر والكاتب، و ان كادنت أفكاره ترجمة لقتناعه،  الا أنه قد لا يكتب لنفسه فقط و انما للناس، فحتى مذكراته الخاصة قد يقرأها غيره عند مماته.

فالأسلوب القائل أو الكاتب ينبغي أن يفهمه الحاضر منهم وغائبهم، لذلك قيل بأن “الناس يتكلمون ليفهم الشاهد، ويكتبون ليفهم الغائب”، فلا قيمة لكاتب وقائل من دون قارئ ومتلقي، ولن يفهم الحاضر أو الغائب ما لم يتوخى صاحب الأسلوب اختيار عباراته بدقة، تلك العبارات التي تخرج معتقدات وأراء صاحبها من عالم الصمت والسكون الى عالم الحركة، من حياة الممات  الى حياة الحياة.

لا أقول له كن عقادا، أو توفيق الحكيم أو يوسف السباعي، أو طه حسين أو نجيب محفوظ أو  احسان عبد القدوس، أو المنفلوطي أو غيرهم، لأقول له أن الأسلوب هو البلاغة، و انما البلاغة نوع من الأسلوب، بل اقول له أن أحسن الكلام ما صدق فيه قائله وانتفع به سامعه، فما خرج من القلب يصل  الى القلب، فليس بين القلوب  اذن ولرسول، أما القول المحكم  انما هو القرأن الكريم فقط أما قول الانسان وكتابته من المستحيل أن لتصحح فكل كادتب أو قائل  لا وتمنى لو غير ما سبق له كتابته وقوله، وفي هذا قال الشاعر:

كم من كتاب قد تصفحته **** وقلت في نفسي أأصلحته حتى  اذا طالعته ثانيا **** وجدت تصحيفا فصححته

فالكتابة تعبير نسبي يخص صاحبه وينتفع منه هو وغيره كلما كادن فيه من الفائدة ما لينكر، و ان أنكره البعض لأنه لم يجد فيه متعته، فاختلاف أسلوب العرض والتلقي مسلمه بين الأشخاص، فرضه اختلاف ذوات الأشخاص التي لم يكن لذات أحدهما أن تنصهر في ذات الآخر، فالتوافق والانسجام في الامور كلها بين اثنين ليس بالأمر المطلق، حتى في الحب فتوهم بعض المحبين بانسجامهم التام يبقى وهما يكشفه العيش والمعاشرة، فتظهر العيوب التي أخفتها أشعة الشمس اللاهبة، فلكل ذاته التي تميزه عن غ يره في التفاصيل والجزئيات.

فقد تختلف عن الناس في أسلوبك لكنك قد تصل  اليهم بأسلوبك، فهو مفتاحك لعقل البشرية، فمتى كان طرح الأفكار عن  اميان وتصديق بها واقتناع بها، كلما وصلت الرسالة المتوخاة منها بأسلوب أنيق، بليغ، مؤثر، فكما يقول المثل ا لنجليزي أن ” الطائر يعرف من تغريدته، والرجل من كلامه”.

فاختيارك للكلمة تجعلها تتحدث عنك في غيابك، فالقول الحسن يجذب القلوب والعقول وقد أوصى به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، في الآية 21 من سوره ا لسراء }وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينكم{، وقدقيل أن” بائع العسل سأأل بائع الخل، لماذا يقبل عليك الناس ويدبرون عني، فأجابه:  التي أبيع الخل بلسان من  عسل، وأنت تبيع العسل بلسان من خل”.

فأول الحرب كلمة،  وأول الخصام والعداء كلمة، وكل  اناء بما فيه ينضح، فمتى كانت طيبة تركت أثرا طيبا، ومتى كانت فظة جعلتك منبوذا مكروها متروكاد، فقد قال تعالى في الآية 321 من سوره ال عمران }فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب

لانفضوا من حولك{، فأأسلوب طرح الموضوع والحديث والكلمة هو الذي يحكم على كيفية تلقيها، فكما قال  ونس تون تشرشل:” نحن سادة كلمات لم تنطق، ولكننا عبيد تلك التي تركنا ألسنتنا تزل بها، وأن الأسلوب دائما هو الذي يجعلنا نكمل الحديث مع أحدهم أو نتج نبه تماما .”

فالكلمة رسالة من صاحبها  الى الناس أو  الى فئة منهم بحسب موضوعها، فليختر صاحبها أسلوبا مناسبا في طرحها في احترام تام للجميع دون  اهانة أو مذلة أو تنقيص، أو غطرسة أو نبرة صوت غليظة، فقد قال الفيلسوف الألماني نيتشه” كثيرا ما نرفض فكرة ما لمجرد ان النبرة التي قيلت بها تثير النفور”.

والأسلوب ما لم يكن موزونا، رصينا، حكيما في مضمونه، فانه لن يبرح فاه صاحبه أو قلمه،  اذ ل بد لصاحبه من رصيد علمي ومعرفي، ولبد له من بناءه بتجاربه، المتراكمة في الحياة بحلوها ومرها والعلم هو شحنة الكلمات ومنبع المفردات  والافكار والحكم فتثقيف النفس بالعلم والخبرة والتجارب هو الزاد لتحديد الاسلوب الخاص بكل فرد يصقله بموهبة تجعله متميزا.

وفي العلم قال  امامنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه” المال تحرسه أنت، أما العلم فيحرسك”، فهيي حكمة عميقة تنم عن ارتباط العلم بصاحبه وبقائه ما بقي، فهو ليس كالمال  اذا أغفلت عنه ولم تحرصه ضاع واندثر، أما العلم الذي نهلته، فاغفل عنه ما غفلت، وابتعد عنه ما ابتعدت، وتجاهله كما شئت ف انه يحرسك ولصيقك الى اللحد، فمتى احتجته تفاجئت به ميطرك بغزارة في وقت ظننت أنك نسيته، الأنه لم ينساك، فتجده قد رفعك بين الخلق عند جلوسك فكما قيل” لباسك يرفعك قبل جلوسك وعلمك يرفعك بعده”.

والعلم ليس له حدود أو نهاية، فكما قال الامام علي بن أبي طالب” كل شيء يضيق بما فيه  الوعاء العلم فهو  يتسع”، فكلما تعلمت شيئا ظهرت لك أشياء كثيرة لتتعلمها، فالعلم ينمو ولايموت أو يقل، لذلك ليكن أسلوب الشخص في العلم هو  تجنب الغرور في العلم ألنه فوق كل ذي علم عليم، وأنه يوجد في النهر ما ليوجد في البحر، فليطلع ا لنسان ما اس تطاع على كل ممكن الاطلاع  عليه، فما لم ينفعه في حاضره قد ينفعه في مس تقبله، فكل التراكمات الايجابية منها والسلبية تبني الشخصية الانسانية وتؤثر فيها وتكون لدى صاحبها بذلك أسلوبا متميزا، فالاسلوب كما قال الفيلسوف س ينيكا هو لباس الفكر.

الأسلوب سلوك وتعامل:

     ان الاسلوب هو الذي يترجم حقيقة الانسان ويكشف عن ذاتيته وأسراره ومكنوناته وسلوكه، ويتحدث عنه في حضوره وغيابه، فالسلوك الخلوق، الجميل الطيب، كاسلوب لصاحبه هو مفتاحه لقلوب وعقول الناس، والتعامل هو أساس الدين فانما الدين معاملة.

وحسن التعامل ينبغي أن يكون مع الجميع دون تمييز بين الوزير والغفير أو الغني والفقير، فكما قال الملاكم المعروف محمد علي كلاي” لا اثق في شخص لطيف معي وقح مع النادل، لانه سيعاملني نفس المعاملة لو كنت مكانه”، فالمعاملة الطيبة كما يقول  فيكتور هيغو هي جواز مرور  الى قلوب الآخرين، ففن التعامل مع الناس كما يقول تيودور روزفلت هو اهم عنصر في معادله النجاح.

والتواضع أسلوب معاملة” فمن تواضع لله رفعه” كما قال رسول الله الكريم، ولطالما ذكرنا معلمونا منذ طفولتنا بأن “ملء سنابل تنحني تواضعا والفارغات رؤوسهن شوامخ” فلا يتواضع  الكبير وليتكبر  الحقير وناقص.

والقيادة والمسؤولية أسلوب معاملة، فالجرأة والعمل والابداع والشراف والتسيير والتخطيط هو أسلوب تعامل في اتخاذ المبادرة الحسنة كقيادي مسؤول في أي موقع من مواقع القيادة سواء كرب الا سرة أو العمل وغيره، فلا بد من القدرة على تحدي عراقيل الحياة واتخاذ القرارات والس يطرة على المشكلات بشجاعة القيادي، فكما قال القائد الفرنسي نابليون بونابارت ” جيش من ا ألرانب يقوده أسد، أفضل من جيش أسود يقوده أ نرب”.

      واحترام الناس أسلوب قد يجعل العدو منهم حبيبا والغريب قريبا، فقد قال سبحانه وتعالى في الآية 15 من سورة فصلت }و لا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم{، فمجرد تبسمك

في وجه أأخيك صدقة كما قال الرسول الكريم، وشق الطريق بابتسامة خير من شقها بالس يف كما يقول شكس بير” فتقديرك للناس وارتقائك بأسلوبك من دون قدح أو جرح أو  اساءة، لكفيل بأن يزرع حبك في قلوبهم، أما الاهانة فلا تموت لانه يلثم ما جرح السنان وليلثم ما جرح اللسان.

فمتى كادن أسلوب التعامل حميدا ترك أثرا طيبا، فالاثر الطيب هو ثمار العيش و ارث الحياة التي و ان لم يتمتع بها صاحبها في حياته، فحتما سيجني ثمارها غيره، لذلك قيل في حكمة عميقة “غرسوا فأكلنا… ونغرس فيأأكلون” فهو كادلمتعطر بقى عطره في ثيابه رغم خلعها، وفي  مجلسه رغم مغادرته.

فأسلوب تعاملك هو الذي قد يجمع الناس حولك حبا أو قد يبعدهم عنك كرها، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجنازة فقال” مستريح ومستراح منه” فقالوا يا رسول الله: ما المستريح والمستراح منه؟ قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا  وأأذاها الى رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب”، فليختر الانسان بأسلوبه وتعامله ماذا يريد أن يكون مستريحا أو مستراحا منه”.

فالاولى أن يرسم الانسان بأسلوبه حياة راحة له بين الخلق بأخلاق كرمية، وأجملها أخلاق القرأن، فقد كادن محمد رسول الله خلقهالقرأن، حتى قالت فيه السيدة عائشة أم المؤمنين لقد كادن قرأنا يتمشى، فالمحسن حي حتى و ان نقل  الى منازل الاموات، ومن الافضل للانسان أن يكون ” غيثا  اذا أقبل استبشر به الناس و ان رحل ظل أثره فيهم”.

“فليست العبرة أن تضيف سنوات  الى حياتك لكن العبرة أن تضيف حياة  الى سنواتك”.

فاختر أسلوب تعاملك مع الناس واحذر أن يكون بالمثل متى كادن سلبا،  الان ذلك لن يزيد الامر سوى تعقيدا، فكما قيل فرجال الاطفاء ليطفئون النار بالنار، وازدادت نارا التهمت اليابس والاخضر ولربما احترق بها كل شيء حتى صاحبها .

فتعاملك ينبغي أن يكون وليد تربيتك وأخلاقك لوليد تصرفات غيرك ولربما بحلمك غيرت في الناس بأأسلوبك ما لم تغيره فيهم الس نون، فقد سئل حكيم لماذا تحسن لمن أساء  اليك؟ وتصل من يقاطعك؟ فقال ألني بالاحسان أجعل حياتهم أفضل ويومي اجمل ومبادئي أقوى وروحي أنقى ونفسي أصفى وأترك أثرا طيبا لمن بعدي” .

والاسلوب هو حب الخير للجميع للعمل بفكرة” أنا ومن بعدي الطوفان”، فلا ” يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب لاخيه ما يحبه لنفسه” كما قال الرسول الكريم، فان كانت نملة أعطت القدوة والعبرة والمثال في حب الخير للغير قبل نفسها فكيف بالانسان ذي عقل وفكر وقلب فقد قال سبحانه وتعالى في الآية 31 من سوره النمل} حتى إذا اتوا على واد  النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون{ ، فقد آثرت النملة على نفسها وقدمت التحذير لغيرها لتقاء الخطر والتحطيم فسعت الى حماية عشيرتها قبل حماية  نفسها.

والتواضع أسلوب كذلك فمن تواضع لله رفعه، والتواضع سلوك محمود والغرور سلوك مذموم، فالمغرور كادلطائر كلما ا رتفع في السماء كلما صغر في أعين الناس، وقد أشار الله في آية بليغة  الى ضعف المغرور عندما خاطبه في الآية 13 من سورة الاسراء }لا تمشي في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا{ لذلك رحم الله من عرف قدره وجلس دونه.

والاسلوب أمل و ارادة وعزمية تنبع من داخل صاحبها لتدفعه  الى العطاء مواجها كل الازمات التي لن تكون له  الركيزة وسندا، فكما قال مرسيه الفرنسي أن” الانسان لن يكون عظيما  الا بألم عظيم”، ” فحتى عاهاتنا ينبغي أن تساعدنا على النجاح” كما قال بتهوفن.

والاسلوب  اتقان، فالممارسة فن وجودة، وبالجهد والاجتهاد والنضج الفكري المس توعب للمهارات والقدرات والمكاسب، يس تطيع الانسان  انتاج أسلوب حضاري متقن” فرحم الله من عمل عملا فأتقنه” كما قال رسول الله الكريم، فبذلك ينتقل صاحبه من ذي الاسلوب المستهلك  الى الاسلوب المتميز المنتج، يتحول من شخصية مستهلكة لما يقدمه الآخرين فقط  الى اخرى متميزة، منتجة قادرة على النقاش والنقد البناء.

والاسلوب فن  اصغاء و انصات وليس فقط فن كلام وكتابة، فهو فن نقاش وعدم تعصب للرأي، فقد قال في ذلك التمام الشافعي رحمه الله “ما جادلت أحدا  ال تمنيت، أأن يظهر الله الحق على لسانه دوني”.

إاذن فمسك الختام هو أأن ا ألسلوب هو الرجل، في قوله وكلمته  وسلوكه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *