ملف

“مملكة التناقضات”: لماذا يترأس الإسلاميون الحكومة في المغرب؟ (ح 48)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 48: لماذا يترأس الإسلاميون الحكومة في المغرب؟

بعد إنكار طويل لوجود تيار الإسلام السياسي في المغرب، اعترفت السلطات على مراحل بالواقع وسمحت بتأسيس هذا التيار السياسي في معانيه المختلفة. وكان اللحظة الحاسمة هي إنشاء حزب العدالة والتنمية، تحت إشراف وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، في الفترة التي سبقت الانتخابات التشريعية في عام 1997.

وأجريت الانتخابات بحيث لم يقدم هؤلاء الإسلاميون سوى عددا قليلا من المرشحين، وانتخب منهم سبعة، وفي وقت لاحق، أصبح حزب العدالة والتنمية يترأس الحكومة في عام 2011 في شخص عبد الإله بنكيران، أمينه العام، محاطاً بـ 11 وزيراً ووزيرا منتدبا من نفس الحزب من أصل 31 وزيرا في الحكومة.

فاز الحزب بـ 107 مقاعد من أصل 217 في البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت في أعقاب حركة 20 فبراير 2011، بنسبة 27% من الأصوات، نظراً لتشتت الحقل السياسي المغربي.

ماذا حدث للنظام الملكي، الذي لا يتعاطف مع هذه الحركة السياسية التي يعتبرها ديماغوجية وغير مجدية، للقبول بمثل هذا الوضع؟ في 2020 لا يزال حزب العدالة والعدالة، على الرغم من خسارته لبعض المناصب الوزارية، يقود الحكومة في شخص الطبيب النفسي سعد الدين العثماني.

رأى العديد من المراقبين المتسرعين في هذا الوَصول إلى السلطة من طرف الإسلاميين في المملكة انسجاما للمغرب مع جيرانه في المغرب الكبير والشرق الأوسط.

في عام 2011، كانت جماعة الإخوان المسلمين تفوز في كل مكان، حيث تصدرت الانتخابات في كل من تونس ومصر، في حين كانت تركيا في ظل حكم أردوغان لا تزال موضع إعجاب لنجاحاتها.
هل أراد المخزن أن يمنح قيادة الحكومة إلى حزب العدالة والتنمية للحفاظ على السيطرة على الوضع وتقسيم معسكر الإسلاميين المجزأ أصلاً؟ هذا مرجح لكنه ليس تفسيرا كافياً.

بالنسبة لحكومتيْ بنكيران الأولى والثانية فهي لم تكن أبدا حرة في اتخاذ القرار. لقد احتفظ النظام بالوزارات السيادية، وعهد إلى الإسلاميين بالشؤون الاجتماعية (التعليم والعدل والمدارس والسياسة الاجتماعية) وهو يضمر الأمل أن تسوء سمعتُهم بسبب عدم كفاءتهم.

لكن كاريزمية بنكيران تمكنت من تجاوز الفخاخ والتغلب على العقبات. وهكذا، وعلى الرغم من تشويه سمعة الإسلاميين في بلدان عربية أخرى – أو حتى سحقهم – فقد وقف حزب العدالة والتنمية بحزم، بل وزاد عدد أصواته في عام 2016 بنسبة 60% مقارنة بعام 2011 (من 1 إلى 1.6 مليون). وقد اقترب الحزب من نسبة 28% من الأصوات في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يسانده القصر، لم يتجاوز 21% من الأصوات. وأعقبت ذلك أزمة سياسية طويلة دامت ستة أشهر، اضطر بنكيران في نهايتها إلى الاستقالة، لإفساح المجال أمام العثماني وهو معتدل ومخلص للمخزن.

كتم المخزن استياءه لأنه لم يتمكن من إزاحة أول حزب في استطلاعات الرأي، لأنه ملزم بمقتضيات الدستور الجديد. ونتيجة لذلك، سيواصل حزب العدالة والتنمية قيادة الحكومة حتى عام 2021، وقد حسّن معرفته بالملفات وتدبير المؤسسات، على الرغم من أن جهاز الدولة الحقيقي، المحافظ جدا، لا يتعاون معه إلا على مضض.

إن تدبير الشأن العام لا يجب أن تنسي الحكومة وأفرادها أن السلطة الحقيقية توجد في يد القصر الذي يستأثر باتخاذ القرارات الكبيرة. هذا “التعايش” الغريب على الطريقة المغربية لم يبطل ثقل حزب العدالة والتنمية بصفته أول حزب مغربي لدى الفئة القليلة من الناخبين الذين يصوّتون، وخاصة من صغار موظفي الدولة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الإغراءات وحملات تشويه السمعة إلا أن الحزب صمد وحافظ على تعاطف أتباعه الذين يتوجسون من طريقة حكم المخزن وهو الوضع الذي يأمل في ظله أن يساعد على فوز حزب التجمع الوطني للأحرار أو حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات التشريعية لعام 2021.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Nora ziyat
    منذ 3 سنوات

    Bonsoir

  • Meryem regrag
    منذ 3 سنوات

    Bonsoir

  • Meryem regrag
    منذ 3 سنوات

    Salut

  • Meryem regrag
    منذ 3 سنوات

    Salam