سياسة، مجتمع

هذه انتظارات المغاربة من الصحة والتعليم والتشغيل في النموذج التنموي الجديد

أكد تقرير اللجنة الخاص بالنموذج التنموي الجديد، الذي تم تقديمه أمس للملك محمد السادس، أن اهتمامات المواطنين ارتكزت حـول أربعة مجالات، وهي التربيـة والتكوين والشـغل والصحة والحمايـة الاجتماعية.

وأشارت اللجنة في تقريرها بخصوص تطلعات المواطنين في موضوع التربية والتكوين، أن اهتمامات المشاركين تتركز أساسا حول أداء المدرسة العمومية وتكافؤ الفرص، مبرزة في هذا الصدد إلى تخــوف يجمــع مــا بيــن المشــاركين فــي عمليــات الإنصات، يهــم، حسب اللجنة، تعميــق الفــوارق وتقاطــب المجتمــع المغربـي.

ويترجـم هـذا التخـوف، يضيف تقرير اللجنة، مـن خـلا تركيـز تعبيـر المواطنيـن علـى المدرسـة، بحيـث أن الـكل يشـجب عجزهـا عـن لعـب دورهـا الاندماجي، كمـا يبـرز ذلـك أقـوال هـذه المشـاركة علـى مسـتوى المنصـة التواصليـة.

وقالت إحدى المشاركات، “إنه يوجد شرخ حقيقي بين المغاربة الميسورين والآخرين الذين هم دون ذلك، حيث يلتحق، على حد قولها، الأطفال بنفس المدارس، ولا يسافرون إلى نفس الأماكن، ولا يشاهدون نفس البرامج التلفزيونية، وهذا الشرخ بين المغاربة لا يساعدنا، على حد تعبيرها، على التقدم.

وتتبلور انشغالات المواطنين أساسا، حسب النموذج التنموي، في الفـوارق الاجتماعية والمجاليـة للنظـام التربـوي: مضيفة أن الاختلافات فـي شـروط عمليـة التلقيـن بيـن التعليـم الخصوصـي والعمومـي وبيـن العالـم الحضـري والقـروي، هيمنـت علـى جلسـات الإنصات إلـى المواطنيـن.

ودعا المواطنون المشاركون، من جهة، إلى توحيـد المســتوى بيــن التعليم العمومــي والخــاص، وإلــى تركيــز المجهــودات حــول “إعــادة تأهيــل” المدرســة العموميـة، حيث قال أحد المشاركين إن “المدرسة العمومية تسجل مستويات دنيا للجودة، والمدرسة الخاصة لا تفكر إلا في القيام بأعمال تجارية”.

واقترح المواطنون التوجه نحو مدرسة عمومية ذات جودة بالنسبة للجميع، وأن إصلاح النظام التربوي يجب أن يدعم تعليما شعبيا ومجانيا يضمن احترام المساواة بين جميع المتمدرسين.

كما شدد المشاركون على ضرورة تحسين كفـاءة هيئـة التدريـس، وتوظيف أحسن العناصر والمتميزة منها كمدرسين في القطاع العمومي، مع تكوين جيل جديد من الأساتذة، وتلقين التلاميذ اللاغات الأجنبية منذ سن مبكرة عبر إدراجها من المدرسة الابتدائية.

وبخصــوص موضــوع الصحــة، تمحــورت تعبيــرات المواطنيــن حــول الفــوارق وحالات التمييــز المتعــددة فيمــا يخـص الولـوج إلـى العلاجات ذات جـودة، بحيـث تـم ربـط الصحـة، بشـكل وثيـق، بطلـب مزيـد مـن الحمايـة الاجتماعية.

وتتركـز انشغالات الموطنيـن حـول النقـص فـي الوسـائل، إضافة للنقـص فـي أعـداد العامليـن بالمستشـفيات، وتهالـك التجهيـزات الصحيـة، وكـذا نقـص فـي الأدوية والأطباء الخـواص، وصعوبـة قويـة فـي الولـوج إلـى العـلاج، وبعد المسافة بين المستشفيات.

وأشارت اللجنة في تقريرها، إلى أن وبـاء “كوفيـد19″، كثف مـن اهتمـام النـاس بالصحـة وبشـروط الولـوج للعـاج، لكـن هـذا الأمر أدى، حسب اللجنة، إلـى التركيز علـى مسـألة أعـم تتعلـق بالتغطيـة الاجتماعية، فالمشـاركات المسـجلة ضمـن خانـة كوفيـد19، تربـط بشـكل وثيـق تقويـة الحمايـة الاجتماعية بتعميـم التغطيـة الصحية.

واقترح المواطنون، فيمـا يخـص الصحـة، العمل على مبـدأ تدعيـم النفقـات العموميـة للاستثمار، حيث إن تعميـم التغطيـة الطبيـة للمواطنيـن، وتعزيـز العامليـن فـي الهيئة الطبية والشـبه الطبية، وتحسـين وضعيتهم، يعتبـرون مـن المقترحـات التـي تتكـرر بشـكل شـبه متفـق عليـه، مع ضرورة تعميــم التغطيــة الاجتماعية الأساسية للأشخاص المعوزيـن.

وبخصوص التشغيل، تبرز، حسب تقرير اللجنة، ثلاثة أنواع من الانشغالات أهمها النقـص فـي الفـرص الاقتصادية خاصة فـي المناطـق المتأثـرة بالأزمة الاقتصادية، حيث يتـم تنـاول إشـكالية البطالــة ليــس مــن زاويــة الحــق فــي الشــغل ولكــن مــن زاويــة الفــرص الاقتصادية.

كما شدد المواطنون على ضرورة ملائمة نظـام التكويـن والمسـارات الجامعيـة مـع سـوق الشـغل الـذي يتركـز حولـه اهتمـام المشـاركين، عبر إصلاح نظـام التوجيـه، وتنميـة القـدرات الشـخصية، داعيـن، فـي نفـس الوقـت، إلـى تعليـم ينمـي شـخصياتهم، ويسـاعدهم علـى مواجهـة سـوق الشـغل، مسجلين ضعـف جـودة فـرص الشـغل، ويرفـض، عمومــا، “الطابــع الأقل تكلفــة” للاقتصاد المغربــي.

وتتمحــور المقترحــات حــول حلــول للتمويــل، حسب تقرير اللجنة، حيــث أن تشــكيل “قــرض ضريبة-بحــث”، والإعفاء الضريبــي فيمــا يخــص البحــث والتنميــة بالنســبة للمقاولات المتوســطة والصغــرى وخلــق نظــام الأســتاذ-الباحث، تعتبر مــن بيــن الإجراءات التــي تــم الإشارة بشــكل كبيــر.

وأكدت اللجنة في تقريرها أن تطلعـات المواطنين للاقتصـاد، يمكـن مـن خلـق مزيـد مـن الفـرص الاقتصادية وفـرص الشـغل، فـي تناغـم، كلتيهمـا، مـع الحاجيـات المحلية، حيث تمحورت الانتظارات والتطلعات على اقتصـاد يكـون أكثـر شـمولية، ممـا يترجـم بطلـب المزيـد مـن الوسـائل لمواكبـة المبـادرة وتنميـة الفـرص الاقتصادية.

وفيمـا يخـص دعـم الصناعـة الوطنيـة، يتـم اقتـراح إجـراءات لتحفيـز الأفضلية الوطنيـة، كتشـجيع استهلاك المنتوجـات المصنوعـة محليـا، وإحـداث عالمـة “صنـع فـي المغـرب”.

كما ينتظر المواطنون، من النموذج التنموي الجديد، إدارة أكثر فعالية وأكثر انفتاحا على المواطنين، وتخليق الحياة العامة، وكذا تعزيز الحريات العامة، عبر تبسيط المساطر الإدارية ومحاربـة فعالـة للرشـوة لتحسـين الشـفافية والولـوج إلـى المعلومـة.

كما أجمع المشاركون فــي عمليــات الإنصــات على ملاحظة مفادهــا أن المبـادرة الاقتصادية، يتـم عرقلتهـا مـن خـال العديـد مـن حالات التمييـز واللامساواة فيمـا يخـص الولـوج إلـى المـوارد، وكـذا مـن خـال عـدم نجاعـة المصالـح الإدارية.

وأظهـر الإنصات للشـباب، تضيف اللجنة في تقريرها، اهتمامـا خاصـا بالثقافــة، مؤكدة أن التطلعـات تتعلق بعـرض ذو جـودة وبسياسـات عموميـة حريصـة علـى المسـاواة وتكافـؤ الفـرص، وكـذا بتضامـن منظـم حـول الحـد مـن الفـوارق الكبـرى والفقـر المدقـع.

وأظهـرت عمليـات الإنصات للشـباب اهتمامـا خاصـا: يهـم الثقافـة مـع، مـن جهـة، تطلعـات لتقويـة الفضـاءات والأماكن المخصصـة للثقافـة، ومـن جهـة أخـرى، تنـاول موضـوع التعبيـر الثقافـي والفنـي باعتبـاره ضمانـة أكبر مشـاركة اجتماعيـة ومواطنـة للشـباب.

وأوضحت اللجنة أن 8900 شـخص تـم تعبأتهـم بشـكل مباشـر مـن خـال الآليات المخصصـة تحديـدا للإنصات للمواطنيـن وتلقـي مسـاهماتهم، مضيفة أن المواطنيـن طلب منهم التعبيـر عـن أولوياتهـم وانتظاراتهـم وتطلعاتهـم فـي مجـال التنميـة، كمـا تـم تشـجيعهم بشـكل قـوي مـن أجـل تقاسـم مقترحاتهـم ومسـارات الحلـول.

وفي هذا الصدد، أكدت اللجنة أن المقاربـة المنهجيـة ارتكزت علـى خلـق أجـواء الثقـة، عبر ضمـان حريـة الـرأي والحديث المطول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *