اقتصاد، ملف

خاص.. أخطبوط “ألزا” يتمدد  ويحكم قبضته على صفقات النقل الحضري رغم كل الخروقات (2)

لم تتأخر شركة “كازا ترونسبور” لتخرج وتبشر البيضاويين بقرب إطلاق الحافلات الجديدة التي ستجوب الدار البيضاء، كأنه إنجاز فوق العادة.

الشركة ذاتها لم تجرؤ على نشر التفاصيل المرتبطة بهذه العملية على المستوى المالي والصفقات المرافقة لها، وهي التفاصيل التي سبق لجريدة “العمق” أن نشرتها، بناء على الرسالة “الغريبة” التي وجهتها “ألزا” إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات وشركة “كازا ترونسبور”.

وإذا كانت شركة ألزا، قد حسمت تدبير النقل في مدينة الدار البيضاء، رغم الخروقات المسجلة، وتولي التدبير المفوض للنقل الحضري، فإن امتدادها لتولي هذا القطاع يستهدف مدنا أخرى وتتجه إلى اقتناص صفقة النقل الحضري في مراكش وأكادير ومدنا أخرى، بالرغم مما راكمته من خروقات على جميع المستويات، وهو ما توثقه تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

واختارت شركة التنمية المحلية لمشاريع النقل الحضري والشبة الحضري بمراكش، مكتب الدراسات الإسباني “ادوم كونسيلتين اينجينيرين ارشيتيكتير” (Idom consulting Engineering Architecture) من أجل إنجاز دراسة إعادة هيكلة شبكة النقل الجماعي على مستوى المجال الترابي لمراكش الكبرى، وهو مكتب دراسات يتابع أمام القضاء في اسبانيا.

الدراسة المذكورة في طور التنفيذ منذ شهر يونيو 2020، وتمتد فترة إنجازها لخمسة أشهر. وبالنظر إلى انتهاء أجل تنفيذ الدراسة المشار إليها، فإن الترقب يبقى سيد الموقف بخصوص من ستؤول إليه صفقة تدبير قطاع النقل الحضري بمراكش، في الوقت الذي لم يعلن فيه عن طلبات العروض.

تاريخ امتياز التفويض بمراكش

تم تفويض امتياز النقل الحضري لمدينة مراكش إلى شركة ALSA Groupe من خلال شركتين فرعيتين للنقل الحضري وشبه الحضري، وهما شركة (Groupe Alsa Transport” (GAT” التي توفر خدمة النقل الحضري، و شركة الشركة “نقل المسافرين في المغرب “(TVAM) التي توفر خدمة النقل شبه الحضري، وذلك منذ سنة 1999.

وتأسست شركة “مجموعة ألزا للنقل” المكلفة بالنقل الحضري من طرف “مجموعة ألزا الأم” وشركائها كشركة مجهولة الإسم سنة 1999، برأسمال قدره 5 ملايين  درهم، وذلك بعد نيل حق الامتياز المتعلق بالنقل داخل المجال الحضري لمدينة مراكش، استنادا لعقد الامتياز المكون من كناش التحملات المصادق عليه بتاريخ 28 يوليوز 1998 والاتفاقية المصادق عليها بتاريخ 5 فبراير 1999 ، وذلك لمدة محددة في 15 سنة مع إمكانية تمديدها لمدة 5 سنوات.

واستنادا لإحصائيات سنة 2015 ، تستغل هذه الشركة 20 خطا في إطار النقل العمومي الحضري بواسطة 121 حافلة في خدمة مستمرة، مقابل 6 حافلات احتياطية، وبقيمة استيعابية تبلغ 36 مليون راكب.

أما شركة “نقل المسافرين في المغرب “(TVAM)  فقد أنشئت في يونيو 2001 من طرف “مجموعة ألزا” برأسمال قدره مليون درهم، وذلك بناء على عقد الامتياز المتعلق باستغلال خطوط النقل شبه الحضري.

ولهذا الغرض، قامت “مجموعة ألزا” سنة 2001 بإبرام ثلاث اتفاقيات متعلقة بالنقل الشبه الحضري، الاتفاقية الأولى مع إقليم الحوز مبرمة بتاريخ 27 فبراير 2001 ، والتي تربط ما بين الجماعات التابعة لإقليم الحوز ومدينة مراكش، ثم الاتفاقية الثانية التي تشمل اتفاقيتان مبرمتان بتاريخ 25 يوليوز 2001 مع العمالة السابقة لمراكش – المنارة والعمالة السابقة لسيدي يوسف بن علي. والاتفاقية الثالثة المبرمة سنة 2004 مع إقليم شيشاوة لاستغلال خط نقل شبه حضري ما بين مدينة شيشاوة ومدينة مراكش.

“خروقات بالجملة”

في تقريره الصادر برسم سنتي 2016 و2017، وقف المجلس الأعلى للحسابات على جملة من الخروقات المرتبطة بتدبير النقل المفوض في مدينة مراكش الذي تولته مجموعة “ألزا” عبر شركاتها الفرعية التي أسستها لهذا الغرض.

ومما وقف عليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، انعدام التفاصيل المتعلقة ببرنامج الاستثمار الأولي وطريقة تنفيذه. ثم انتشار الأصول المالية مقارنة بالأصول الثابتة وقال المجلس الأعلى للحسابات  بخصوص هذه النقطة إنه “بدلاً من تحسين جودة النقل العام الحضري ، شارك صاحب الامتياز في عمليات استثمار مالي متجاهلا شروط العقد”.

وفضلا عن ذلك كشف التقرير عدم تبرير فواتير المساعدة الفنية المدفوعة لصالح “مجموعة Alsa”، زيادة على عدم وجود مبرر لتخفيض رأس مال “مجموعة ألزا” في عام 2009، مع ملاحظة عدم وجود إجراءات قسرية بعد تعديل هيكل رأس مال الشركة صاحبة الامتياز دون موافقة الطرف الممنوح في العقد.

وفي سنة 2009، لاحظ المجلس كذلك، أنه تم اعتبار جميع الحافلات مستهلكة (الاستهلاك على مدى 10 سنوات كحد أقصى) مع تأثير إيجابي مباشر على حسابات الشركة).

خدمات “رديئة”

وقف تقرير المجلس الأعلى أيضا، عند جودة خدمة النقل الحضري، حيث لاحظ تهالك أغلب أسطول الحافلات، وكذا الاستثمارات غير الكافية لتجديد أسطول الحافلات، ثم عدم وجود خطة لإنشاء محطات توقف محمية وغياب التشوير في الطرق المتعلقة بالنقل الحضري، إلى جانب نقص المعدات اللازمة لنقاط توقف الحافلات وعدم الامتثال لمعايير الجودة على متن بعض الحافلات، بالإضافة إلى عدم مراعاة متطلبات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة (عدم وجود أماكن محجوزة، وزيادة مسافة الوصول).

وزيادة على ذلك كله، رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات عدم وجود كشوفات خاصة بمواعيد المرور  بالمحطات ونسبة التردد وسعة النقل بالحافلات خلافا لما تنص عليه المادة 36 من قرار شرطة المرور، وكذا عدم وجود صناديق رعاية طبية أولية في بعض الحافلات، ثم عدم وجود مقابض متحركة في بعض الحافلات، وتجاوز قدرة بعض الحافلات خلال ساعة الذروة.

تفويض بلا رقابة

لاحظ المجلس الأعلى للحسابات عدم وجود رقابة من قبل سلطة الترخيص وانخفاض وتيرة عقد اجتماعات لجنة النقل الحضري، وتخفي السلطة المفوضة الخلل الوظيفي الذي يعزى إلى عدم وجود معايير الجودة فيما يتعلق بخدمة النقل العام في المناطق الحضرية وعدم وجود تحديد للخصائص التقنية ووسائل السلامة على متن الحافلات.

وعلى مستوى العقد نفسه، لوحظ عدم تحديد الغرامات في حالة عدم دفع الرسوم السنوية وعدم إنشاء الضمانة.

هذا زيادة على عدم وجود تدابير زجرية بعد تعديل نظام رأس مال الشركة صاحبة الامتياز دون موافقة الطرف المفوض، وكذلك عدم تحديد طبيعة العمليات التي قد تتعاقد عليها عن طريق المناولة في تدبيرها لخطوط النقل الحضري بمراكش و الشروط التعاقدية والعمليات الضرورية لمراقبتها.

وشهدت الفترة التي تلت إبرام العقد، عدم احترام الالتزامات التي حددها العقد المتعلق بصندوق دعم النقل التابع لوزارة الداخلية وتوقيع تعديلات تشير إلى متطلبات قانونية غير واضحة.

قرض لـ”ألزا أكادير” دون تعاقد

أورد المجلس الأعلى للحسابات أن  فرع مجموعة “ألزا” وهي “الشركة المغربية لنقل الركاب بالحافلات” للنقل شبه الحضري (إقليم الحوز وولاية مراكش)، أقدمت على منح قرض لشركة “ألزا أكادير” بدون أساس تعاقدي في كل من سنتي 2011 و 2012.

ولاحظ كذلك عدم وجود شروط لمنح وسداد القروض في العقود المتفق عليها بين الشركة والآخرين من المجموعة. ووقف أيضا عند الزيادة في نفقات صيانة وإصلاح الحافلات، وعدم دفع الرسوم السنوية لثلاثة خطوط حافلات لعام 2014. كما عمدت الشركة إلى تطبيق تعريفات مرتفعة مقارنة بالتعريفة المنصوص عليها في مرسوم مراجعة الأسعار.

واعتبر المجلس الأعلى للحسابات، أن امتياز النقل شبه الحضري لم يحظ بالاهتمام اللازم، وأشار  إلى العديد من “الحالات الشاذة” مثل عدم وجود بنود تحكم العمليات المالية للشركة على مستوى عقود الامتياز أو مرة أخرى ، وعدم مراقبة تنفيذ عقدي الامتياز للنقل شبه الحضري والحضري إقليم الحوز وعمالة مراكش.

وفي هذا الصدد، وقف المجلس الأعلى للحسابات عند عدم الامتثال للبنود التعاقدية المتعلقة بزيادة رأس مال الشركة وإبرام الشركة صاحبة الامتياز لعقود النقل دون إذن مسبق من سلطات الترخيص، وكذلك عدم وجود مواصفات تتعلق بـ النقل شبه الحضري في إقليم الحوز.

كما لاحظ وجود عيوب على مستوى الالتزامات المتعلقة ببرنامج الاستثمار المنصوص عليه في عقود الامتياز المبرمة بين مدينة مراكش وإقليم الحوز ويؤكد عدم كفاية الاستثمار في معدات الحافلات وتحسينها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *