سياسة

باحثون يعددون معيقات السياسة الجهوية بالمغرب ويطرحون بدائل لتجاوزها

الرباط حسان

قارب باحثون وأساتذة جامعيون السياسة الجهوية بالمغرب، من خلال تقييم أدواتها وأهدافها، حيث تحدثوا عن معيقات التنمية بالجهات، وطرحوا بدائل لتجاوز هذه المعيقات.

وجاء ذلك في ندوة بعنوان، تقييم السياسة الجهوية بالمغرب، الأدوات والأهداف، أول أمس الثلاثاء، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط.

“تكوين المنتخبين”

أشار الأستاذ بكلية الحقوق بالرباط، أحمد عشيق، ثنائية السياسة الجهوية والسياسات العمومية، وأوضح في في مداخلته أن الجهات تساهم في تفعيل السياسات العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين حسب الفصل 137 من الدستور.

وتطرق الأستاذ الجامعي إلى إشكالية تعريف “السياسة العمومية”، قائلا إنه كما لا يوجد تعريف شامل ووحيد للمصطلح نظرا لتشعبه وتنوع اهدافه.

وعرّف عشيق “الجهة” بكونها “المستوى الدامج لبلورة السياسات العمومية واستراتيجيات القطاعات الحكومية، وهي المكلفة بإعداد برامج التنمية الجهوية، وكذا التصاميم الجهوية لإعداد التراب وفق مبدأ الصدارة بمعناه الوظيفي وليس القانوني”.

واسترسل قائلا إنه لا يمكن الحديث عن سياسة عمومية ترابية بدون تكوين المنتخبين الموظفين، مشيرا إلى عدم كفاءة عدد من المنتخبين وارتفاع نسبة الأمية لدى آخرين.

النموذج الفرنسي

الأستاذ بالكلية ذاتها عبد الحميد بن خطاب، دعا إلى الاحتكام إلى النموذج الفرنسي اليعقوبي لتنزيل السياسات الترابية الجهوية، معتبرا أن النشاط السياسي للدولة هو نشاط “محفوف بالمخاطر وأهمها خطر فقدان المواطن للثقة في الدولة”.

وأوضح أن الدولة فشلت في نهج سياسة اللاتمركز، منتقدا الهندسة السياسية التي لا تسمح للمواطنين بالتدخل في القرارات السياسية. وأهم السياسات التي لم تأخذ حقها في اللامركزية، حسب بنخطاب، هي السياسة التعليمية والصحة والإسكان.

من جهته، تحدث الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، الهادي مقداد عن دور الجهات في المحافظة على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، قائلا إن سياسة المحافظة على البئية ليست من الأولويات بالنسبة للجهات، “بل تعتبر لصيقة للقطاعات السياسية الأخرى التي يمكن أن تنهجها الجهة”.

وعرف البيئة بأنها رقعة ترابية لها وظائف مهمة تتمثل في ضمان العيش الكريم، وفي كونها تمس السكان في حقهم في العيش في بيئة سليمة وكذا حقهم في التنمية المستدامة والماء والصحة والسكن اللائق.

كما سلط الضوء على الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وتحدث عن المادة 20 منه التي تنص على أن من الجماعات الترابية هي التي يجب أن تعمل على إدماج مبادئ الميثاق التي تتمثل في الوقاية والاحتراز والمحافضة على البيئة والتضامن وغيرها من المبادئ.

تقييم السياسة الجهوية

في الندورة ذاتها، تحدث محمد بنهلال، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بتازة، عن مضمون عملية تقييم السياسة الجهوية، حيث معتبرا أن التقييم مرحلة رئيسية بذاتها و”مهمة جدا”، مشيرا إلى وجود عدة أصناف من التقييم.

واسترسل “منها التقييم الداخلي بعيوبه ومميزاته فيما يخص السياسات العمومية الجهوية سواء في مجال التعمير والتكوين وبناء المدارس، ثم النوع الثاني المتمثل في التقييم الخارجي الذي لا يقوم بالتقييم لمؤسسة ذاتها، لكن هو نموذج أنجلوساكسوني هدفه هو التخلص من الإكراهات و الثقل السياسي ووضع المسؤولية فقط على المعني باتخاذ القرار”.

وهناك أيضا التقييم التشاركي، يضيف بنهلال، “كنوع ثالث لأنواع التقييم و الذي يعتمد على مشاركة المجتمع المدني والفاعلين بغية إشراكهم في القرارات المتخذة ونجاعة الأهداف المراد تحقيقها تماشيا مع رغبات المواطن”.

وانتقل بنهلال إلى الحديث عن التقنيات التي يمكن توظيفها في قياس الحكامة، مشيرا إلى أن طريقة اتخاذ القرار والتنفيذ تلعب دورا مهما في نجاح سياسة التقييم. كما تحدث عن “التقييم بإشراك المواطن”، وهو تقييم يقوم على مبدأ معرفة احتياجات المواطن ومتطلباته و السعي إلى تحقيقها.

مشاركة الشباب

من جانبه شدد الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، رضوان اعميمي، على ضرورة مشاركة الشباب على الصعيد المحلي من خلال مجالس الشباب، موضحا أن الإطار القانوني لهده المشاركة منعدم وأن التزامات المنتخبين والسلطات المحلية في مجال تتبع قضايا الشباب “مؤسفة”.

وتحدث عن التهديدات الترابية المتعلقة بالشباب، وهي “تهديدات ذات بعد بشري”، وذكر تهديدين أساسيين؛ يتمثل الأول في “سوء وعدم استغلال الزمن السياسي والتدبيري”، مشيرا إلى هناك تأخر على مستوى تنزيل السياسة المندمجة للشباب وكذا تأخر على مستوى تفعيل المجلس الاستشاري للشباب، ناهيك عن التأخر على مستوى وضع مخططات التنمية الجهوية، والتأخر على مستوى تحيين المنظومة القانونية على ضوء سياسة اللاتمركز الإداري.

أما التهديد الثاني، حسب اعميمي، فيتمثل في استمرار تدبير الشأن الإداري بعقلية مركزية، “حيث أن اغلب المدبرين على مستوى الجهات يدبرون هذه الجهات بعقلية مركزية”.

واعتبر أن البعد الترابي للسياسات العمومية والسياسات المرتبطة بالشباب على وجه الخصوص، لا زال في حاجة إلى مجهود كبير سواء على الصعيد الترابي أو على الصعيد المحلي.

وأشار إلى أن إلى أن التعاقد يجب أن تستثمر في هذا الصدد في انتظار الانتقال من مركزية “مفرطة”، إلى مركزية موسعة، معتبرا أن آلية التعاقد هي التي يمكنها أن تحقق التدرج من المركزية إلى اللامركزية.

ضعف الإمكانيات المالية

في السياق ذاته، تحدث الأستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية بفاس، أمين السعيد، عن إشكاليات تفعيل الجهوية، مشيرا إلى أن السياسات الجهوية هي مجموعة من البرامج والخطط الهادفة إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي.

واعتبر إلى أن السياسات الجهوية تحتاج إلى إمكانيات مالية، موضحا أن الموارد التي تتوفر عليها الجهات لا تتلاءم مع الاختصاصات الجديدة التي كرست في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ولا تتلاءم كذلك مع الطموحات والآفاق المرسومة، متحدثا عن الموارد الجبائية التي تتوفر عليها الجهات، حيث أن هذه الأخيرة “لا تتوفر على سلطة الاستفادة من الرسوم، إذ تستفيد من ثلاث رسوم فقط؛ وهي المتعلقة بالموانئ والمناجم وبالصيد البحري”.

كما وصف الضريبة على القيمة المضافة بأنها “ضعيفة جدا”، ولا تستفيد منها أغلب الجهات، وأشار إلى ألمانيا التي تستفيد جهاتها من أكثر من 45 في المائة المائة من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة، وإسبانيا التي تستفيد جهاتها من 35 في المائة من مداخيل هذه الضريبة، مقابل الجهات ببلادنا التي لا تستفيد إلا من 5 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة،

وعلى مستوى النخب، يضيف السعيد، “هناك مفارقة خطيرة بخصوص الفاعلين الجهويين، حيث إن 670 منتخبا بالجهات لديهم تكوين عالي وفئة أخرى تكتفي بتكوين متوسط إلى ابتدائي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *