ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: هل المغرب عربي أم أمازيغي؟ (ح 21)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 21: هل المغرب عربي أم أمازيغي؟

المغرب بلد أمازيغي تم تعريبه تدريجياً وجزئياً على مرحلتين؛ موجات متعاقبة من السكان والقبائل القادمين مع الفاتحين المسلمين في القرن الثامن، ثم في القرن الثالث عشر عند قدوم قبائل بني هلال من الشرق العربي، وقد حدث هذا التعريب رغم وجود ظاهرة في الاتجاه المعاكس وهي أمزغة أو تمزيغ بعض القبائل العربية.

والأسلمة ظاهرة مرتبطة بالتعريب ولكنها كانت أسرع وأكثر اكتمالا. ويقدر المؤرخون أن هذه الأسلمة لم تكتمل إلا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حيث إن الموحدين قد قضوا على آخر الطوائف المسيحية. وقد حدث التعريب ببطء شديد: وتشير التقديرات إلى أنه في بداية القرن العشرين، كان ثلاثة أرباع السكان المغاربة ينتمون إلى القبائل الناطقة باللغة الأمازيغية.

ولم تتحقق هذه العملية، حتى القرن العشرين، في إطار الحماية الفرنسية، في تطور غير مسبوق، بسبب ثلاث ظواهر رئيسية: الهجرة القروية والتحضر، اللذين نجما عن هزيمة القبائل العسكرية، ومعظمها قبائل أمازيغية في مواجهة الجيش الاستعماري؛ والسياسة التي اعتمدتها السلطات الاستعمارية والتي استأنفتها النخب الحضرية والسلفية؛ وأخيراً ظهور القومية العربية ذات القيادات البرجوازية والمخزنية، التي قررت التعريب الرسمي للمملكة المغربية.

دخل المغرب مرحلة القومية العربية في عام 1956. وبلغت أوجها في عهد الملك الحسن الثاني، الذي رفض حتى عام 1993 الاعتراف بأية هوية ثقافية أمازيغية، وقد أدى تعميم المدارس إلى نشر الثنائية اللغوية الفرنسية-العربية، التي أصبحت هي المرجع الجديد بالنسبة للنخب والموظفين وفي العلاقات الاجتماعية الحضرية.

وقد أفلحت هذه الظاهرة تدريجياً في احتواء ومحاصرة الثقافة واللغة الأمازيغية، حتى أصبحت أقلية في نهاية القرن العشرين. هذه الثقافة، التي يُنظر إليها بصفتها فقيرة فكرياً ومعنوياً، هي الحضارة الأمازيغية كلها، في جوانبها الثقافية والسياسية والمادية (القبيلة، والزوايا، والثقافة المادية، والحياة الاجتماعية الاقتصادية والقروية..) تزعزعت أركانها خلال النصف الثاني من القرن العشرين قبل الدخول في مرحلة من التراجع.

ولم تستعد الهوية والثقافة المغربية امتلاكها لهذا المكون الرئيسي من أصولها إلا مع بداية عهد الملك محمد السادس في عام 1999 (وهو عربي من جهة أبيه وأمازيغي من جهة أمه التي تنتمي إلى قبيلة زيان)، وقد كان إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المغرب (IRCAM) في عام 2001 مكملا لمعهد دراسات وأبحاث التعريب الذي أنشئ في الرباط عام 1960. ثم أصبحت اللغة الأمازيغية وطنية ورسمية إلى جانب اللغة العربية وحصل الاعتراف بالهوية الأمازيغية بصفتها عنصرا من عناصر الهوية الوطنية المغربي المتعددة الروافد.

إن اللغة الأمازيغية، المكتوبة بحروف التيفيناغ هي الآن على واجهات جميع الإدارات كما أنها اقتحمت ولو بتواضع بعض الجامعات والمؤسسات التعليمية في المغرب ولكن بقي خط أحمر وحيد هو الترخيص لتشكيل حزب سياسي أمازيغي لأن ذلك لا يسمح به الدستور، في انتظار وضع قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والتنفيذ الإداري للثنائية اللغوية.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • على العريفي
    منذ 9 أشهر

    لكن كل ما جاء فى كتاب الفرنسي وغيره من الممزويرين تاريخ بلادي موركوش صار آكاديب وتزوير ولم نعود نحن الشعب الآمازيغي المموري نعرفو بكتابة المزويرين وخاصة من الفرنسيس و والمستعربين حيث تحليل الجيني ADIN والحمدلله الدي بعثه الله لنا لانه عيلم صحيح لفضح اكاديب الفرنسيس والممستعربين وهو ما حصل بلفعل وكل الكتابة الفرنسين والممستعر بين إلى مزبلة تاريخ ⴰⵢⵓⵣ ⵏⵓⵏ