ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: هل الجالية المغربية في الخارج تعتبر قوة ناعمة؟ (ح 26)

عملية مرحبا

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 26: هل الجالية المغربية في الخارج تعتبر قوة ناعمة؟

كانت فكرة توظيف الجالية المغربية في الخارج لخدمة مصالح المغرب غريبة تماماً عن الحسن الثاني. فمن ناحية، كان يعتبرها تعيش هجرة مؤقتة لأن المغاربة ليس من طبيعتهم أن يذوبوا في المجتمع الفرنسي كما أعلن في أكتوبر 1987، وهؤلاء الفلاحون ليس لديهم ما يقدمونه للدبلوماسية في المملكة. قبل 22 عاماً، خاطر بأزمة كبيرة مع فرنسا التي كان يرأسها الجنرال ديغول وذلك عندما أوعز باختطاف خصمه الرئيسي المهدي بن بركة في وسط باريس والذي قُتل مباشرة بعد اختطافه.

ومع ذلك، عندما حصل الكاتب المغربي الطاهر بن جلون على جائزة غونكور في عام 1987 عن كتابه “ليلة القدر”، رأى الملك أنها فرصة مواتية لتلميع صورة المغرب. قبل أيام قليلة من تدشين معهد العالم العربي في باريس، الذي كان للمغاربة فيه اليد العليا من الجانب العربي، بدت له الفرصة واعدة ويجب اغتنامها.

في السنوات التي تلت ذلك، كان المغرب الكبير يمر بنوع من التسونامي. تونس والجزائر تدخلان في عملية انتقال ديمقراطي مفاجئ. لقد بدأ الغرب، الذي ابتهج بسقوط جدار برلين ، يفكر في إعادة رسم تحالفاته مع الأنظمة الاستبدادية التي طالما حماها. في عام 1990، كشف الكتيّب العنيف “صديقنا الملك” للجمهور الفرنسي حقيقة النظام الذي يشرف عليه الحسن الثاني، مما أذهل الملك.

بعد عامين من ذلك، أي بعد حرب الخليج الأولى، دخلت الجزائر في حرب أهلية عنيفة مع الإسلاميين. إن صورة العالم العربي تتدهور بشكل حاد في أوروبا، ووجد المغرب نفسه في موقف المتهم والمحاور في نفس الوقت.

أدرك الملك بالتأكيد أهمية الاتصالات الناعمة ووسطاء النفوذ والضغط. وقد ساعده في ذلك رجل من الجالية اليهودية ذو أصل مغربي وهو المصرفي الباريسي أندريه أزولاي، الذي أصبح مستشاره، وفتح له شبكاته الباريسية.

وكان انتخاب الصديق جاك شيراك رئيسا لفرنسا في عام 1995 وعودة اليمين الفرنسي إلى السلطة إيذاناً بازدهار صورة النظام الملكي المغربي في باريس. وفي 14 يوليو 1999، يوم العيد الوطني الفرنسي ،قبل أسبوع من وفاته، حضر الحسن الثاني الاستعراض العسكري في باريس إلى جانب الرئيس شيراك.

لقد بدأ عهد الملك محمد السادس بحملة تواصل بارعة لترويج صورة “ملك الفقراء” للرأي العام لأنه أراد بالإضافة إلى ضمان استمرارية الأسرة الحاكمة، وضع حد لسنوات الرصاص. كان شابا ورياضيا ويحب اللقاء مع نجوم السينما والغناء وله عائلة كبيرة والعديد من العلاقات، لقد استغل محمد السادس القوة الناعمة المغربية إلى أبعد الحدود وكانت الجالية المغربية في أوروبا تعج بالفرص التي تسمح له بتلميع صورة المغرب أمام أصدقائه– وأعدائه- الأوروبيين وتوظيف صورة أصحاب المسارات الناجحة من أبناء الجالية الشباب من نساء ورجال نجحوا في مجالات الفن والرياضة والكتابة والسياسة والصحافة وتصميم الأزياء والرقص والطبخ وغير ذلك حتى أصبحت لائحة النجوم الذين أصبحوا “سفراء” جلالة الملكة في جميع أنحاء أوروبا الغربية طويلة جدا …

إنه لشرف عظيم لأبناء العائلات المتواضعة الذين عاشوا في تقديس الحسن الثاني وخشيته أن ينخرطوا في خدمة صورة المغرب والدفاع عن منجزاته أمام منتقديه الحقيقيين أو الوهميين.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *