وجهة نظر

لن تكون الخيانة قضية “فيها نظر” أبدا..

الخيانة عموما وخيانة الاوطان خصوصا، جريمة كبرى أجمعت على أدانتها كل امم الارض بلا استثناء، ونصت دساتيرها على فظاعتها، وغَلَّظَتْ في إنزال الاحكام واشد العقوبات بالخونة ليكونوا عبرة لم يعتبر..

لذلك قرأنا عن نماذج فاقعة للخيانة في كل الثقافات الانسانية، ولعل أعظمها خيانات الكثير من الامم لأنبيائهم، والتي وصلت حد التواطؤ مع الاعداء بهدف اغتيالهم وقتلهم، كخيانة اليهود لنبي الله زكريا وابنه يحيى حيث قدموا رأسه لبغي من بغايا بني اسرائيل كانت تعمل جاسوسة لملك البلاد في ذلك الوقت، وخيانة (يهودا الاسخريوطي) لنبي الله عيسى عليه السلام، وكان من أقرب حوارييه.. الخيانة إذا حاضرة في تاريخ كل الامم وفي كل مراحل التاريخ؟

لم يكن العرب استثناء، فوقع فيهم ما وقع في غيرهم، الا ان الخيانة في تاريخ الامة العربية والاسلامية الطويل كانت وما زالت أكثر ايلاما بسبب انها خيانة اولا لمبادئ الاسلام العظيم والتي نقلت الامة من قاع سحيق ووضعتها على قمة السيادة والريادة العالمية.. ما كانت الخيانة في التاريخ الاسلامي الا نتيجة مباشرة لغياب مبادئ الاسلام عن فضاء الخونة سواء كانوا حكاما او محكومين…

فهل ما نشهده اليوم من خيانات واضحة لأنظمة عربية كالإمارات والبحرين ومصر والسعودية (والله اعلم بما يخفى)، هي الاولى في تاريخ الأمة العربية والاسلامية، ام ان الخيانة كانت مرافقة لهذا التاريخ الطويل، فكانت سكينا مسموما في ظهرها اعاق نهضتها، ولم تنجح في قلب الطاولة في وجه تخلفها من جهة، وفي وجه اعدائها المحتلين من الجهة الاخرى الا بعدما تخلصت من هؤلاء الخونة، وجمعت الامة على قيادة راشدة تعرف حق الله اولا، ثم حق الامة ثانيا، فقادتها الى انجازات سجلها التاريخ بمداد الذهب، بينما لاحق الخونة باللعنات الى يوم القيامة؟!!

في هذه العجالة أُذَكِّرُ ببعض الخيانات الكبرى التي سجلها التاريخ الاسلامي، والتي شكلت منعطفات خطيرة في التاريخ يبدو ان الخونة المعاصرين لم يتعلموا منها الدرس، ولم يستخلصوا منها العبرة.

(1)

الخائن الأول، هو “ابو رغال”، وهو الشخص العربي الذي أرشد أبرهة إلى مسلك الطريق الى مكة مقابل المال، حينما عزم أبرهة على هدم الكعبة المشرفة قدس أقداس العرب، والكل يعلم بنهايته، حيث ذكر الله قصته بالقرآن الكريم، وذلك في سنة 570م، وسميت بعام الفيل، وفي هذه السنة ولد النبي صلى الله عليه وسلم. أما قبره فصارت العرب ترجمه بالحجارة حينما يقصدون مكة المكرمة، لأن قبره بالقرب من هناك، وأصبح كل خائن لأمته يوصف ب (أبو رغال) زيادة في اهانته وتقريعه..

الخائن الثاني، هو ابن العلقمي، وكان الوزير الاول (رئيس الوزراء ومؤتمن الدولة) للخليفة العباسي المستعصم بالله.. كان ابن العلقمي يراسل القائد المغولي هولاكو بالسر، يطلب منه ان يحتل بغداد، وان يكون له دور في حكم العراق إذا سقطت بغداد.. ولكي تكون المهمة سهلة على هولاكو، قام ابن العلقمي بتسريح تسعين ألفاً من الجنود، وأبقى على عشرة آلاف جندي لحماية بغداد، وذلك بحجة تقليص النفقات.. عندما أنهى التجهيزات، بعث الى هولاكو ان يقدم الى بغداد.. وصل هولاكو عند أسوار بغداد، وطلب ابن العلقمي من الخليفة ان يذهب بنفسه هو والأمراء وأعيان البلاد، محملين بالهدايا الثمينة الى هولاكو، زاعما أن هذا سيقنع هولاكو بالعودة عن احتلال بغداد.. ذهب الخليفة بحاشية من 700 فرد.. لكن الذي وقع عكس ذلك، حيث قام هولاكو بقتل الجميع، وذلك أمام عيون الخليفة، ثم قام هولاكو بعد ذلك بقتل الخليفة نفسه، وابن العلقمي ينظر، وفي لحظتها سقطت الدولة العباسية، وكان ذلك في عام 1258م، فقام هولاكو بقتل قرابة المليون من سكان حاضرة الخلافة الاسلامية، ودمر بغداد تدميراً شاملاً بشرياً وثقافياً، اما ابن العلقمي فلم يحصل على اي شيء من هولاكو، ومات بعد فترة قصيرة مقهوراً.

الخائن الثالث هو الملك “الصالح!!” اسماعيل الأيوبي، حيث كان يحكم دمشق وفلسطين، فطمع في ضم مصر الى مملكته، وكانت مصر يحكمها ابن أخيه الملك الصالح أيوب. فجهز جيشاً كبيراً، فطلب الملك الصالح اسماعيل من بعض ملوك الممالك الصليبية مساعدته على حرب ابن أخيه، فاشترطوا عليه التنازل لهم عن القدس مقابل المساعدة، فوافق على ذلك وأعطاهم فوق ذلك مدينة عسقلان، ودارت معركة شرسة بين الجيشين، وموقع المعركة كان عند مدينة غزة، وفي نهاية المعركة انتصر الملك الصالح ايوب على جيش الملك اسماعيل والجيوش الصليبية.. اما الجيوش الصليبية ففرت هاربة الى مدنها مخلفة وراءها ثلاثين ألف قتيل، اما الملك الصالح ايوب فواصل تقدمه الى مدينة القدس وحررها، وظلت القدس عربية حتى احتلتها بريطانيا عام (1917)، ومن بعدها احتلت اسرائيل شطرها الغربي (1948)، ثم شطرها الشرقي والذي يشمل المسجد الأقصى المبارك عام (1967).. هذه الخيانة للصالح اسماعيل تمت بعد وفاة القائد الفاتح صلاح الدين الايوبي – رحمه الله ورضي عنه – بأشهر قليلة..

الخائن الرابع، هو شاور بن مجير السعدي وزير مصر (أواخر الحكم الفاطمي) في عهد الحروب الصليبية، كان رجلا خطيرا، عمل للصالح ابن زريك واختلف مع ابنه، وهو الذي طلب مساعدة ملك دمشق نور الدين محمود زنكي – رحمه الله ورضي عنه – فأرسل نور الدين أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي وكان شابا يافعا، لإنقاذ مصر.. غدر بهما شاور وخطط لاغتيالهم، وتآمر مع الصليبيين، فهزمه القائد أسد الدين شيركوه وصلاح الدين وقتلاه، لتُطوى صفحة من الخيانة كادت ان تضيع مصر.

اما الخائن الرابع، فهم ملوك الطوائف في الاندلس، حيث كانت فترة حكمهم من أكثر فترات التاريخ الاسلامي ضعفا وتفرقة واستعانةً بالأمراء الأعداء على الأخوة في الدين والعقيدة، حيث عاشت الأندلس – بعد ذهاب الخلافة وانتهاء حكم أسرة بني عامر – سنوات صعبة من الفرقة والتنافس.. كان معظم ملوك الطوائف عملاء للممالك المسيحية الشمالية، وكانت دويلاتهم تدفع الجزية لملوك الإسبان. لم يكن ملوك الطوائف يتورعون عن الاستعانة بالمسيحيين ضد بعضهم البعض، بل استخدموا جنودًا مرتزقة من الإسبان في حروبهم. كانت هذه المرحلة بداية العد التنازلي لسيادة المسلمين في الاندلس، والتصاعدي ل – “حروب الاسترداد” المسيحية/الصليبية فيها والتي انتهت بسقوط غرناطة عام 1492م..

