وجهة نظر

على هامش النقاش حول جمعية بوكماخ .. هل تراجع جماعة طنجة طريقة تدبيرها للشأن المحلي؟

فتح تصريح للسيد محمد أمحجور النائب الأول لعمدة طنجة إمكانية إعادة فتح النقاش من جديد بشأن طريقة تدبير المركز الثقافي أحمد بوكماخ، عندما اعتبر في تصريح صحفي أنه إذا كان الملف فيه اختلالات قانونية فلن يضرنا أن نعالجه في الوقت المناسب.

وقال أمحجور في تصريح لموقع إلكتروني محلي، “إذا حصل وكان قرار دعم جمعية أحمد بوكماخ فيه اختلالات قانونية، فنحن لن يضرنا أن نعالجها في الوقت المناسب”.

وأضاف النائب الأول لعمدة طنجة في ذات التصريح “لا الخلفية ديالنا كانت سيئة، ولا الإجراء ديالنا سيء بل بالعكس هو ينخرط في مقاربة تسعى أن تجعل من الشأن الثقافي شأن متحرر من العقد، ومن الضغط، ومن الاستقطاب ومن الهيمنة الحزبية”.

التصريح أعلاه للسيد أمحجور الذي يعتبر أحد الأعمدة الأساسية في تدبير وعمل المكتب المسير لمجلس مدينة طنجة، يشير إلى إمكانية إعادة النقاش حول تدبير وتنشيط هذا الصرح الثقافي، وقد يكون تفاعلا إيجابيا من مدبري الشأن المحلي، بعد النقاش الذي تعرفه مدينة طنجة وانخراط مختلف الفاعلين فيه بشكل نعتبره في عمومه إيجابي جدا، رغم الملاحظات المسجلة بشأنه .

الأساسي في هذا الملف، ليس هو الملايين التي أعطيت في الوقت الذي يقول فيه نائب العمدة أن طنجة منكوبة ماليا، أو منح هذا الدعم لجمعية غير قانونية (لم تستوفي بعد شروط ومسطرة التأسيس باعتراف العمدة ) أو التعامل مع إطار جمعوي لا تتوفر فيه مقومات الشراكة القانونية ونتحدث هنا أساسا عن صفة المنفعة العامة، رغم أهمية كل هذا مع ضرورة استمرار النقاش الجدي والهادف حولها، لكن الأساسي في تقديري بعد إعادة فتح النقاش حول طريقة تدبير وتنشيط المركز الثقافي أحمد بوكماخ، هو أن تعيد جماعة طنجة طريقة تدبيرها للشأن المحلي في عمومه، وليصبح العمدة ومن معه في وضع أفضل عوض السهام التي توجه إليه من كل جانب ومن مختلف الاتجاهات، والمراجعة هدفها اصطفاف أكبر قدر معين من المكونات الفاعلة والمؤثرة بالمدينة إلى جانب المدبرين للشأن الطنجاوي.

أولا : لا بد من تغيير أو بالأحرى تصحيح طريقة تعامل المكتب المسير مع المنتقدين والإعلام هنا على الخصوص، وأيضا مع المعارضة المؤسساتية..صحيح أن للعمدة الأغلبية المطلقة في التدبير، وصحيح أن القرار الأول والأخير هو للأغلبية، لكن يهمنا أن يسجل التاريخ أن العدالة والتنمية رغم أنه كانت له الأغلبية المطلقة في تدبير المجلس الجماعي لطنجة، إلا أنه كان يشرك الفعاليات المجتمعية، ويستمع إلى المعارضة المؤسساتية .

ثانيا : يجب أن يتعامل المكتب المسير بشكل إيجابي مع المعارضة، وأن لا يعتبر كل ما يصدر عنها هدفه التشويش والعرقلة، فالعديد من المواقف التي صدرت حتى الآن من بعض رموز المعارضة إيجابي، حتى أن مداخلاتها في اجتماع دورة فبراير على سبيل المثال كان يتضمن انتقادات وملاحظات كثير منها معقول، بمعنى ليس كل ما يصدر عن المعارضة هو “قبيح”، حتى نواجهه بالرد الجاهز “لماذا لم تقوموا بهذا لما كنتم تدبرون بالأمس”، والمعارضة على سبيل المثال لا الحصر لم تقم حتى الآن بالذي كان يقوم به فريق العدالة والتنمية بمجلس المدينة أيام المعارضة، عندما كانوا يتجمعون على الرئيس في المنصة خلال دورات المجلس، ويمنعونه في بعض الحالات حتى من الكلام ومع ذلك لم يكن أحد يتحدث عن العرقلة والتشويش، وهذا ليس دفاعا عن المعارضة التي لها من الإمكانات ما يجعلها تدافع عن نفسها وأحسن، إنما نريد تقديم تدبير وطريقة أخرى ومفهوم آخر للتدبير المحلي .

ثالثا : قادة الشأن المحلي بطنجة لم يفهموا بعد دور الإعلام، أو أنهم يريدونه أن يعرض الأمور كما يريدون، وهذا تصور فيه نظر،  ويظهر ذلك جليا من خلال تدويناتهم، فأن يصف هؤلاء القادة جزء من الإعلام المحلي ب”المجاري” و”صحافة الكيلو” و “صحافة تحت الطلب”و “صحافة التلصص”.. فالأمر يحتاج إلى تنبيه، ونذكر هنا أن العديد من الزملاء أصبحوا يقاطعون العديد من الأنشطة التي تنظمها بعض المقاطعات بسبب ما يصدر عن مسئوليها من هكذا شتائم، فالأمر أراه خطير، ويحتاج إلى تقويم، فليس مطلوبا في تقديري من الصحافة المحلية أن تقدم تقارير ومقالات وبالتفصيل حول “إنجازات” مجلس المدينة ومجالس المقاطعات، فهذا من اختصاص الصحافة التابعة للحزب، وهي مقصرة على هذا المستوى، وفي المقابل مطلوب من الإعلام المحلي المتابعة والملاحظة والانتقاد..ولا داع لكي نذكر مجددا بالقاعدة المعروفة في هذا الصدد، لذلك وللخروج من هذا الاصطدام الحاصل بين الإعلام والأغلبية المسيرة للشأن المحلي بطنجة على الأخيرة استيعاب هذا الأمر.

رابعا : من التسيير المحلي الناجح وأنت صاحب الأغلبية المطلقة أن تشرك الفعاليات المعنية عند الاقتراب من أي مجال من المجالات، وما دمنا نتحدث عن الإشكالية المطروحة حول كيفية تدبير وتنشيط المركز الثقافي “أحمد بوكماخ”، كان على المكتب المسير المناداة على الفعاليات الثقافية المعتبرة بالمدينة وليس على عصبة معينة، وهي في مجملها لم يتم المناداة عليها، “الأغلبية المطلقة” تحدد الإطار العام عبر ورقة تقدم بالمناسبة، وتترك للفعاليات سلطة الاقتراح والابتكار الآلية المناسبة..وبالتالي ستكون قد حققت عصفورين بضربة واحدة، فوتت تسيير المركز للمعنيين والمختصين، وفي نفس الوقت ربحت مكونات المجال الثقافي إلى جانبك، وهكذا عبر مختلف المجالات، وهذا في تقديري هو المدبر الناجح رغم أنه في موقع أقوى من حيث الأغلبية العددية المطلقة . 

إن المقترحات أعلاه ليس غرضها إضعاف “الأغلبية المطلقة” كما قد يتوهم البعض، بل الهدف هو تقديم طريقة غير معهودة في التدبير المحلي، ولتحليق أكبر قدر معين من النخب والفعاليات والشخصيات والرموز الشبابية المحلية حول تجربة حزب يقود التدبير المحلي وحيدا، عوض الاصطدام مع معظم المكونات المحلية وبطريقة أصبحت مثار جدل بين مختلف المتتبعين للشأن المحلي، بل أكثر من هذا كله هو مناقشة السلطة التي تضع في بعض الحالات مجموعة من العراقيل، ومجادلتها وأنت في موقع قوة ومحاط بمختلف أو على الأقل بجزء معتبر من النخب والفعاليات المحلية المستقلة في قراراتها، عوض مناقشتها وحيدا يتيما .