منوعات

هذه هي الكلمة التي لا يقولها بوتين مطلقا في حديثه عن الإسلام

يبدو أن الإعجاب الذي أبداه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين ليس هو الأمر الوحيد الذي يجمع الرجلين، إذ لا يلتزم كلاهما عادة بلغة اللياقة السياسية، ما جعل بوتين يتحدث ذات مرة عمن يصفهم بالإرهابيين الشيشانيين قائلاً إنه سيعثر عليهم “وهم جالسون على المرحاض”، بينما كلمات مثل “الغبي”، و”اللعنة” تعتبر أساسية في قاموس ترامب اللغوي.

كما جمعت الرجلين كذلك لغة مشتركة ذات لهجة حازمة في الحديث عما يصفانه بـ”مكافحة الإرهاب”، ولكنه تطابق ناقص إن صح التعبير.

فخلال حملته الانتخابية، ربط ترامب بين الإسلام والإرهاب، وانتقد سلفه باراك أوباما لامتناعه عن استخدام عبارة “الإرهاب الإسلامي المتطرف”.

إلا أن بوتين، الذي يعبر ترامب علناً عن إعجابه بحزمهِ، قد فعل خلال أكثر من عقد ما فعله أوباما تماماً، حيث لم يصف الإرهاب مطلقاً بكونه “إسلامياً” وحرص على استهجان استخدام لغةٍ كهذه، وفقاً لما جاء بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وقال بوتين في مؤتمر صحفي عُقِدَ في ديسمبر 2016 “أُفضل ألا يُذكر الإسلام بجانب الإرهاب دون فائدة”. جاءت هذه العبارة رداً من الرئيس الروسي على سؤالٍ طُرِحَ عن تنظيم الدولة (داعش)، الذي يشير إليه غالباً بـ”ما يُسمى تنظيم الدولة الإسلامية”، في محاولة منه للتمييز بين التنظيم والديانة الإسلامية.

وخلال افتتاح مسجدٍ في موسكو في عام 2015 تحدَّث بوتين عن الإرهابيين “الذين يستغلون المشاعر الدينية لتحقيق أهدافٍ سياسية”.

وفي روسيا، يُعد عدم الامتثال للتفسيرات المُحدَّدة بواسطة الكرملين جريمةً يعاقب عليها القانون: بموجب القانون تُلزَم وسائل الإعلام الروسية، خلال أي ذكر لتنظيم الدولة الإسلامية، بالإشارة إلى أنها جماعة إرهابية محظورة تحمل هذا الاسم، خشية أن يُساء الفهم بأنه تشويهٌ للديانة.

ويُعَد المُصطَلَح المُفضَّل في اللغة السياسية الروسية هو “الإرهاب الدولي”.

وخلال مكالمة هاتفية الجمعة 27 يناير 2017، ناقش ترامب وبوتين “التعاون الحقيقي” في محاربة “الجماعات الإرهابية” في سوريا. وكان بإمكانهما التوافق على عدو، لكنَّ بيان الكرملين تحدَّث عن “إيلاء أولوية لتوحيد القوى التي تقاتل ضد التهديد الرئيسي: الإرهاب الدولي”.

ترامب يحصره في “الإسلام”

في المقابل تتجه إدارة ترامب لإعادة تسمية برنامج الحكومة الأميركية، الذي يهدف إلى مكافحة كل الأيديولوجيات العنيفة، بحيث يركز فقط على “التشدد الإسلامي”، بحسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء عن مصادر مطلعة.

وأضافت المصادر أن اسم برنامج “مكافحة التطرف العنيف” سيتغير إلى “مكافحة التشدد الإسلامي”، أو “مكافحة التشدد الإسلامي المتطرف”، ولن يستهدف بعد ذلك جماعات مثل تلك التي تؤمن بتفوق البيض، ونفذت تفجيرات وعمليات إطلاق نار في الولايات المتحدة.

ليتخذ بذلك ترامب خطوةً عملية لتطبيق رؤيته التي انتقد على أساسها أوباما.

ازدواجية روسية

موقف بوتين الذي يخالف ترامب في هذه النقطة تحديداً لا يسعى من خلاله لمداهنةِ مشاعر الليبراليين في الغرب، فهو يراهم جماعة من المنافقين على أية حالٍ، وإنما لمعطيات داخلية تخص روسيا.

ففي حين يعتبر الكرملين الزعماء الدينيين المسلمين حجرَ زاويةٍ في سياسة مكافحة الإرهاب، فإنَّه لم يتورَّع عن انتهاج تمييزاتٍ قائمة على الأسس الدينية، حيث دعمت الحكومة الروسية حملة أسرة قديروف لإحياء الإسلام الصوفي التقليدي في الشيشان، باعتباره موازناً للمذهب الوهابي الأكثر تشدُّداً، والذي يعتنقه الكثير من دعاة الاستقلال عن روسيا.

وتقول جماعاتٌ حقوقية إنَّ المذهب الوهابي حُظِر في الجمهورية المُضطَّربة الأخرى، ذات الغالبية المسلمة، داغستان، وإنَّ أتباعه يتعرَّضون للاضطهاد في روسيا.

ومع ذلك، أصبح التحالف مع الزعماء الدينيين المسلمين مُهماً في إرساء التهدئة في الشيشان، وجمهوريات شمال القوقاز الأخرى، التي لم تعُد تُشكِّل تهديداً أمنياً خطيراً على روسيا.

وقال أورخان جمال، وهو أحد المُعلِّقين على الشؤون الإسلامية، خلال مقابلة جرت عبر الهاتف، إنَّ “بوتين يحكم بلداً متعدِّد الأديان”، مشيراً إلى أنَّه في الولايات المتحدة، على العكس من ذلك، لا يُشكِّل المسلمون قوة سياسية كبيرة.

وأضاف: “لا يمكنه قول: الإرهاب الإسلامي لسببٍ بسيط: لا يريد استعداء ملايين الروس”