مجتمع

الدكتور كرين يبسط دراسته لخروج آمن من الحجر.. ويصرح: منظمة الصحة تلعب دور المتفرج (حوار)

قال مصطفى كرين، طبيب ورئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، إن فيروس كورونا المستجد لازال موجودا، متحدثا عن احتمال رفع الحجر الصحي يوم 10 يونيو والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء.

وحث الدكتور كرين في حوار مع جريدة “العمق”، المواطنين على عدم التهاون في مواصلة اتخاذ كل إجراءات الوقاية، مشددا على ضرورة وضع المؤسسات والمصانع لدراسات حول الوضعية الصحية لكل العمال والموظفين قبل عودتهم للعمل لتفادي انتشار فيروس كورونا بشكل أكبر.

وتحدث الدكتور الكرين عن دور “المتفرج” الذي لعبته المنظمة العالمية للصحة بخصوص تفشي الفيروس عالميا، وفق تعبيره.

وفيما يلي الحوار:

– ما هي الشروط الآمنة لعودة المواطنين إلى حياتهم العادية بعد الحجر الصحي؟

أكيد على أن رفع الحجر الصحي جاء أساسا بسبب وجود إكراهات اقتصادية، فصار من الضروري إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية، إلا أن هذا الأمر لا يجب أن يتم في غياب شروط آمنة للوقاية، بالنسبة للعمال والموظفين الذين سيعودون إلى عملهم.

الوقاية، يمكن اختزالها في ثلاثة أشياء معروفة، ويتعلق الأمر بالكمامات، واستعمال المعقمات، والتباعد الاجتماعي، لكننا نتكلم اليوم عن العمال، والموظفين الذين قد يتواجد بعضهم، في إطار مساحات مغلقة، تتطلب شروطا أخرى، أو مستوى آخر من شروط الوقاية، هذا بالإضافة إلى إمكانية تواجد أشخاص يعانون من أمراض مزمنة في ذات الفضاء، هؤلاء سيكونون معرضين لفيروس كورونا المستجد، من جهة، وإلى نقل العدوى إلى زملائهم، وعائلاتهم في حالة إصابتهم، من جهة أخرى.

لذلك من اللازم أن تتم عودة هؤلاء للعمل، بشكل علمي، وموضوعي، ومن أجل جعل هذا الأمر، من المفترض أن يكون في متناول الإدارات، والشركات..، دراسة شاملة بالوضعية الصحية للعمال أو الموظفين.

وفي هذا الإطار، قمت بجمع دراسات، وبحوث صادرة عن منظمة الصحة العالمية، ومجموعة من المعاهد الدولية المعروفة بمصداقيتها في هذا المجال، واستخرجنا من هذه الدراسات كل عوامل الهشاشة الصحية التي يمكن أن تجعل من الموظفين أو العاملين، فريسة سهلة للفيروس، أو يمكن أن تتسبب له في حصول مضاعفات أو إلى الوفاة.

– ماهي الخلاصات التي وقفت عندها بخصوص الدراسة التي قمت بها بهذا الشأن؟

هناك 12 عاملا من عوامل الهشاشة التي يجب أخذها بعين الاعتبار لعودة الموظفين، أو العمال لعملهم، أو تصنيفهم ضمن العمال الذين يعملون عن بعد.

صنفنا هذه العوامل، حسب درجة خطورتها، وعمر المعني، وجنسه..، لما نقوم بفحص المعني بالأمر، واستجوابه سوف تتكون لدينا عوامل الهشاشة التي يعاني منها، فنقوم بجمع تلك المعاملات، ونحدد درجة خطورة ما يعانيه من ضعف صحي.

صنفنا هذه العوامل، في إطار لائحة تتضمن الجنس، حيث أن النساء أكثر إصابة بهذا الوباء، إلا أن الرجال، أكثر تعرضا للمضاعفات، وتبقى هذه الأخيرة رهينة بالسن، وبأمور أخرى، مثلا: المدخنين، والأشخاص الذين يتناولون الكحول، والذين يعانون من السمنة والبدانة..يوجدون في صدارة الأشخاص المعرضين للإصابة بالفيروس.

ولنفرض أن شخصا في سن الخمسين، مدخن، ولديه سمنة متوسطة، يعاني من أمراض الجهاز التنفسي، يتناول أدوية لها تأثير على النظام المناعي…بحساب هذه الأمور، نحصل على معدل معين، ومن خلاله، نحدد درجة خطورة تعرض الشخص المعني للفيروس، وبالتالي ونتعامل معه على أساسها، بتخفيض ساعات العمل، أو العمل عن بعد مثلا..، وهذه معايير موضوعية، ستحدد من يستطيع العمل في هذه الظروف الاستثنائية، ومن تستدعي الضرورة عمله عن بعد.

وبالتالي أؤكد أن مسألة العودة للعمل، تحتاج من اللجنة العلمية التي تعمل إلى جانب وزير الصحة، التواصل مع المؤسسات أو المصانع من أجل القيام بالتدابير الاستباقية للحد من هذا الفيروس.

– يعتقد بعض المواطنين أن رفع الحجر الصحي معناه انتفاء وجود فيروس كورونا.. ما هو تعليقكم؟

عكس ما ستوقعه بعض المواطنين بكون رفع الحجر الصحي معناه انتفاء وجود كورونا حاليا، هذا معطى خاطئ جدا، كورونا  لازال

متواجدا، إمكانية العدوى منه لازالت ممكنة، الاحتياط والقيام بجميع إجراءات الوقاية لابد أن تستمر، إلى أن نتأكد فعلا أننا تخطينا بسلام هذه المرحلة لذلك أنصح المواطنين بعدم التهاون في اتخاذ كل إجراءات الوقاية، وعدم التهاون في التزام النظافة، واستعمال الكمامات وتعقيم كل الأماكن التي يمكن أن تكون ناقلة للفيروس…”فيروس كورونا المستجد لازال موجودا “.

– لماذا ارتفعت منذ فترة حالات تعافي المرضى بفيروس كورونا عكس بدايات ظهوره؟

إن نسبة ارتفاع الشفاء من فيروس كورونا المستجد، التي يتم الإعلان عليها، “مضللة” بعض الشيء، وذلك لأن الجهات المعنية كانت في

بداية انتشار هذا الفيروس، تأخذ بعين الاعتبار فقط الأشخاص الذين تظهر عليهم حالة المرض، لكن فيما بعد صارت تأخذ بعين الاعتبار حتى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم علامات المرض، وهي بالمناسبة قد تصل إلى 80 في المائة.

وفي تحليل علمي لتلك النسب، يمكنني التأكيد على أنه لما نتناول في تحديد نسبة المتعافين، الأشخاص المشكوك في إصابتهم بفيروس كورونا، ونضيف إليهم المرضى بهذا الفيروس، أكيد سترتفع نسبة المتعافين، وبالتالي، هذه النسب غير دقيقة، على اعتبار أن المصابين بفيروس كورونا المستجد، ولا يحملون أية أعراض، قادرون على الشفاء من هذا الفيروس فقط من خلال عمل ومقاومة جهاز المناعة لديهم.

حين نخرج من بيوتنا إلى العمل، أو إلى أي مكان آخر، نصادف عددا كبيرا من الميكروبات، إلا أن نظامنا المناعي يقاومها لذلك تختفي الأعراض، وهذا ينطبق على الأشخاص الذين يصابون بفيروس كورونا دون أن تظهر عليهم أعراض هذا الفيروس، فيتم احتسابهم ضمن المرضى، وبهذه المنهجية، قد تكون النسب مضللة بعض الشيء.

من جهة أخرى، يتم الاعتقاد بأن عددا من المصابين بفيروس كورونا المستجد، تم شفاؤهم بعد معالجتهم بدواء الكلوروكين، سيما وأن جميع المصابين بالفيروس يتناولون هذا الدواء، مما سيساهم في عدم معرفة هل جميع المرضى تعافوا بسبب الدواء، أم أن مناعة بعضهم كانت سببا في شفائهم.

إن إعلان ارتفاع نسب الشفاء، باعتماد تلك المنهجية، لا يحدث على مستوى المغرب، بل على المستوى العالمي، مما يفرض ضرورة إعادة النظر، والتدقيق فيها، كما يجب تحديد معايير المرض ومعايير الشفاء بهذا الوباء.

– ماذا بخصوص تراجع عدد الوفيات؟

أكيد أن الطواقم الطبية بذلت مجهودا جبارا، وظهر ذلك على مستوى عدد الوفيات، ومع الوقت نتعلم كيفية التعامل مع الفيروس، ومع المرض، ومع الأعراض والمضاعفات، وبالتالي نصبح أكثر كفاءة، وأكثر قدرة على التدبير.

وبطبيعة الحال، يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى لستُ على اطلاع عليها، وهذا يعلم به الأطباء المباشرون في معالجة فيروس كورونا المستجد، لكن أضن أن العامِليْن اللذين ذكرت ساهما في تراجع عدد الوفيات.

– أعلن بعض الأطر الطبية عن تعرضهم للطرد من الفنادق دون التأكد من خلوهم من حمل فيروس كورونا. ما هو تعليقكم؟

للأسف، تم التعامل مع بعض الأطباء، والممرضين، والطواقم الصحية التي تعمل في الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، تعاملا يندى له الجبين.

حيث تم طردهم من الفنادق التي كانت تأويهم بمجرد خروج آخر مريض بهذا الفيروس، وهو ما أعتبره يعتبره جحودا، ونكرانا مجتمعيا، خطير جدا، وأود التأكيد على أن هذا التعامل لم يحدث، إلا بسبب سنوات من التحريض الإعلامي على هذه الفئة من المواطنين، بل هناك بعض التحامل الرسمي على رجال الصحة، وأنا لن أستغرب غدا، أن يحدث نزيف للأطر الطبية بعد انتهاء فترة ” كورونا “بسبب هذا التعامل خصوصا الأطر الكفأة والمتخصصة.

هؤلاء جنود كانوا في الصفوف الأمامية في مواجهة الوباء، يقاومونه بحياتهم، غامروا بأسرهم، مثل رجال الأمن، ورجال الجيش، والدرك لذلك، صراحة، أنا حزين جدا لهذا التعامل، ولا أضن أن أحدا يجرؤ أن يطلب من رجال الأمن، أو الجيش، أن يخلي فندقا كان يأويه خلال تلك الفترة، لكن تم التجرؤ على الأطباء، وأكيد من سيجني ثمار هذا التعامل هو المجتمع.

وبهذا الخصوص، أطالب الحكومة بأن تعيد الاعتبار لهذه الفئة من المواطنين الذين يضحون بكل شيء لأجل الصالح العام.

– تغير موقف منظمة الصحة من فعالية العلاج بدواء الكلوروكين.. لماذا في نظركم؟

أود التنبيه إلى مسألة مهمة، منظمة الصحة العالمية لم تنصح باستعمال دواء الكلوروكين إلى يومنا هذا، هي فقط سمحت باستمرار التجارب على الكلوروكين، واستمرار التجارب به، وهذا لا يعني الاعتراف بفعالية هذا الدواء، ولا السماح باستعماله في علاج فيروس كورونا، وقد نصل غدا إلى إثبات فعالية هذا الدواء.

المنظمة تعرضت لتخبط كبير في التعامل مع هذه الجائحة منذ البداية، وواجهت انتقادات كبيرة بهذا الخصوص، وهي انتقادات مشروعة، لأن المنظمة لم تستطع أن تدبر هذه المرحلة بشكل كبير، قالت في البداية بأننا بعيدون عن جائحة عالمية، ووقع ذلك، وقالت بعدم نجاعة استعمال الكمامات، وصارت ضرورة فيما بعد إسوة بالتجربة الصينية.

منظمة الصحة العالمية بقيت تلعب دور المتفرج، وبقيت تتفرج على تجاذبات العلماء في مختلف الدول حول فعالية دواء الكلوروكين من عدمه، ولازالت تتسبب في تخبط كبير بهذا الشأن.

وبالتالي شخصيا، لا أعتبر أن منظمة الصحة العالمية مرجع علمي، يمكن الوثوق به في عملية استعمال دواء الكلوروكين أو عدمه .

– تتوقع منظمة الصحة العالمية موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا.. كيف تعلق؟

إن إمكانية حدوث موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا المستجد، واردة، لكن المسألة لا تتعلق في حدوث ذلك، بل السؤال: هل نحن على استعداد لموجة ثانية أم لا؟ والدراسة التي أشرت إليها في بداية الحوار تأتي في إطار تفادي موجة ثانية من كورونا المستجد.

مسألة ثانية، أود التوقف عندها، نحن نتعامل مع فيروس لا نعلم عنه كل شيء، وقد نتفاجأ بتحوله، لذلك السؤال هو هل نحن مستعدون علميا، وتنظيميا ولوجستيكيا لمواجهته مستقبلا.وقد يظهر مستقبلا فيروس آخر من غير فيروس كورونا المستجد، خصوصا أنه في العقود الأخيرة صرنا أمام مواجهة توالي الفيروسات انفلونزا الخنازير، أنفلونزا الطيور…

وفي هذا السياق، سبق أن طالبنا في المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، بإحداث مجلس أعلى للصحة، لكي يقوم بتنسيق كل جهود الجهات المعنية، وبتدبير القادم من المشاكل الصحية، والقادم من الأوبئة، وكلنا نعلم أنه باستثناء وزارة الداخلية، كل المكونات الحكومية، عانت من التخبط في تدبير مسألة كورونا المستجد، حاليا لو كنا نتوفر على هذا المجلس كان الأمر سيكون أسهل بكثير.

مسألة ثانية، أود التنبيه إليها، فقد سبق وطالبنا أيضا بإحداث مرصد متوسطي للأوبئة لأن البحر الأبيض المتوسط هو مجال للتبادل الإنساني والتجاري المكثف، وبالتالي إمكاينة انتقال العدوى كبيرة جدا، ومن خلال هذا المرصد نستطيع القيام بما يجب لمواجهتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *