وجهة نظر

هكذا تتم هيكلة الدماغ العربي المتجزئ

الفرد العربي بما في ذلك المغربي، لا يفكر ولا يتساءل ولا يشكك في أفكاره وقناعاته بشكل مستمر لأن دماغه يعمل بطريقة أوتوماتيكية مُبرمجة ويُطيع الدوائر العصبية ( NEURONAUX CIRCUITS) التي تم إنشاؤها مسبقًا مند فترة حمله تحت تأثير المحيط الحسي والعاطفي السلبي و وفق نمط “الازدواجية المتناقضة”.
وعلى سبيل المثال، يطالِب العربي بحرية التعبير والديمقراطية ولما يستقبل دماغه رأيًا يتوافق مع دائرة عصبية غير مدمجة في مخه، يبعث هذا الأخير عن طريق الدوائر العصبية العاطفية الصلبة انهيار جليدي دِفاعي عنيف وعدواني. ومع ذلك هذا ليس خطأه!

ومن بين الآراء التي لا تجد دائرة عصبية في الدماغ العربي لاستقبالها بمرونة، المساواة بين الجنسين والتشكيك في وجود الله وفي الدّين وأحكامه وكذلك الحرية الفردية والحرية في الجسد.

فلماذا يعمل المخ العربي هكذا؟

1- الإنجاب من خلال الطاعة العمياء والمبرمجة

العرب يَلِدون بدون “اشتياق” (DESIR LE) وفقط بطاعة للضغوط الاجتماعية وللطبيعة وللمتعة الخاصة بالآباء وليس لمتعة الطفل . ويدرك هذا الأخير في رحم أمه عدم “الاشتياق” لإنجابه ويلتقط دماغه هذه المعلومات التي تتعقب الدوائر العصبية العاطفية المجمدة بشعور عدم الأمان. وهذا ما يفسر كثرة الصراخ والبكاء وعويل الرعب عند الأطفال والرضع العرب.

2- غياب العش الحسي والعاطفي

بشكل عام، يتزوج العرب حسب الضغوطات الاجتماعي والجنسية وبدون معرفة جيدة بالذات ومؤسسة الزواج. وهذا يعيق الفهم بين الزوجين وبالتالي تظهر الخلافات والنزاعات مستمرة، علما أن الآباء أنفسهم يعانون من ضعف النضج العاطفي وانعدام الثقة وغير قادرين على توفير عش حسي وعاطفي أمين وايجابي لاستقبال المولود. وتتسبب هذه النزاعات عند الطفل في استقبال دبدبات حسية سلبية وصدمات عاطفية مؤلمة تُؤخر تطور دماغه والذي يُكوِّن كذلك دوائر عصبية عاطفية صلبة (مرئية في الصور عبر NEUROIMAGERIE LA). وهذا هو المسؤول عن إدراكه اللاحق طوال حياته بأن كل المشاعر التي يستقبلها هي عدوان وعنف ضده ويتفاعل بشكل غير لائق. وعلى سبيل المثال، إذا قال غريب “أهلا أو السلام أو كوكو” لطفل عربي، يختبئ هذا الأخير خلف والدته أو يهرب أو يخفي وجهه بيديه أو يبكي.

3- الأطفال عبيد بدون نفس وبدون عقل

في الثقافة العربية لا مكان للطفل في الأسرة ويُعتبر بدون عقل ولا يستوعب ولا يفكر ولا يفهم شيئا على الإطلاق (هِصْغيرْ مَكَيْفْهْمْ والو). وهذا يسمح للآباء بالتحدث عن مشاكل مروعة أمامه والنزاع والسب والشتم بعنف. وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً لأن دماغ الطفل يستقبل كل المشاعر الحسية الايجابية والسلبية وإذا كانت مؤلمة تتحول إلى صدمات تُنحت في ذاكرته إلى الأبد وتُحدد الدوائر العصبية العاطفية الندبية. لذا فإن الدماغ العربي لا يستطيع التعامل مع العواطف من أي نوع كانت ويرى حتى الإيجابية منها على أنها عدوان. وهذا يفسر لماذا يؤمن العرب بنظرية المؤامرة وكل من يحيطهم أعداء.

4- العنف

في الثقافة العربية العنف موجود بدون استثناء سواء بين الآباء أو ضد الطفل. وهذا العنف يصدم الطفل ويعطل نمو دماغه وتتكون لديه دوائر عصبية عاطفية مجمدة وصلبة. وفي مواجهة هذا العنف يتساءل الطفل سؤالين وكل منهما فيه تناقض وأترجمهما لكم كالتالي:

أ- “يتشاجر والداي ويهانون ويكرهون بعضهم البعض، فلماذا أنجبوني؟ إذاً لم أولد بدافع الحب و هل أنا سبب جدالهما؟ “. لذلك يشعر الطفل بالذنب (CULPABILITE LA) وهذا الذنب يصدم دماغه ويُفسر افتقاره إلى الثقة بالنفس والصعوبة في علاقته مع الآخرين حيث يحاول أن لا يخيب أملهم حتى لا يشعر بالذنب وبالتالي سوف يعاني طوال حياته.

ب- “إذا كان والداي يحبونني فلماذا يضربونني ويشتمونني ويحتقرونني؟ وكيف يحبونني ويكرهونني في نفس الوقت؟”. وهكذا تتطور في دماغ الطفل دوائر عصبية عاطفية غير قادرة على التمييز بين المشاعر السلبية والإيجابية. وكل ما يتلقاه دماغه من طرف أي شخص (مثل الرأي المخالف لقناعاته) يتم فك شفرته على أنه اضطهاد وعنف ضده.

5- غياب الفكر النقدي

غياب العش الحسي الآمن والعاطفي من جهة والعنف بين الزوجين وضد الطفل من ناحية أخرى، تتم هيكلة دماغ الطفل بطريقة جامدة وتعمل وفقا لدوائر عصبية عاطفية صلبة ومحفورة بدون مرونة مع الرعب من التشكيك في حب الوالدين لديه. ومن أجل ضمان الحد الأدنى من التأثير العاطفي السلبي، يصنع مخ الطفل دائرة عصبية عاطفية معاكسة (غير سليمة) ويُحولها إلى منطق جديد لقناعته كحقيقة وبالتالي لا تتطور له الدائرة العصبية للنقد الذاتي والفكر النقدي.

6- التربية الدينية الديكتاتورية المجزأة والطاعة العمياء

يعتمد الدين على آلية الطاعة العمياء للإله وللأحكام الدينية وللآباء. وبالإضافة إلى ذلك يُهدَّد الطفل بالجحيم الأبدي في حالة العصيان أي انتقاد هذه الآلية. وهذه الطريقة التربوية الدينية تستعمل عبارات خطيرة ومرعبة تصدم الطفل ويتم تكوين دوائر عصبية عاطفية جامدة وصلبة في دماغه. وهكذا يطرح الطفل السؤالين الآتيين: “هل خُلِقت لأُطيع؟ ولماذا؟ وما هو الهدف” و “ألنْ يكون من العدل ألا أولد تماما؟ “. ولكن لكي يكون الطفل قادرًا على الشعور بالحد الأدنى من التوازن، فإن دماغه يُنشئ دائرة عصبية عاطفية جامدة تحول التناقض إلى منطق حقيقي خاطئ.

هذه هي العناصر الرئيسية التي تجعل الدماغ العربي منظمًا للعمل على رسم تخطيطي عصبي جامد (تَكوَّن بنائه خلال طفولته وخصوصا خلال التسعة شهور الأولى بعد ولادته) وغير قادر على إدارة الآراء المعارضة لقناعاته المنحوتة والمحفورة في مخه حيث لما يشعر بمشاعر جديدة من خلال آراء الآخرين، ينظر إليها على أنها هجوم على استقراره.

ومن الواضح أنه من الممكن تغيير هذه الدوائر العصبية وبناء مرونة عصبية جديدة (اللدونة العصبية-NEUROPLASTICITE LA) بفضل برنامج الصمود والمرونة (RESILIENCE LA) على سبيل المثال.

* الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفساني، باحث وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *