وجهة نظر

أي مغرب ينتظرنا بعد 16 يناير ؟

حاليا قلوب السياسيين و أنظارهم مسلطة على “لعبة البرلمان السحرية”، ليوم 16 كانون الثاني، التي ستكون شبيهة بلعبة “الغمايضة” التي يلعبها الأطفال في أزقة أحيائهم… الكثير منهم سينطبق عليه المثل الشعبي ” شاف الربيع، ما شاف الحافة ” كناية عن الدواب المتلهفة للعشب و الكلأ، و سينسوْنَ أنهم سيكونون بصدد إنزال تمثال الإستثناء المغربي ، في مشهد يذكر بالطريقة التي أسقطت بها قوات المارينز تمثال صدام حسين وسط أشهر ساحة ببغداد، عاصمة ببلاد الرافدين.

وكما استقبل العراقيون غزاتهم بالزغاريد و أكاليل الورد، أجزم بأنه هناك من شرع يفعل ذلك في بلدنا حتى قبل يوم إسقاط تمثال الإستثناء تحت قبة البرلمان. طبعا ستكثر زغاريد الجهلاء و الناقمين على ظاهرة ” الضمير الحي و خفقان القلب” الذي يتحسس طريقه نحو التطور و التحضر.

في هذا الصدد دائما، أرى أنه من بين الروابط التي قد لا يستحضرها الفاعلون السياسيون ، الذين يخوضون حرب التشرميل ضد الإنعتاق و الديموقراطية، هو أن المغرب تربطها بالولايات المتحدة شراكة استراتيجية على جميع الأصعدة، و أن الولايات المتحدة تتخذ من الديموقراطية عقيدتها الأساسية ،و بوصلتها في اتخاذ أية قرارات حاسمة، و أنها تنفق على ذلك أموالا طائلة من أموال دافعي الضرائب.

فجلنا يستحضر مثلا كيف جاب رئيس المركز المغربي للدراسات والابحاث الاستراتيجية ، الدكتور طارق أتلاتي، المغرب في السنة الماضية ليحاضر في “تشجيع الشباب على المشاركة في العمل السياسي” بدعم من مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية. لكن، الكل لاحظ كيف تم العبث بالحكم الصادر عن الصنادق الإنتخابية، بل تم الضحك على من دفعتهم الوطنية إلى تلطيخ أصابعهم بحبر التصويت!!

كانت تلك إشارة من عشرات الإشارات التي يمكن الوقوف عندها و التي تظهر مدى حرص الدول المتحضرة، و في مقدمتها الولايات المتحدة، على الديموقراطية و التداول السلمي على السلطة، لعلمها أنه لا يمكن أن يعم السلام و التنمية المستدامة في البيئة الهشة و المياه الآسنة، و أن نيران الفتنة لن تكتفي بتلابيب الجلاليب المحلية، بل قد تكون شراراتها عابرة للقرات من خلال الهجرة و طلب اللجوء.

لذك، أقول أن صورة المغرب ستتحدد مساء يوم غد (الإثنين 16 يناير 2017 ) بشارع محمد الخامس بالرباط، و بالضبط تحت قبةٍ لفتت إليها أنظار الصغير و الكبير، المتعلم و الأمي،داخل الوطن و خارجه، طيلة ولاية حكومية كانت سمتها الأبرز الإستدلال الفعلي على فكرة الإستثناء المغربي. غدا يمكن أن يكون لنا يوما شبيها بيوم سقوط جدار برلين، أو بيوم الإثنين الأسود الذي سيؤرخ للأزمة السياسية الفعلية ببوابة إفريقيا ، على شاكلة الخميس الأسود الذي أرَّخَ للأزمة الإقتصادية بأمريكا في 24 من أكتوبر 1929 ، باعتباره اليوم الذي انهارت فيه بورصة وول ستريت بنيويورك معلنة بداية مرحلة من الإفلاس –لحسن الحظ—الإقتصادي، و ليس السياسي كما عندنا.