منوعات

كيف يؤثر الفيسبوك على تركيزنا في العمل؟

كل من قضى فترة ولو قصيرة على الفايسبوك يعلم أن الموقع يؤثّر على وقتنا وانتباهنا بطريقة مباشرة؛ هذا التأثير يكون أوضح حين نترك الموقع ونكتشف بأنه لدينا الكثير من الوقت “الزائد” في يومنا 

كيف يشتّت الفايسبوك تركيزنا في العمل:

الفايسبوك يسرق تركيزنا الذهني لسببين رئيسيين وهما الهوس بتحديث حسابنا بالصور والستاتوسات والتعليقات الجديدة والتحقّق من آخر أخبار الأصدقاء عليه، حتى حين لا نكون على الفايسبوك، والسبب الثاني هو كمّية المعلومات الهائلة التي تقصف بها عقولنا حين نكون على الموقع والتي تسيطر على انتباهنا وتشتّته لساعات طويلة. كم من مرّة كنّا نعمل أو ندرس وتوقّفنا فجأة لنلقي نظرة على الفايسبوك؟ كم من مرّة نفقد انتباهنا وتركيزنا بعد التحقّق منه؟

من يتفقدّ الفايسبوك لمرّة واحدة في اليوم أو لوقت قصير جداً لا يعاني من هاتين المشكلتين، المشكلة موجودة فقط عند اللذين يقضون أوقات طويلة أمام الشاشة. في جميع الأحوال، تشتيت التركيز والوقت هو مشكلة حقيقية لأنه يحرمنا من القدرة على التعلّم والانتاج.

صحيح أن كميّة المعلومات التي يتعرّض لها عقلنا على الفايسبوك هي هائلة إلا أن ما نتعلّمه منها هو أقل بكثير من السابق، والسبب هو أن ذهننا البشري يمتلك قدرة محدودة على استيعاب المعلومات وحين تتجاوز كمّية المعلومات مستوى معيّن يصبح عقلنا غير قادر على هضم المعلومات الجديدة التي يتلقّاها كما يبدأ بنسيان المعلومات القديمة.

هذه الظاهرة هي اليوم محطّ دراسات نفسيّة عديدة تحاول فهم مدى مساهمة المواقع الاجتماعية في تعزيز اضطراب نقص الانتباه Attention Deficit Disorder الذي يشكّل عائق حقيقي أمام التعلّم والترابط الاجتماعي.

ومعظم أبناء جيلنا يجدون صعوبة كبيرة في أداء أية مهمة تتطلب صبراً أو انتباهاً مطوّلاً مثل الإصغاء في محاضرة أو محادثة، الدراسة، العمل على مشاريع طويلة الأمد، أو قراءة كتاب.

هنالك إحصائية صدرت منذ فترة تقول أنه هنالك 1 في المئة فقط من أبناء جيلنا، يستطيعون إكمال قراءة مقال يتجاوز الألف كلمة في جلسة واحدة من دون أن يوقفوا القراءة ليفعلوا أمراً آخر. أي إنك إن استعطت أيها القارىء العزيز في الوصول إلى هذا السطر من دون أخذ استراحات أو فتح مواقع أخرى أو تفقّد الفايسبوك، عليك أن تهنّأ نفسك لأنك تنتمي إلى 1 في المئة فقط من أبناء جيلنا.

لكي نفهم تأثير التركيز المتقطّع على انتاجيّتنا علينا أن نعرف بأن كلّما قمنا بتحويل تركيزنا من مهمّة إلى أخرى، مثل إيقاف الدراسة من أجل التحقّق من الفايسبوك، نعاني ممّا يسمّيه علماء الاجتماع “كلفة التبديل” Switching Costs. أي أننا نخسر من انتاجيتنا وتركيزنا كلّما غيّرنا من مهمّة إلى أخرى، وهذه الخسارة تصبح أكبر إذا كان هذا التبديل متكرّر.

تأثير الفايسبوك السلبي على دراستنا وإنتاجيّتنا هو اليوم مدّعم بالعديد من الأبحاث الميدانيّة؛ هنالك دراسة على الجامعات الأميركية مثلاً تظهر بأن الطلّاب اللذين يستعملون الفايسبوك يمضون وقت أقل على دراستهم ولديهم معدّل علامات GPA أقل بنصف نقطة من الطلّاب اللذين لا يمتلكون حساباً على الموقع، دراسة أخرى شملت 4000 موظّف في مدن الهند الرئيسية في العام 2009 توصّلت إلى أن الفايسبوك وحده مسؤول عن خسارة في الانتاجيّة قدرها 12.5 في المئة على الأقل.

الأرقام هذه تبقى متواضعة نوعاً ما لأنها أجريت منذ سنوات قبل أن يصبح الفايسبوك شعبياً لهذه الدرجة وشملت أشخاصاً يتفقّدون الفايسبوك مرّة واحدة أو مرّتين في اليوم فقط. يمكننا أن نتخيّل كم يؤثّر الفايسبوك على وقتنا وانتاجيّتنا حين نتفقّده عشرات المرّات في اليوم.

فالتركيز والصفاء الذهني، هما حالتان نادرتان في ظلّ الاستخدام المكثّف للفايسبوك، فالموقع مصمّم ليشجّع المستخدمين على قضاء أكبر وقت ممكن عليه، وهو يضيف البرامج والألعاب والفيديو وعواميد الأخبار الصغيرة والمواقع داخل المواقع باستمرار لأنه يريد أن يأخذ انتباهنا ووقتنا بأي طريقة كانت. الفايسبوك يشجّعنا كذلك على الدخول إليه أينما كنّا ومن أي جهاز نحمله، من الهاتف والبلاكبيري والآيفون وكل آلة فيها اتصال بالانترنت. الفايسبوك لا يريد أن يكون هنالك عقبات تحول دون أن نعطيه الجزء الأكبر من وقتنا وطاقتنا. وبالتالي ليس هنالك من مبالغة إن وصفنا الفايسبوك بأنه مصّاص دماء، فهو يعيش حرفياً على امتصاص وقتنا وانتباهنا وطاقتنا.