(2)

لم تتوقف مسيرة العار في تاريخ الامة في تلك الفترة بل استمرت في كل فترة حتى وصلنا الى العصر الحديث الذي شهد هو ايضا خيانات عظمى ادت الى الاوضاع التي نعيشها اليوم، والتي انتهت مؤخرا بخيانة الامارات والسعودية والبحرين ومصر وغيرها.. هذه بعضٌ هذه مفترقات ومنعطفات العار المعاصرة:

أولا – كانت ما يسمى ب “الثورة العربية الكبرى!!!” في بداية القرن العشرين اثناء الحرب العالمية الاولى (1914-1918)، واحدة من أخطر الطعنات المسمومة في ظهر الخلافة الاسلامية العثمانية التي مثَّلَتْ الوحدة الاسلامية، والتاريخ المشرق التي خشيته قوى الاحتلال في ذلك الوقت بريطانيا وفرنسا وروسيا، حيث خرجت فيها القبائل العربية بزعامة الشريف حسين بن علي متحالفة مع بريطانيا لضرب الجيوش العثمانية مقابل وعد ب – “استرداد!!” الخلافة الإسلامية المختطفة من أيدي العثمانيين “الاعاجم!!”، واقامة الخلافة العربية في الشرق الاوسط، وهي الوعود التي انتهت بنقض بريطانيا لكل وعودها، ونفي الشريف حسين، وتفتيت الامة بموجب اتفاقية (سايكس – بيكو)، ونشوء دويلات الطوائف الحديثة التي ما زال بعضها يتربع على قائمة العار..

من المشاهد الخالدة لثبات القادة العثمانيين وخيانة العرب اثناء الحرب، ما وقع في المدينة المنورة، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كُلِّفَ فخر الدين باشا وهو قائد عسكري تركي شارك في عدة حروب، كُلِّفَ بحماية المدينة المنورة من هجمات الإنجليز وحلفائهم من قبائل عربية.. قاد المعارك العسكرية ضد قوات الشريف حسين وحلفائه من الإنجليز تحديدا.. رفض الاستسلام بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى وانسحاب جيوشها من الحجاز، وبقي وحده مع نحو 15 ألفا من جنوده بالمدينة، وازدادت عزلته بعد قيام قبائل عربية ومعها الجاسوس الإنجليزي توماس إدوارد لورنس المعروف بـ”لورنس العرب” بتفجير السكة الحديدية في الحجاز ونسف أعمدة التلغراف. ظل فخر الدين باشا وجنوده متمسكون بالدفاع عنها رغم الأوامر بالانسحاب، ورغم الحصار والجوع.. كان يردد طول فترة الحصار ردا على من يطالبه بالانسحاب: ” لن أُنزِل الراية الحمراء بيدي من على حصن المدينة.. الدّفاع عن المدينة المنورة قائم حتى يحل علينا القضاء الإلهي والرضا النبوي.. يا نبي الله، لن أتخلّى عنك.. أيُّها الجنود، آمُرُكُم أن تُدافعوا عن النبي الموجود هنا وعن المدينة حتّى آخر عيار ناري وآخر نَفَس، بغض النظر عن قوة العدو. كان الله في عوننا، وصلوات نبيّه مُحمّد صلى الله عليه وسلم معنا.”…

تم اعتقاله في النهاية على يد بريطانيا وصار أسير حرب في مالطا لمدة ثلاث سنوات، قبل أن تفلح جهود أنقرة في الإفراج عنه.. لقد أحسن القادة الاتراك الحاليين وعلى رأسهم الرئيس اردوغان عندما ردوا على تغريدة لعبدالله بن زايد وريث الخونة من ذلك الزمن الذي زج باسم فخر الدين باشا في محاولة للطعن في تاريخ العثمانيين، فقال اردوغان ردا عليه من غير ان يذكر اسمه: “إن الدولة العثمانية وخلفاءها أوقفوا حياتهم للدفاع عن المدينة المنورة وحمايتها”… وتساءل: “حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟”، وقال مخاطبا ابن زايد: “عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب (التركي)، ولم تعرف أردوغان أيضا، أما أجداد أردوغان فلم تعرفهم أبدا”.

ثانيا – مصطفى كمال اتاتورك الذي يعتبر وبكل المعايير الخائن الاكبر في العصر الحديث، والذي ارتبط بدوائر دول الاحتلال (الاستعمار) بريطانيا وفرنسا، وعمل معهما جنبا الى جنب لتحقيق اهدافها الاستراتيجية بالقضاء على الوحدة الاسلامية من خلال إسقاط الخلافة، وتحويل تركيا الى دولة علمانية بلا دين ولا كرامة، منقطعة عن محيطها العربي والاسلامي بعد ان انقطعت عن عمقها التاريخي.. دولة عادية بل ومتخلفة، تعمل لإرضاء ارباب نعمتها الاوروبيين، وتحقق اهدافهم في تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، وهو الانهيار الذي انتهى بإقامة الدولة العبرية..

استيقظ الشعب التركي منذ العام 2001 وبدأ مشوار التغيير الجذري للواقع التركي بقيادة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، فحقق في العقدين الماضيين ما جعل تركيا من أعظم الدول ديموقراطية وتقدما، وأكثرها تأثيرا في السياسيات الإقليمية والدولية، مع التركيز على التغيير الإسلامي في الداخل والذي بدأ يستعيد صلة تركيا المسلمة بتاريخها العظيم، والتأسيس لدولة تركيا المعاصرة والحديثة المحافظة على اصالتها وجذورها العقائدية وهويتها الإسلامية، وعلاقاتها مع الشرق العربي والاسلامي..

مع الأسف، فما زالت دول في الجزيرة العربية على ولائها لبريطانيا وحليفتها الولايات المتحدة الامريكية، وما زالت تقوم بنفس الدور الخياني لكل محاولة جادة وحقيقة للنهوض بالعالم العربي والإسلامي، ومنها تآمرها على ثورات الربيع العربي وعلى تركيا، وتحالفها الجديد مع إسرائيل المحتلة!…

ثالثا – فلسطين، وما إدراك ما فلسطين.. ما شهد تاريخنا المعاصر خيانة أعظم من خيانة النظام العربي الرسمي لقضيتها، ارضاء لمن كان سببا بالأمس في أكبر خيانة للامة الاسلامية، أعنى بريطانيا ووريثتها الولايا المتحدة الامريكية.. يمكننا ان نقف بعجالة على بعض مفاصل هذه الخيانة العربية لفلسطين والتي بدأت:

1. تدخل الدول العربية منذ بداية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي خصوصا بعد بداية الانتداب البريطاني عليها عام 1920 والذي كان الخطوة الاولى نحو تنفيذ وعد بلفور، تدخلهم وبطلب من بريطانيا “الصديقة!!!” لعرقلة اي انجاز حققه الفلسطينيون في صراعهم مع العصابات اليهودية.. مثال ذلك، طلب الدول العربية من (اللجنة العربية الاولى) التي كانت تدير ثورة 1936م، بإنهاء الاضراب رفضا للسياسات البريطانية انتهت بقرار تقسيم فلسطين الاول (توصيات بيل البريطاني).. مثل ذلك وقع في العشرات من الاحداث التي كان التدخل العربي فيها سببا في وقف التقدم الفلسطيني من جهة، وفرصةً للعصابات اليهودية لالتقاط الانفاس، والاستعداد لمعركة قادمة..

2. النكبة وحرب فلسطين عام 1948 ولحظة الحقيقة.. حيث دخلت “الجيوش العربية السبعة!!” فلسطين على غير استعداد وبدون استراتيجية انتصار، وبرعاية دول الاحتلال الاجنبي (بريطانيا كنموذج) والتي كانت تسيطر على اغلب الدول التي ارسلت جيوشها، فكان دخولها غير المنظم وغير الموحد وغير المجهز، تنفيذا لمخطط بريطاني خبيث انتهى بانتصار العصابات الصهيونية، وتوسيع حدود ما سمي ب – “الدولة اليهودية!!!” حسب قرار التقسيم (181) لعام 1947م، لتسيطر على أكثر من 75% من مساحة فلسطين التاريخية، والتي اعترفت بها كل الدول العربية بموجب الاتفاق التي وقعته مع اسرائيل المعروف ب – “اتفاق رودس”!!… هذا الوضع دفع بالقائد الشهيد عبد القادر الحسيني الى الصراخ في وجه الحكام العرب قائلا: (أنتم خائنون، وسيكتب التاريخ انكم اضعتم فلسطين)، ليلقى الله شهيدا بعد ذلك بيومين في معركة القسطل الشهيرة..

3. من مشاهد البطولة الأسطورية الأخرى التي جسدها ضباط مسلمون عرب مخلصون في حرب العام 1948، صمود القائد الاردني (عبدالله التل) على جبهة مدينة القدس الشريف، في وجه العصابات الصهيونية التي احتشدت من اجل احتلال القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك، وبعد ان شعر بخيانة الأنظمة العربية لقضية فلسطين عموما، وقضية القدس خصوصا، وقف على السور فوق باب العامود في البلدة القديمة و قال لمن تبقى من كتيبته: (لست آمركم عسكريا بالقتال.. من أراد منكم الفوز بإحدى الحسنيين فهنيئا له قدس الاقداس، ومن أراد منكم العودة لأهله فليعد الآن، فبعد هذه اللحظة اما النصر أو الشهادة)..

صد هجوما كاسحا وحاسما قادته العصابات الصهيونية البالماخ والارغون الصهيونيتين، وكبدهما خسائر بشرية ومادية فادحة، واضطرهما الى الانسحاب مهزومين.. بعد الردة العربية وإعلان انظمتها الهدنة – كما تعودوا عليها دائما وفي لحظات النصر على الصهاينة – حاولوا ابعاده عن القدس عبر أوامر من (كلوب باشا) القائد البريطاني للقوات الأردنية في ذلك الوقت، ومن مندوب الامم المتحدة، لكن تمسكه بالقدس وتمسك أهل القدس به أحبط كل المحاولات. حاصر الحي اليهودي في المدينة المقدسة، وأصر على تنظيف القدس العتيقة من بقايا الصهاينة رغم استنفار العالم ضده، ونجح فعليا في مهمته المقدسة، إذ فاوض الغزاة من فلول المنظمات الصهيونية الارهابية على الاستسلام أو الموت، وأخرجهم من القدس العتيقة أذلاء صاغرين.. يعتبر محللون عسكريون أن عملية الدفاع عن مدينة القدس التي قادها عبدالله التل تمثل الانتصار العسكري الاستراتيجي الوحيد ذا الاهمية الذي سجلته الجيوش العربية في حرب فلسطين..

توقعنا ان تتعلم الدول العربية من هذا التجارب الخيانية في التاريخ، وتصل الى النتيجة الحتمية بضرورة الانحياز الكامل الى عوامل النهضة: 1. الشورى (الديموقراطية) وتداول السلطة السلمي والتخلص من الدكتاتورية والاستبداد واحتكار السلطة والثروة. 2. تحقيق قسط كبير من الوحدة العربية والاسلامية الفكرية (العودة الى الاسلام كمنهاج حياة)، والسياسية والاستراتيجية التي تجعل من الامة مهابة الجانب ذات ارادة حرة وكرامة مصانة. 3. تحقيق قفزة علمية تقام من اجلها أعظم الجامعات وأكبر المراكز البحثية، وتجنيد كل علماء الامة ورعايتهم أعظم رعاية، ووضع كل الامكانيات في خدمتهم من اجل رفع شان الامة واستعادة مكانتها العالمية.. 4. إطلاق مشاريع التنمية المستدامة في كل مجالات الحياة، والوصول سريعا الى الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح، مستفيدين أكبر الاستفادة مما حققته الانسانية من ابداعات تقنية في كل مجالات الحياة. 5. توحيد السياسات الخارجية وممارسة الضغوط الحقيقية من اجل استرداد كل الحقوق المغتصبة، وتحرير الاراضي المحتلة، وفرض الهيبة العربية والاسلامية في المحافل الدولية..

* الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *