آخر أخبار الرياضة

شك وإهانة ووهن.. رحلة امرأة مغربية أصيبت بـ”كورونا” في طنجة وأهملها أطباء الرباط

بالرغم من كل التدابير التي قررتها الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وبالرغم من ترسانة القوانين التي صاحبت هذه التدابير، ومن القرارات الاستباقية الجريئة التي خففت من حدة الجائحة بداية ظهورها، وكبدت المواطنين، والاقتصاد الوطني خسائر كبيرة.. إلا أن منظومة الصحة بالبلاد لازالت تعاني في صمت.

“نجاة” (إسم مستعار)، واحدة من المواطنين، والمواطنات، الذين عانوا، ويعانون، الأمَرين جراء استهتار بعض المصالح الطبية بصحتهم، وجراء ضعف، وأحيانا انعدام التواصل، سيما مع مرضى كورونا، هذا الفيروس المعدي الذي يحتاج للمزيد من الصرامة للحد من انتشاره.

فتحت “نجاة” قلبها لـ”العمق” لتحكي معاناتها قرابة الشهرين، فقط من أجل التأكد من إصابتها، أو عدم إصابتها بكورونا، ومعاناتها للعلاج من مرض أنهك صحتها ولازالت تجهل أسبابه.

كانت “نجاة” تشتغل بإحدى المصانع بمدينة طنجة، وحيدة تعيش في منزل هناك بغية تحقيق ذاتها، إلا أن الفيروس اللئيم استطاع أن يتمكن من الوصول إليها، حيث تسلل إليه بدون وعي منها.

شعرت “نجاة” بضعف، وتعب شديد، وحمى قوية، حاولت استعمال الأدوية في البيت إلا أن الحمى صارت ترتفع يوما بعد يوم، فلم تستطع المقاومة، مما اضطرها إلى الذهاب إلى أقرب عيادة طبية -الطب العام-للاطمئنان على صحتها، وهناك أكدوا لها أن الأمر لا يتعلق بفيروس كورونا.

ومع استمرار تدهور حالتها الصحية، بدأت “نجاة” رحلتها المتعبة للبحث عن أسباب هذا الوهن الذي تشعر به.

عادت “نجاة” إلى بيتها تجر خيبتها دون أن تعرف سبب هذا التعب، سيما، وأن كل الأعراض التي يقال أن مرضى كورونا يشعرون بها خلال إصابتهم به كانت تشعر بها، مما دفعها إلى زيارة مركز خاص للفحوصات للتأكد من خلوها منه، وبعد إجراء فحوصات سريرية، تم توجيهها لإجراء التحاليل المتعلقة بفيروس كوفيد 19، بمستشفى بطنجة، وتم بالفعل أجراء تلك التحاليل،ثم عادت أدراجها إلى بيتها في انتظار النتائج، وهي في حالة صحية جد مزرية، لا تقوى على الحركة، ولا الأكل، ولا حتى الكلام…لكنها لم تتوصل بأي جواب عن إصابتها بالفيروس من عدمه، الشيء الذي فهمت منه أن نتيجة التحاليل سلبية، سيما وأن وزارة الصحية، وبالأحرى الجهات المعنية بإجراء تلك الفحوصات لا تتواصل مع الأشخاص التي تُظهر نتيجة التحاليل أنهم غير مصابين بهذا الفيروس، فيفهم المعني ضمنا أنه معافى.

كانت “نجاة” تتواصل مع أسرتها بالرباط، وتخبرهم بكل التفاصيل، وكل خوفها أن تموت وحيدة بين جدران بيتها بطنجة، خصوصا وأن إمكانية السفر في تلك الفترة، لم تكن متاحة بسبب الحجر الصحي الذي فرضته الحكومة.

لم يتوقف الألم، بل صار يزداد، يوما عن يوم، كما أن الحمى ترتفع بشكل مخيف، ناهيك عن الغثيان والتقيؤ…، وفي ظل انعدام التواصل، وأمام تفاقم وضعيتها الصحية، استغلت أول فرصة سمحت فيها السلطات للمواطنين بالتنقل، والسفر لتعود إلى بيت أسرتها بالرباط، دون أن تدري أنها ستبدأ رحلة جديدة من العذاب، مع كائن غير مرئي، غيَّر مسار حياة العالم.

عدم توصل “نجاة” بنتيجة التحاليل من طرف المسؤولين بمستشفى طنجة، جعلها وأختيها يتعاملن بشكل عادي مع بعضهن البعض، ولو أن بعض الحذر كان يفرض ذاته، فقد اعتقد الجميع أنها غير مصابة بالفيروس.

بعد وصولها للرباط، وبعد مرور يومين، لازالت نجاة تعاني من الحمى، والوهن، والتعب اليومي، أضحت حالتها الصحية تتراجع، مما اضطر أختها إلى اصطحابها إلى مستشفى مولاي يوسف المتخصص في الأمراض الصدرية لمعرفة أسباب هذا الألم، وبعد شد ورد، أكدوا لها هناك أنها غير مصابة بالفيروس اللعين، ومنحوها مضادا حيويا إلا أنه ضاعف من آلامها، ومن هناك حملتها أختها إلى المستشفى الجامعي السويسي، فحتى لو لم تكن مصابة بالفيروس، حتما الألم الذي تعاني منه، هو بسبب مرض آخر يجب أن يعالج.

محطة أخرى من البحث عن تأكيد عدم إصابتها بفيروس كورونا عاشتها “نجاة”، ومن مستشفى مولاي يوسف بالرباط، إلى المستشفى الجامعي السويسي، هناك رفض الموظفون استقبالها بادئ الأمر، دون مراعاة بأن حالتها الصحية جد مزرية، إلا أن هذا القرار تغير بعد إخبارهم بأنها قادمة من طنجة، حينها ساد الخوف، وتم التعامل مع حالتها بشكل جدي.

تم إجراء التحاليل الطبية الخاصة بكورونا ل “نجاة” ليتأكد على أنها مصابة بالفيروس، حيث كانت نتيجة التحاليل إيجابية عكس ما تم “إيهامها” من قبل..فتم وضعها بغرفة خاصة بعيدا عن باقي المرضى…لكن المؤلم أن نتيجة استهتار الجهات الصحية المعنية وعدم تواصلهم معها، تسبب في إصابة أحد أفراد أسرتها، والحجر على الأخرى التي كانت ترافقها، أيام عيد الأضحى في منزلها.

ليلة كاملة في غرفة باردة ومعاملة لا إنسانية، بدون “وسادة”، وبدون ماء، المريضة جف ريقها فاظطرت الى الخروج من الغرفة وطالبت من أحد الممرضين شربة ماء ليخاطيها بنبرة غاضبة “شربي من الطواليط”، فكان من الضروري من احتجاج أختها على هذا الوضع، من أجل الانتباه إليها، وهناك بدأت “نجاة ” العلاج، فيما تم البحث عن المخالطين لها، ليتبين أن إحدى أخواتها التي لا تعاني من أي أعراض مصابة هي الأخرى بالفيروس، تم نقلها في الحين إلى مستشفى مولاي عبد الله بسلا، وبعد يومين، تم نقلها مرة أخرى إلى المستشفى العسكري بسيدي يحيى لتلقي العلاج، فيما تم الحجر على أختها الثانية 14 يوما في بيتها، مع وضع حراسة أمنية مشددة عليها.

بعد 12 يوما من العلاج، خرجت “نجاة” من المستشفى بأمر من الطبيب المعالج، بدعوى أن صحتها تحسنت، ولو أنها لا تزال تعاني من تداعيات المرض، فيما ضلت أختها التي كانت تعالج بسيدي يحيى والتي لم تظهر عليها أي أعراض، 15 يوما تحت الرعاية الطبية، التي وصفتها ب”الجيدة”.

آلات التصبين بالمستشفى العسكري بسيدي يحيى

لم تتماثل “نجاة” للشفاء فلازالت تعاني من آلام بجسدها، كما تم إخبارها بإمكانية إجراء التحاليل الثانية على حسابها الخاص، بعد 14 يوما من انتهاء البروتوكول العلاجي، من أجل التأكد من خلوها من الفيروس.

وفي ظل كل هذه الرحلة الطويلة، وبعد العلاج من فيروس كورونا، لازالت نجاة تبحث عن سبب كل هذا الوهن، والتعب الذي تشعر به، وهي الآن تبحث عن طريقة أخرى للعلاج، وكل الخوف ألا تستطيع إجراء الفحوصات بعيادات خاصة بسبب إصابتها السابقة بفيروس كورونا الذي لا تعرف اصلا هل تعافت منه بشكل نهائي…قصة نجاة شهادة على بعض التخبط الذي تعيشه بعض مستشفياتنا بالرغم من كل المبادرات التي أعلنتها الحكومة للتحكم في الفيروس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *