مجتمع

كانت تداوي المريض وتهتم للفقير.. مسنة تحكي ذكرياتها مع عمة الملك بجزيرة بادس المحتلة (فيديو)

بمجرد أن تطأ قدمك شاطئ باديس بجماعة آيت قمرة باقليم الحسيمة، يثير فضولك بقايا قصر متين على حافة الجبل، جرفته مياه الوادي الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط.

هو قصر عمة الملك، الأميرة الراحلة لالة أمينة، التي اختارت هذا المكان في حياتها، قبالة جزيرة مستعمرة من طرف الإسبان منذ قرون، لقضاء عطتلها الصيفية كل سنة.

ذكريات مسنة
أمي فاطمة، امرأة قاربت المائة سنة لكن ذاكرتها لا زالت شاهدة على أطلال المكان، تحكي للعمق ذكرياتها مع الأميرة  “بادس  كانت جميلة بوجود لالة أمينة، كانت تقضي هنا شهرين من كل سنة، وكلما حلت بنا تطعم الفقير وتداوي المريض، وتهتم للبعيد والقريب “.

وهي تحيك شمسيات صغيرة تبيعها للسياح الوافدين على المنطقة، تضيف أمي فاطمة “كانت تعد لنا أطباقا من سمك لم نتذوقه قط، فتقوم بتوزيعه على الساكنة كل بطبقه”.

المرأة المسنة لم تنجب أولادا لكن أحد أبناء أقاربها كان لها الولد والسند، وهي تعدد خصال الأميرة، تقول “كان زوجي يخدم لالة أمينة فترة اصطيافها، وعندما فقد بصره اهتمت لمرضه واخذته معها إلى مستشفى ابن سينا للعلاج بالرباط، وضايفتني أنا بقصرها” تضيف أمي فاطمة.

مكان يجهله العموم
في معرض سؤالنا عن طريقة تعامل الأميرة مع الجنود الإسبان الذي يحتلون جزيرة “بادس ” والتي لا تبعد عن قصرها إلا أمتارا معدودة، أجابت أمي فاطمة بنبرة غاضبة «  لالة أمينة لم تكن تطيقهم ولم تكن تتاوصل معهم  إطلاقا».

إلى حدود وقت قريب لم تكن “بادس” معروفة لدى العموم، خاصة مع صعوبة الطريق المؤدية إلى شاطئ قميرة كما يحب أن يناديه أهل المنطقة.

تقول أمي فاطمة وهي تواصل غزل صوفها الملونة، ” كانت الحراسة تشتد على المكان خلال تواجد الأميرة بقصرها في بادس، فلا يدخل المنطقة سوى الساكنة “.

حزن بعد الرحيل
بعد انقضاء إجازتها الصيفية، تحكي ذات الذاكرة القوية عن الحزن الذي كان يخيم على المنطقة، وبتحسر شديد تقول “الكل كان يغضب لرحيل الأميرة، وتأثرنا أكثر لما توفيت، كان لنا شأن عظيم مع الأميرة لالة أمينة، بخلالف ما هو عليه الوضع حاليا ” تضيف أمي فاطمة.

تجدر الإشارة إلى أن منطقة بادس تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط لشمال المغرب، وتبعد عن مدينة الحسيمة بحوالي 40 كلمترا. سميت بهذا الإسم نسبة إلى مدينة بادس القديمة التريخية التي شهدت معارك طاحنة بين الدولة الوطاسية والدولة السعدية، انتهت بتدمير المدينة بالكامل من طرف الإسبان سنة 1564 ، بعد سيطرتهم على الجزيرة بقيادة الجنرال « غارسيا طوليدو »، والتي تعرف حاليا بجزيرة “بادس” أو جزيرة “قميرة” والتي لا زالت محتلة إلى يومنا هذا، كما أن المنطقة اشتهرت مؤخرا بتوافد السياح عليها في محاولة لاكتشاف تاريخها العريق والاستمتاع بشاطئها الجميل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *