سياسة

هذه تفاصيل طعن البام في تصفية معاشات البرلمانيين أمام المحكمة الدستورية

استند فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في مذكرة موجهة للمحكمة الدستورية، على عدة دفوعات للطعن في دستورية مقترح قانون تصفية معاشات أعضاء مجلس النواب، أبرزها “غياب أي سند دستوري” لتنظيم معاشات البرلمانيين بقانون.

ودعا فريق حزب “الجرار” بالغرفة الأولى المحكمة الدستورية إلى التصريح بعدم دستورية تصفية معاشات أعضاء مجلس النواب بمقتضى قانون.

.. بمقتضى قانون

وجاء في دفوعات البام، أنه ليس في الدستور، أي أساس يمكن الاستناد إليه لجعل تنظيم معاشات أعضاء مجلس النواب منظما بمقتضى القانون، “يكون بذلك استثناء من التحديد الدستوري الذي يجعل القانون إطارا خاصا بتنظيم النظام الأساسي للوظيفة العمومية والضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين، والضمان الاجتماعي بالنسبة للمستخدمين”.

وأشار المصدر ذانه إلى أن هذا الموضوع لا يندرج كذلك بدوره في المجال التنظيمي، المنصوص عليه في الفصل 72 من الدستور، “على اعتبار أن أعضاء مجلس النواب ليسوا مستخدمين، ولا يتلقون راتبا من المجلس المذكور، ولا يشكلون، بالتالي، فئة مهنية يقتضي تنظيمها وضع مرسوم خاص بمعاشها”.

واسترسل “مما يجعل عدم دستورية الإحالة، لا يتعلق بشكلها القانوني الخارجي، أي القانون بدل المرسوم، بل إن موضوعها، ووضعية المعنيين بمقتضياتها، يجعل الدستورية تطال موضوعها نفسه، المندرج في الأشكال القانونية الاتفاقية التي تخضع للتعاقد، وليس للأشكال القانونية الدستورية”.

وأشارت مذكرة البام إلى أن نظام تعويضات أعضاء مجلس النواب ليس منظما بمقتضى القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس، ولا بقانون عادي، ولا بمرسوم، “مما يكون معه تأطير نظام للمعاشات، يساهم فيه الأعضاء المعنيون بجزء من تعويضاتهم المحددة بقرار من مكتب مجلس النواب، لا يجب أن يتم بقانون أو بمرسوم”.

مشاركة الحكومة

من جهة أخرى نبهت مذكرة البام إلى أن الحكومة لم تشارك في مناقشة مقترح القانون، معتبرة أن ذلك يخالف أحكام الدستور والقانون التنظيمي لمجلس النواب.

واعتبر الفريق البرلماني أن “انعدام حضور الحكومة عند تقديم ومناقشة وتعديل ثم التصويت على القانون بشأن إلغاء وتصفية نظام المعاشات المحدث لفائدة أعضاء مجلس النواب، يعيب الإجراءات المتبعة لاعتماد هذا القانون، ويمس بصدقية النقاش البرلماني”.

المال العام

وأوضح المصدر ذاته أن مقترح القانون المذكور لم يراعي مراعاة المبادئ الدستورية المقررة في تنظيم المال العام ودور المجلس الأعلى للحسابات في الموضوع.

وأشار إلى أن المادة الثالثة من القانون، تنص على أنه “يتم توزيع احتياط النظام …”، وفق ثلاث طرائق حددتها نفس المادة، لكنها “لا تميز بين المال الخاص، المتأتى من مساهمات أعضاء مجلس النواب، وبين المال العام، الناتج عن مساهمات الدولة”.

وتابع أن توزيع احتياط النظام بهذا الشكل “سيؤدي إلى إعادة رصد مبالغ مالية لنفقات ليست هي المقررة طبقا للقوانين التي اعتمدتها، بشكل يخالف أحكام القانون التنظيمي لقانون المالية”.

ونبه إلى أن المال العام يخضع في رصده وصرفه لقواعد دستورية آمرة، وأحكام من القانون التنظيمي لقانون المالية، إلى جانب نظام للمحاسبة العمومية، و”لا يجوز بالتالي، وضع استثناء عن هذه الأحكام والمقتضيات من شأنه خلط ذميتن ماليتين مختلفين”.

غياب التقييم

ومن الدفوعات التي استندت عليها مذكرة حزب الأصالة والمعاصرة، “عدم تقييم نظام المعاشات قبل الإقدام على تصفيته”، مشيرة إلى أن الدستور، ينص في الفقرة الثالثة من فصله 147، على أنه “يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات، المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ، عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة”.

كما ينص في الفقرة الثانية من فصله 156، على أنه “تقدم المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم”، يضيف المصدر ذاته.

واسترسل بأن المادة 76 من مدونة المحاكم المالية، تنص على أنه “يمارس المجلس رقابته على … أجهزة الضمان الاجتماعي كيفما كان شكلها، التي تتلقي من أحد الأجهزة المنصوص عليها … مساعدات مالية في شكل مساهمات من أرباب العمل أو في شكل إعانات وتوجه إلى المجلس سنويا الحسابات والوثائق المحاسبية الأخرى للأجهزة المشار إليها”.

وأكد نواب البام أن الإحالة “خولت مهمة تصفية نظام المعاشات، لجهة غير المجلس الأعلى للحسابات، بشكل يخالف ما هو مضمن في الدستور، والمقتضيات القانونية التي جاءت تطبيقا له”.

الانسجام التشريعي

نبهت المذكرة إلى غياب “الانسجام التشريعي” فيما يتعلق بإحالة قانون تصفية معاشات البرلمانيين، حيث إن المادة التاسعة، منه تنص على أنه “يعلن عن الانتهاء التام لعملية التصفية بقرار لرئيس مجلس النواب”.

وتابعت أنه تم تخويل رئيس المجلس هذه الصلاحية، و”هو جهة غير مشرفة على تصفية النظام، ولا على إعداد تقرير حول نتائجه، وأنه ليس جهة صرف المبالغ المسترجعة، كما أنه يتلقى، فقط، نسخة من التقرير الوارد في المادة الثامنة، دون أي التزام بعدي من جهته”.

واعتبر المصدر ذاته أن “مقتضيات هذه المادة غير منسجمة مع مقتضيات المادتين السابعة والثامنة، من القانون المحال، ولا تستجيب للربط الدستوري بين المسؤولية والمحاسبة، بحكم أن رئيس مجلس النواب، خولته المادة المعنية صلاحية الإعلان عن الانتهاء العام لعملية التصفية، بالرغم من أن هذه الأخيرة غير مندرجة ضمن مسؤولياته، طبقا للقانون المحال”.

تنازع المصالح

ونبه برلمانيو البام أيضا إلى “تنازع المصالح، وخرق مبدأ المساواة بين المواطنين، وتنظيم موضوع مندرج في مشمولات قانون المالية، وتخويل إعفاء ضريبي دون سند أو غاية دستورية”، في قانون تصفية معاشات البرلمانيين.

وأشارت المذكرة إلى أن المادة العاشرة من القانون المحال، تنص على أنه “تعتبر المبالغ التي يستفيد منها المعنيون بالأمر وفق أحكام هذا القانون مبالغ صافية معفاة من أي ضريبة، ولا تخضع للتصريح”.

وشددت على أن تحديد مبلغ الضريبة، والفئات المعنية بها، والإعفاء منها، مواضيع مندرجة في المجال المحفوظ لقانون المالية، معتبرة أن صدور إعفاء ضريبي ضمن مقتضيات قانون غير قانون المالية أمر مخالف لأحكام القانون التنظيمي المشار إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *