سياسة

هل يؤدي لجوء العثماني للفصل 103 من الدستور إلى ترسيم عزلة البيجيدي؟

أدى تحالف أحزاب الأغلبية الحكومية (ما عدا حزب العدالة والتنمية) والمعارضة في التصويت على اعتماد التعديل بشأن القاسم الانتخابي إلى بروز أصوات من داخل حزب البيجيدي القائد للأغلبية تطالب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بإعمال الفصل 103 من الدستور من أجل تجديد الثقة في حكومته أو سحبها عنها وبالتالي استقالة الحكومة استقالة جماعية.

وينصُّ الفصل 103 من الدّستور على أنه: “يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه. لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب. لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة. يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.

وتشير مصادر قيادية داخل حزب العدالة والتنمية تحدثت إليها جريدة “العمق”، بأن لجوء رئيس الحكومة إلى الفصل 103 من الدستور سيكون مفيدا في سياقات سياسية معينة، غير أن المعطيات الآن أمام الحزب، وخاصة مع قرب الانتخابات التشريعية، تجعله يستبعد هذا الخيار وذلك لعدة أسباب، أبرزتها مصادرنا في عاملين أساسيين.

العامل الأساسي الأول، بحسب مصادر الجريدة، يكْمُنُ في أن اللجوء إلى الفصل 103 من الدستور يكون سلاحا بيد رئيس الحكومة لضبط الأغلبية وردع الانفلاتات داخلها وتخيير مكوناتها بين الانضباط والالتزام بالخط السياسي والاختيارات التشريعية الحكومية الأساسية أو الاستقالة الجماعية للحكومة، مبرزة أن رئيس الحكومة لا يمكن له إشهار هذا الفصل إلا وهو متأكد بأن ذلك يمكن أن يحقق الردع المطلوب أو استقالة الحكومة فعليا ضمن هدف يصب في مصلحة حزبه وحلفاءه على خلاف خصومه.

واعتبرت مصادر الجريدة بأنه إذا تم استحضار السياق الوطني، الذي أصبح فيه موضوع القاسم الانتخابي رهانا سياسيا بالنسبة للطرف الآخر من أجل تحديد مصير الانتخابات المقبلة، فإن المعطيات تقول بأن الفصل 103 لن يمثل أي ردع لأصحاب التعديل، خاصة وأن موعد الانتخابات على الأبواب، وأنه إذا تم تفعيل الفصل 103، فإن صيرورة الأحداث لن تؤدي إلا إلى التصويت على التعديل، وبالتالي استقالة الحكومة، وبعدها سنُصبح أمام حكومة تصريف أعمال إلى غاية تاريخ الانتخابات، وما بعدها.

وبناء على ذلك، تشير المصادر ذاتها، فإن المقاصد المذكورة التي يمكن استهدافها باعتماد ربط التصويت بمنح الثقة، لن يتحقق شيء منها في السياق الذي نحن فيه، بل بالعكس، فإن ربط التصويت بمنح الثقة عوض أن يؤدي إلى عزل طرف أو أطراف محدودة داخل الأغلبية، سيؤدي إلى ترسيم عزلة العدالة والتنمية نهائيا، أكثر مما هو معزول حاليا، وبالتالي فلن يكون إلا هدية للآخر يتمنى حصولها.

أما العامل الثاني وفق مصادر الجريدة في استبعاد اللجوء إلى الفصل 103 من الدستور من طرف رئيس الحكومة، فيتمثل في أن الجهة المخولة حسب القوانين المرجعية للعدالة والتنمية للتقرير في علاقة الحزب بالحكومة هي المجلس الوطني للحزب دون سواه، وبالتالي فليس من حق الأمين العام ولا الأمانة العامة أن يقررا بشأن ذلك.

وأبرزت أنه في حالة اعتماد الفصل 103، من قبل رئيس الحكومة، فإنه سيكون قد خرق قانون حزبه، لأنه قرر دون الهيئة الحزبية صاحبة الاختصاص فيما ليس من اختصاصه، وبالتالي، فإن الاجتماع المقبل للمجلس الوطني، لن يكون بإمكانه أن يقرر بشأن مسار الأحداث، لأنها تكون قد تقررت باستقالة الحكومة، وبالتالي، سيكتفي بمعاينة وقوعها.

وشددت المصادر على أن تفعيل الفصل 103 سيكون من مآلاته نقل الأزمة إلى داخل حزب العدالة والتنمية، بسبب ما يمكن أن يعتبره البعض داخل التنظيم خرقا لقوانين الحزب، معتبرة أن التعامل مع ما سببه موضوع القاسم الانتخابي من تصدع داخل الأغلبية لا يمكن حسمه إلا بقرار من المجلس الوطني للحزب الذي أصبح الآن أمام صورة واضحة من أجل اتخاذ القرار الملائم بعيدا عن أي رد فعل متسرع، وليس من طرف الأمين العام أو الأمانة العامة لوحدهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *