مجتمع

“التوحيد والإصلاح” تنتقد استعجال تنزيل القانون الإطار وتحذر من خطورة التطبيع على التعليم

انتقدت حركة التوحيد والإصلاح “استعجال” و”استفراد” وزارة التربية والوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في تنزيل مقتضيات القانون الإطار 57.17، وسجلت عدم استقرار قطاع التربية والتكوين بسبب ارتفاع وتيرة الاحتجاجات، إضافة إلى عدم نجاعة التعليم عن بعد وبالتناوب، كما حذرت من تراجع حضور القضية الفلسطينية في المناهج التربوية ومن خطورة التطبيع مع إسرائيل.

وطالبت بمواكبة الدولة لتنويع لغات التدريس في التعليم العالي، وفتح مسالك دراسية علمية باللغة العربية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بنجاحها، وبالتعجيل بإخراج المجلس الوطني للبحث العلمي، ووضع استراتيجية وطنية شاملة للبحث العلمي باعتباره من أهم ركائز أي نموذج تنموي.

واعتبرت الحركة في بلاغ صادر عن لجنة التعليم التابعة لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن الوزارة “تستفرد وتستعجل بتنزيل قضايا واردة في القانون الإطار، لكنها تحتاج إلى نصوص لم تصدُر بعد، أو إلى استطلاع رأيِ هيئةٍ لم يُطلب منها بعدُ إبداؤه، أو إلى تشكيل هيئة لم تخرج بعد للوجود”.

ومن بين القضايا التي تحاول الوزارة الاستعجال والاستفراد بتنزيلها، أشارت الحركة إلى “الهندسة اللغوية ولغات التدريس ومراجعة المناهج والبرامج وتغييرها في غياب اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج وصدور النصوص التنظيمية ذات الصلة”، و”السعي لفرض وضع لغوي لا يتناسب مع الرؤية الاستراتيجية ولا يستند إلى نص تشريعي، ومن ذلك إعمال التناوب اللغوي في التعليم الابتدائي في المواد العلمية دون استناد إلى هندسة لغوية رسمية”.

إضافة إلى “التأخر البين في إصدار النصوص التشريعية والتنظيمية التي يحيل عليها القانون الإطار، والتي تعد شرطا أساسيا لتنزيل الإصلاح”، و”التأخر في خروج هيئات الحكامة التي ينص عليها القانون الإطار إلى حيز الوجود، رغم ارتباط الكثير من مشاريع الإصلاح بها (اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج نموذجا)”.

وبخصوص التعليم في ظل جائحة كوفيد19، اعتبرت التوحيد والإصلاح أنه “رغم المحاولات التي بذلتها الجهات الوصية في تدبير الزمن المدرسي والجامعي واعتماد أنماط مختلفة تنوعت بين الحضوري والتعليم عن بعد والتعليم التناوبي حسب ظروف المؤسسات، إلا أن التنزيل لم تكن نتائجه في المستوى المأمول”.

وأضافت أن ذلك “جعل استفادة المتعلمين الفعلية لا تتجاوز في الغالب 50 بالمائة متمثلة أساسا في الحصص الحضورية، وهو ما فرض على الوزارة مؤخرا تحيين الأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية، وتخصيص ما بعد عطلة عيد الفطر للدعم استعدادا لهاته الامتحانات”، وهو ما “يطرح إشكالية مدى تمكن المتعلمين من الكفايات اللازمة لمسايرة المستويات العليا، فضلا عن كون هاته الأطر المرجعية لم تنل رضى الكثير من المتدخلين التربويين وكذا ممثلي الآباء والأولياء، ناهيكم عن صعوبة توفيق الأساتذة بين مذكرات تدعو لإتمام المقررات وأخرى تؤكد على تخصيص الفترة المتبقية للدعم استعدادا للامتحانات”.

من جهة أخرى، سجلت الحركة أن الموسم الدراسي الحالي “شهد وما يزال احتجاج الكثير من الفئات، حتى لا نكاد نجد فئة راضية عن وضعها وانتسابها للقطاع”.

أشارت إلى أن “هذه التوترات والاضطرابات أثرها السلبي الواضح سواء على صورة رجال ونساء التعليم ومكانة المهنة في المجتمع، فضلا عن أثرها النفسي على العاملين في القطاع خصوصا الأساتذة الذين يقدمون الخدمة التربوية التعليمية المباشرة للمتعلمين، إضافة إلى تأثيرها الواضح على تأمين الزمن المدرسي للمتعلمين”.

أما في ما يخص ما أسمته “التطبيع وخطورته على النظام التربوي”، قالت الحركة في بيانها “تُعَدُّ المنظومة التربوية المغربية من أهم حصون الممانعة التي خرجت أجيالا تعتز بهويتها وبدور المملكة المغربية المستمر في دعم القضية الفلسطينية والاعتزاز بمسؤولية القدس الشريف”.

وأضافت “لكن الملاحظ أن حضور هاته القضية في مناهجنا الدراسية وفضاءاتنا التربوية انحسر كثيرا في السنين الأخيرة، وبدل العمل على معالجة الأمر واستدراك التقصير، نُفاجأ بمسارعة مسؤولين عن القطاع إلى تصريحات وخطوات تطبيعية مستغربة مع الكيان الصهيوني في خلط واضح لمفاهيم لا أحد يجادل فيها كالتسامح وتنوع روافد الشخصية المغربية، مع مفاهيم مغرضة مآلاتها هي اختراق الفكر الصهيوني للمنظومة التربوية، وما قد ينتج عن ذلك من مسخ لهوية الأجيال القادمة”.

ودعت إلى “التمييز بين تنوع روافد الشخصية المغربية التي لا مانع من انعكاسها في البرامج الدراسية، وبين التوظيف السيء لهذا الأمر في مبادرات تربوية تطبيعية مع الكيان الصهيوني الغاصب نراها مرفوضة مبدئيا ولا نقبل أي تبرير لها”.

من جهة أخرى، طالبت الحركة بتعجيل بلورة “النموذج الجديد للمدرسة المغربية”، باستثمار ما قدمته الرؤية الاستراتيجية، وإشراك الخبراء والفاعلين الوطنيين ومختلف المتدخلين في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.

كما شددت على ضرورة تعزيز مكانة اللغتين الرسميتين للبلاد العربية والأمازيغية في الحقل التعليمي وتطوير المقاربات البيداغوجية الخاصة بكل منهما، والالتزام بالثوابت الدينية والوطنية المنصوص عليها في الدستور، عند صياغة تلك النصوص التشريعية والتنظيمية.

وأبرزت أن تنزيل القانون الإطار يجب أن يكون على ضوء الرؤية الإستراتيجية التي جاء القانون الإطار ليضمن حسن تنزيلها واستمرارية إصلاحاتها، ولم يأت لإلغائها أو الحلول كليا محلها، ودعت إلى الالتزام بالمقاربة التشاركية في تنزيل مقتضيات القانون الإطار، وذلك بإشراك مختلف الفاعلين وذوي الخبرة والاختصاص، وتجنب القفز على المراحل أو الانتقاء في الإصلاحات.
وطالبت بالتعجيل بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية التي يتطلبها تنزيل القانون الإطار 51.17، مع “تجنب “لاجتهادات الإقليمية والجهوية التي لا تنتظر صدور هاته النصوص المهيكلة والمؤطرة، وإنما تعيد إنتاج ممارسات عانت منها المنظومة في الإصلاحات السابقة (الميثاق- البرنامج الاستعجالي)”.

وأكدت على ضرورة “السعي لتجنيب القطاع كل مظاهر التوتر، بما يعيد الأمن النفسي والشعور بالاستقرار الاجتماعي للأساتذة خاصة، ومختلف الفئات عامة، وذلك بالحوار المسؤول ومراجعة الأسباب الحقيقة للمشاكل بدل الترقيع المستمر لمظاهرها”، إلى “السعي لتطوير مؤسسات التعليم العالي، وإحداث ودعم بنيات البحث العلمي، وتشجيع الباحثين في مختلف المجالات بما يليق بمكانة التعليم العالي والبحث العلمي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *