حوارات | سياسة

أدمينو: أتفهم مطلب أوجار باعتماد التصويت الإجباري.. والديمقراطية حل لتجاوز الأزمة

قال رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، عبد الحفيظ أدمينو، إنه “لا يجب التضحية بالجانب الديمقراطي، لنقول أننا نسعى لربح الرهان الاقتصادي والاجتماعي، والحل لعدد من المشاكل في بلادنا، لن يكون إلا انطلاقا من مسألة تعزيز الديمقراطية، إذ لا يمكن تصور أن ابتعاد المواطن عن تدبير الشأن العام بإمكانه حل المشكل، بالعكس إن الأمر سيؤدي إلى تعميق المشكل، الديمقراطية اليوم هي الحل في العالم بأكمله، ولا نملك أي خبار آخر”.

وأكد أدمينو، في حديث مع جريدة “العمق”،  أن الديمقراطية تنطلق أساسا من أحزاب سياسية وانتخابات نزيهة، مشيرا إلى أن “المواطنين الذين يشتكون اليوم من مشاكل اجتماعية، لهم دور في بروز المرشحين المدبرين للشأن العام اليوم، إذ أنهم المساهمين الأساسيين في نجاحهم، إما بطريقة مباشرة عبر التصويت عليهم، أو بطريقة غير مباشرة بعدم التصويت، إذن مسؤولية المواطن اليوم قائمة وثابتة”.

وزاد، بنفس الطريقة التي نطالب بها الدولة للتدخل والمساعدة من أجل توفير البنية التحتية والحماية الاجتماعية، نطالب أيضا بمسؤولية المواطن الجوهرية في اختيار النخب السياسية، إذ لا خيار لنا إما اللجوء إلى الخيار الديمقراطي أو العودة للنظام الشمولي، الدور هنا كذلك للإعلام الذي يجب عليه قراءة الواقع بدون ذاتية.

واعتبر أدمينو أن “تدبير الشأن العام له قنوات سياسية، وليس له قنوات أخرى إلا إذا كان هناك تفكير في مراجعة الدستور، لإقرار قنوات أخرى، العلم الله، لكن الآن الوثيقة الدستورية التي لدينا، تقر أن تدبير الشأن العام له قناة أساسية هي القناة السياسية الحزبية عبر العملية الانتخابية، وبالتالي فإن أي خيارات أخرى ستؤدي إلى تعطيل المسار، وسنخسر زمنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وغيرها”.

وانطلاقا من نفس السياق، أعرب أدمينو، عن تفهمه لمطلب وزير العدل الأسبق محمد أوجار، بإقرار التصويت الإجباري في الانتخابات القادمة، بالقول “لأن القناة السياسية هي القناة الوحيدة لتدبير الشأن العمومي في بلادنا، التي تجعل مجموعة من الفاعلين السياسيين يقدمون مقترحات”، مضيفا أن “أداء الأحزاب السياسية عليه ملاحظات، إذ لا نقول أنها بشكل كبير قائمة بوظيفتها، الشيء الذي يجعل المواطن يعزف على التصويت، وليس هناك تغيير لكي يحفز المواطن”.

وأضاف، الأساسي اليوم أنه يجب على المواطنين أن تكون لهم القابلية في المشاركة الانتخابية، وليس اللجوء إلى عدم المشاركة، لأن الأحداث السياسية لا تسمح، لعدد من القناعات المتضمنة للدستور المغربية الذي صوت عليه المواطنين في 2011.

وأشار، “أرى أن مؤشر المالية التعديلي، وإن كنت لا أراهن عليه إذ أن الهامش فيه المالي لتحرك الحكومة لن يتعدى 20 أو 30 في المائة، وخاصة أنه سيتزامن مع فترة إعداد قانون مالية 2021، الشيء الذي زاد من المطالب الاجتماعية، ومطلب الدولة الحاضنة التي يجب أن توفر الخدمات الأساسية”.

كورونا عرت على جوانب لم تكن مكشوفة

وفي سياق متصل، أكد أدمينو، أن “فيروس كورونا عرى جوانب لم تكن مكشوفة وواضحة على مستوى الواقع الاقتصادي والاجتماعي، إذ تبين بالفعل أن الاقتصاد الوطني يعاني من داء خطير وهو الاقتصاد غير المهيكل، حيث تم الاعلان عن 15 مليون شخص يشتغل في ظله، وهو رقم مخيف جدا من حيث أولا تكلفته الاقتصادية، إذ أن هذه الأنشطة التي تمارس في ظل الاقتصاد غير مهيكل لا تستفيد منها الدولة، من حيث العائدات الضريبية وتسوية الوضعية للأجراء العاملين في هذا القطاع”.

وأوضح أدمينو، في حديث مع جريدة “العمق”،  أن الاقتصاد غير المهيكل، هو الذي لا تُصرح جميع أنشطته للدولة، ولا يضمن الحماية للأجراء والعاملين فيه، وليست فيه عقود شغل واضحة التي تضمن لهم الحقوق في إطار مدونة الشغل، وكذلك لا تضمن لهم التغطية الصحية والتصريح لدى الجهات المكلفة بالحماية الاجتماعية، وإن كان بعد رواده يتوفرون على البطاقات المهنية، كما هو الشأن بالنسبة لسائقي سيارات الأجرة.

وأكد، أن الواقع اليوم صعب، لأنه يحتاج أساسا لمجهود الدولة من ناحية التمويل، لتحويل الأنشطة غير مهيكلة إلى أنشطة مهيكلة، وأيضا تتطلب وعي المواطنين، إذ لاحظنا مؤخرا المقاومة التي انطلق بها العاملين في المقاهي بسبب عدم التصريح بأغلبيتهم في صناديق الحماية الاجتماعية، والمسألة أساسا لمعالجة هذا الفتيل، أتوقع إدراجها في أجندة زمنية متوسطة الأمد.

أما فيها يخص جانب الفقر والهشاشة، أشار أدمينو، أن هناك 4 مليون أسرة مغربية طلبت الدعم، الشيء الذي يعني أن الدولة ملزمة ايضا بإقرار سياسات موازناتية للعدالة الاجتماعية، إذ نتكلم هنا عن الحق في حماية العدالة الاجتماعية، وبالتالي فهذا المجهود موجود لكن بطيء، كما أن مسار استفادة أصحاب المهن الحرة من الحماية الاجتماعية، أتصور أنه يجب أن يستمر ليشمل أكبر عدد من المواطنين، الشيء الذي يستدعي أساسا دعما موازناتيا، من مالية الدولة.

وزاد المتحدث نفسه، في حديثه مع “العمق”، كذلك اليوم نتحدث عن مشكل التغطية الصحية الشاملة، التي من المفروض أن يكون لدى جميع المواطنين الحق فيها، بشكل يخفف من التفاوت الحاصل على مستوى الخدمات الصحية ما بين القطاع العام والقطاع الخاص، إذ أصبح معنى القطاع العام، في أنه لا يلجأ إليه إلا الفقير الذي لا يملك التغطية الصحية، باستثناء “رميد” الذي يعرف مشاكل متراكمة مرتبطة أساسا بالعرض الصحي الذي تقدمه الدولة على مستوى المستشفيات العمومية، وفقا لتصريح الحكومة نفسها.

وأردف، “لدينا اليوم مسؤولية الدولة من خلال التدبير الموازناتي فيما يتعلق بتحقيق العدالة المجالية، وهو مشكل لا يزال المغرب يعاني منه، إذ أنه اليوم لدينا فقط أربعة جهات هي التي تستحوذ على الناتج الخام المالي للدولة ككل، وباقي الجهات الأخرى لديها كل أشكال العوز والنقص في الخدمات الأساسية،  والبنية التحتية، الشيء الذي لا يجعلنا نتحدث عن المساواة وتكافئ الفرص في مجال الخدمات العمومية من دون أن تكون هناك مقاربة استثمارية مهمة في المجال الترابي، يهدف إلى تحقيق العدالة المجالية”.

وأكد، قبل كورونا، مجموع الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في عدد من جهات المملكة كانت تطالب أساسا بالخدمات الأساسية، من قبيل الولوج إلى الصحة وإلى التعليم والشغل، أتصور أن هذا السيناريو لا يزال حاضرا، لازال لدينا مشكل العدالة الجهوية.

وأوضح، في بداية الوباء، كانت ثلاثة جهات فقط هي التي كانت تتوفر على مستشفيات قادرة على استقبال المرضى، ومراكز التحليل كانوا اثنين بالإضافة إلى مركز الاختبارات التابع للمستشفى العسكري، الذي يوضح جليا الخصاص المهول على مستوى المنظومة الصحية والعرض الصحي، الواقع اليوم تعرى، والمسألة تستدعي علاجا سريعا.

القطاع الخاص عرف محدوديته

وبالنسبة للنموذج التنموي، قال أدمينو في حديثه مع “العمق”، “من الطبيعي أن يكون عليه تغيير، لأن تمديد المدة المخصصة لتقديم مقترح اللجنة إلى نهاية العام، هو دليل على أنه هناك أولويات اتضحت اليوم، المتمثلة أساسا في الطلب المتزايد على الدولة لتوفير الخدمات العمومية، مشكل العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية، وهي مشاكل كانت فيما قبل، لكن أزمة كورونا عملت على توضيحها بشكل أكبر”.

وأضاف، منذ قانون الخوصصة 1989 كانت هناك آمال كبيرة معلقة على القطاع الخاص، لكن اليوم اتضح أن القطاع الخاص أيضا قطاع لا يستطيع المساهمة في الدورة الاقتصادية بشكل عادي، ولنا نماذج كثيرة، في أن عدد من المقاولات صرحت تصريحات خاطئة، ومؤسسات التعليم الخاص التي تستثمر في قطاع مهم جدا وهو التعليم والتكوين والتربية، كيف عالجت أزمة كورونا، والأرقام التي قدمت من القطاع الخاص طالبة للدعم من الدولة، يُظهر بالفعل أن الرهان على القطاع الخاص كمحرك ومنعش للاقتصاد، عرف محدوديته، إذ على الدولة اليوم إعادة دورها الضابط لإعادة تنظيم الدورة الاقتصادية، وتدخل الدولة الأساسي من خلال الاستثمار العمومي في مختلف مؤسساتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *