سياسة

أزمة ليبيا تقسم مواقف البلدان العربية.. الدول المغاربية تبث على موجة مغايرة للمشرق

الأزمة الليبية

تباينت مواقف الدول العربية، من المبادرة المصرية الأخيرة تجاه الأزمة الليبية، بشكل يعكس الاختلاف العميق فيما بينها تجاه قواعد الحل السياسي لإنهاء الاقتتال في هذا البلد النفطي.

وبات جليا أن دول المنطقة المغاربية، ليست على نفس موجة بعض الدول بالمشرق العربي، وعلى رأسها مصر، والإمارات، والسعودية والأردن.

ومكمن الاختلاف بين هذه الدول المنخرطة في المشهد الليبي، وفق خبراء مبني على “الحياد” و”الانحياز”، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الجزائر، وتونس والمغرب على وقفوها على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية، لم يعد خفيا دعم مصر، والإمارات والسعودية لمليشيات خليفة حفتر.

مبادرة السيسي

وبحضور الانقلابي خليفة حفتر، ورئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، “بيان القاهرة” لوقف إطلاق النار في ليبيا، بداية من الإثنين الماضي، والالتزام بحظر تصدير السلاح إلى طرفي النزاع، والعمل على التوصل إلى تسوية سياسية.

ورحبت كل من الإمارات والسعودية والأردن والبحرين إلى جانب روسيا وبعض الدول الأوروبية بإعلان القاهرة، فيما تجاهلته الحكومة الليبية الشرعية، ورفضته تركيا، ونأت الولايات المتحدة بنفسها عنه.

وتواجه كل من الإمارات ومصر والسعودية، اتهامات بدعم مليشيات حفتر في مواجهة الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا.

تقرير مجلس الأمن

ووثق تقرير لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، صادر نهاية ماي الماضي، حجم الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه الإمارات لحفتر منذ 2014.

وتضم الأسلحة، التي دفعت أبو ظبي ثمنها وأرسلتها إلى ليبيا، أنظمة دفاع جوي روسية من طراز (بانتسير-إس 1)، بـ14,7 مليون دولار، ومروحيات من طراز “سوبر بوما”، بـ15 مليون دولار تم شراؤها من دولة جنوب إفريقيا، وطائرات مسيرة مسلحة إماراتية الصنع من طراز “يابهون” بـ25 مليون دولار، وطائرات مسيرة مسلحة روسية من طراز “أورلان” بـ100 ألف دولار.

كما زودته بطائرات نقل أفراد “سوفيتية” من طراز “أنتونوف أن-26” و”إيلوشين إل-76″، وطائرات مسيرة مسلحة صينية من طراز “لونغ وينغ” بمليوني دولار، وصواريخ “بلو أرو 7” صينية، وصواريخ “GP6″، وصواريخ “هوك” أمريكية الصنع، وناقلات جند مدرعة إماراتية.

وتوفر الإمارات مرتزقة أجانب وتدفع رواتبهم للقتال بصفوف حفتر، وبينهم مئات المرتزقة الروس وميليشيات “الجنجويد” السودانية (قوات الدعم السريع)، ومتمردين من التشاد والسودان.

رفض وتجاهل

وقوبلت المبادرة المصرية، الأخيرة، برفض وتجاهل الجزائر وتونس والمغرب.

وتمسكت الخارجية المغربية، باتفاق الصخيرات، الموقع في 2015، والمعروف باسم الاتفاق السياسي، كمرجعية وحيدة للحل في ليبيا.

وقالت الخارجية الليبية، في بيان عبر صفحتها بـ”فيسبوك”، الأحد، إن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أكد لنظيره الليبي محمد سيالة، “أن الاتفاق السياسي، الموقع بالصخيرات، هو المرجعية الأساسية لأي حل سياسي في ليبيا”.

من جهتها، جددت الخارجية التونسية، الأحد، في بيان، “مواقفها الثابتة والداعمة للشعب الليبي ولمؤسسات دولته، كما حددتها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والاتفاق السياسي، بما يضمن وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها واستقرارها”.

أما الخارجية الجزائرية، فلم تعط أهمية كبيرة للمبادرة المصرية، ولم تشر إليها بالاسم في بيان لها قالت فيه: “أخذت علما بالمبادرة السياسية الأخيرة من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية”.

وشددت الجزائر، في ذات البيان، على أهمية دور دول الجوار في مسار التسوية السلمية في ليبيا، والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.

ويفهم من ذلك، رفض الجزائر لانفراد دولة معينة بمبادرة الحل في ليبيا، خاصة إذا كانت لا تتحرى “الحياد”.

وأكدت الجزائر مرارا، رفضها لسيطرة مليشيات حفتر على العاصمة طرابلس، وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في يناير الماضي، إن “طرابلس خط أحمر”.

ويصف الصحفي الجزائري عثمان لحياني، الموقف المغاربي مما يجري في ليبيا “بالحذر”، لأن “هناك إدراك أي تطور سلبي في هذا البلد سيؤثر سلبا على دول المنطقة بحكم القرب الجغرافي”.

ويرى لحياني، في حديث مع الأناضول، أن “ليبيا جزء من الحاضنة المغاربية، وأي تعامل معها لن يخرج عن الحذر الشديد”.

ويضيف: ” نلاحظ أن المحور العربي الذي يدعم حفتر (مصر، الإمارات، السعودية والأردن) دول ليس لها استقلالية في القرار السياسي، الذي ينبع من خطط وتصورات للقوى (الدولية) التي تعيد رسم الجغرافية الإقليمية والدولية”.

اختلاف

وبات واضحا منذ مدة، أن الدول العربية لا تملك تصورا مشتركا لتأمين مخرج للأزمة الليبية.

فقد اختارت دول مثل الإمارات ومصر والسعودية الانحياز الكلي، لصالح حفتر، ودعمته بالمال والسلاح من أجل السيطرة على الدولة، وإسقاط المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، باعتبارهم المؤسسات الوحيدة التي تحظى بالشرعية في ليبيا.

بينما ترفض الجزائر وتونس والمغرب الطرح الانحيازي، ولا تفوت فرصة إلا وتشدد على الحياد والاستمرار في التعامل مع الحكومة المعترف بها دوليا.

وتناقل إعلام دولي، في الأسابيع الماضية، معلومات مفادها، أن الإمارات ومصر، مارستا ضغوطا على الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل رفض تعيين الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة، مبعوثا أمميا إلى ليبيا خلفا لغسان سلامة، المستقيل مطلع مارس الماضي.

ويرى الباحث الجزائري المتخصص في الشأن الليبي، عبد القادر دريدي، أن “الاختلاف في التعاطي مع الأزمة الليبية لا يخضع فقط لجغرافيا المشرق والمغرب لأن الاختلافات تمتد إلى ما بين الدول في نفس المنطقة”.

من جانبه، قال جمعة القماطي، مبعوث رئيس حكومة الوفاق الليبية إلى دول المغرب العربي في حوار لصحيفة الخبر الجزائرية (خاصة) قبل أيام “مازلنا نتطلع لدور أكبر للجزائر في الأزمة بحكم أنها دولة جارة قوية في العالم العربي وشمال إفريقيا”.

* وكالة الأناضول / الجزيرة : بتصرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *