اقتصاد، سياسة، مجتمع

يرتكز على تحمل تكاليف تنمية البلد بصفة تضامنية.. هذه تفاصيل مشروع قانون الإصلاح الجبائي الجديد

وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون

من المرتقب أن تعقد اجتماعات مكثفة بالبرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة، بحضور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، من أجل دراسة مشروع قانون يتعلق بالإصلاح الجبائي، إلى جانب مشروع قانون إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.

وفي هذا الصدد، حدد مشروع القانون الإطار رقم 19.69 المتعلق بالإصلاح الجبائي، الذي تمت إجازته في المجلس الوزاري الأخير تحت رئاسة الملك محمد السادس، الأهداف الأساسية لإصلاح جبائي مندمج، وكذا آليات تنزيل هذا الإصلاح، طبقا لأحكام الدستور ولاسيما تلك المتعلقة بمساهمة الجميع في تحمل التكاليف العمومية كل حسب قدر استطاعته، وتحمل التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها.

وعلاوة على ذلك، يهدف هذا القانون-الإطار، وفق ما ورد في مشروع القانون، إلى إصلاح جبايات الجماعات الترابية التي تشكل مكونا أساسيا من مكونات النظام الجبائي من أجل تبسيطها وملاءمتها مع جبايات الدولة.

ويشكل هذا القانون-الإطار مرجعا أساسيا يؤطر السياسة الجبائية للدولة عبر مختلف مراحل تنفيذ الإصلاح بشكل يضمن الالتقائية مع السياسات العمومية، ويمكن من تعزيز حقوق الخاضعين للضريبة، وضمان الأمن القانوني وإحداث نظام جبائي مبسط وشفاف.

وسيتم تنزيل هذا الإصلاح أخذا بعين الاعتبار التدابير ذات الأولوية كما هي محددة في هذا القانون-الإطار والتي ستتم برمجتها خلال الخمس سنوات المقبلة والتدابير الأخرى التي سيتم اتخاذها بشكل تدريجي.

المشروع الذي اطلعت عليه جريدة “العمق”، ينص في بابه الأول المتعلق بالأحكام العامة والمادة الأولى منه، على أنه تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 71 من الدستور، يحدد هذا القانون-الإطار الأهداف الأساسية للسياسة الجبائية للدولة وكيفيات تنزيلها إضافة إلى قواعد الحكامة الجيدة المؤطرة للتدابير التي ستتخذها الدولة في هذا المجال. كما يحدد الشروط اللازمة التي تتيح للدولة إرساء سياسة جبائية عادلة ومنصفة ومتناسقة وفعالة وشفافة.

وورد في المادة الثانية “يتعين على الدولة من أجل تنزيل سياستها الجبائية أن تأخذ بعين الاعتبار الأولويات التالية: تشجيع الاستثمار المنتج للقيمة المضافة والمحدث لفرص الشغل ذات جودة، وتقليص الفوارق قصد تعزيز العدالة والتماسك الاجتماعيين، والتنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية، وتعزيز نجاعة وفعالية الإدارة الجبائية وتوطيد الثقة المتبادلة مع المرتفقين، والانفتاح على الممارسات الدولية الفضلى في المجال الجبائي.

أما الباب الثاني من مشروع القانون الذي يفصل الأهداف الأساسية، فقد ورد فيه وفي المادة 3، أن الدولة تسهر في المجال الجبائي على تحقيق الأهداف الأساسية التالية: تعزيز مساهمة جبايات الدولة والجماعات الترابية في تمويل سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتخفيض العبء الجبائي على الخاضعين للضريبة بالموازاة مع توسيع الوعاء الضريبي وتكريس مبدأ حيادية الضريبة في مجال الضريبة على القيمة المضافة. والتقائية الأحكام الجبائية مع القواعد العامة للقانون والقواعد المحاسباتية الجاري بها العمل. والتقائية الأنظمة التفضيلية مع القواعد والمعايير الدولية ومع الممارسات الفضلى المعمول بها في المجال الضريبي.

هذا إلى جانب  تحفيز المقاولات من أجل دعم تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي، وتعبئة الادخار وتوجيهه نحو القطاعات المنتجة،  ثم التطبيق التدريجي لمبدأ فرض الضريبة على الدخل الإجمالي للأشخاص الذاتيين، وترشيد التحفيزات الجبائية بالنظر لأثرها الاجتماعي والاقتصادي وللأولويات الوطنية الواردة في  المادة 2 من هذا القانون-الإطار. وكذا تبسيط وترشيد رسوم الجماعات الترابية ، علاوة على التقائية القواعد المنظمة لجبايات الجماعات الترابية وملاءمتها مع القواعد المنظمة لجبايات الدولة وتجميع الرسوم المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية وتلك المتعلقة بالممتلكات العقارية، ثم تبسيط وملاءمة النظام الجبائي المطبق على أنشطة القرب ذات الدخل المحدود ، وإدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد المنظم، وتعزيز آليات محاربة الغش والتهرب الضريبيين.

وفي الباب الثالث الذي خصص لآليات وكيفيات التنزيل، فتنص المادة 4 من مشروع القانون على أنه من أجل تنزيل الأهداف الأساسية السابقة، سيتم سن تدابير ذات أولوية وفق البند (أ) من المادة 19 من هذا القانون – الإطار، وتتعلق خصوصا بتكريس مبدأ حيادية الضريبة على القيمة المضافة، مع مراعاة الإبقاء على إعفاء المواد الأساسية، وذلك من خلال  توسيع نطاق تطبيق هذه الضريبة وتقليص عدد الأسعار، مع  تعميم الحق في استرجاع هذه الضريبة، والتوجه التدريجي نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات، لاسيما بالنسبة للأنشطة الصناعية، هذا بالإضافة إلى التوجه نحو تطبيق سعر موحد في ما يخص الأسعار المتعلقة بالأنظمة التفضيلية المطبقة بمناطق التسريع الصناعي والخدمات، فضلا عن تحسين المساهمة برسم الضريبة على الشركات في ما يخص المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة، والتخفيض التدريجي لأسعار الحد الأدنى للضريبة، وسن تدابير تحفيزية بهدف تطوير المقاولات المبتكرة لاسيما  المقاولات المبتكرة حديثة النشأة العاملة في مجالات التكنولوجيات الحديثة والأبحاث والتطوير وكذا في المجال الإجتماعي، ثم بنيات الدعم المسماة “الحاضنات أو المسرعات” والتي تقدم للمقاولين خدمات في مجال إحداث المقاولات، والمقاولات التي تهدف إلى تجميع المقاولين الذاتيين داخل بنية توفر لهم الخدمات تسمى “مجمع المقاولين الذاتيين”، وإعادة النظر في الجدول التصاعدي ألسعار الضريبة على الدخل المطبقة على الأشخاص الذاتيين وتوسيع وعاء هذه الضريبة ، ثم ملاءمة وتحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة من أجل تسريع إدماج القطاع غير المهيكل المشار إليه في المادة 11 أدناه.  وكذا العمل على الملاءمة مع قواعد الحكامة الجيدة المعمول بها دوليا في الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة في هذا الإطار، ومجال الجبايات وفق ضمان حقوق الملزمين وحقوق الإدارة.

ونصت المادة 5 على أنه سيتم إحداث نظام جبائي ملائم من أجل تشجيع إعادة هيكلة مجموعات المقاولات في أفق تحسين تنافسيتها وحكامتها.

ونصت المادة 6 أنه مراعاة لخصوصيات كل قطاع منهي، سيتم سن أحكام تشريعية وتنظيمية من أجل ضمان التقائية قواعد الوعاء الجبائي والقواعد المحاسباتية الجاري بها العمل.

وحسب المادة 7 من مشروع القانون ستسن تدابير جبائية ملائمة من أجل  تطوير القطاع الثقافي، والنهوض بالاقتصاد الاجتماعي، وحماية البيئة لاسيما من خلال إحداث ضريبة الكربون.

وورد في المادة 8 من مشروع القانون، أنه مع  مراعاة أحكام المادة 2 من هذا القانون-الإطار ومن أجل ضمان ترشيد التحفيزات الجبائية، لا تمنح الامتيازات الجبائية إلا بصفة استثنائية وفق شروط ومعايير يحددها القانون.  ويتعين أن يخضع كل تحفيز جبائي لدراسة مسبقة من طرف الحكومة ولا يمكن إحداثه في حالة ما إذا أمكن للمستفيدين من هذا التحفيز الحصول على امتياز مماثل في شكل دعم عمومي مباشر، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.  ويتعين إنجاز تقييم دوري للآثار الاقتصادية والاجتماعية للتحفيزات الجبائية الممنوحة، وذلك بهدف الاحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها حسب الحالة.

ونصت المادة 9 على أن الدولة تحرص على مراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية و ملاءمتها مع الأحكام المنظمة لضرائب الدولة في مجال الوعاء والتحصيل والمراقبة والمنازعات والمساطر والخدمات الإلكترونية. ولهذا الغرض، ستتخذ تدابير تشريعية بهدف  ترشيد وتوضيح وعاء وأسعار جبايات الجماعات الترابية. وتبسيط جبايات الجماعات الترابية من أجل ضمان حصولها على موارد بشكل دائم من خلال التجميع التدريجي للرسوم المطبقة على الممتلكات العقارية وتلك المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية.

فيما نصت المادة 10 من مشروع القانون على أنه من أجل تنزيل الأهداف الأساسية المنصوص عليها في هذا القانون- الإطار في مجال جبايات الجماعات الترابية، ستتخذ الدولة التدابير التشريعية والتنظيمية الضرورية لوضع نمط حكامة جبائية مناسب للجماعات الترابية

وورد في المادة 11  من المشروع ذاته، أنه من أجل تيسير إدماج الوحدات الإنتاجية والتجارية والخدماتية المشتغلة في القطاع غير المهيكل داخل النسيج الاقتصادي المنظم، تحرص الدولة لفائدة الأشخاص العاملين بهذا القطاع على إرساء نظام جبائي مبسط وسهل الولوج ثم  إعداد وتنفيذ برنامج وطني للتحسيس والمواكبة بالتشاور مع الأطراف المعنية.

ووفق المادة 12 من مشروع القانون، ستسن تدابير بهدف المحاربة الفعالة للغش والتهرب الضريبيين، وكذا حالات التعسف في استعمال حق يخوله القانون، لاسيما من خلال تطبيق جزاءات على المخالفات الجبائية، وذلك مع التقيد بمبدأ تناسبية الجزاءات مع خطورة المخالفات المرتكبة.

وحسب المادة 13، فمن أجل التقيد بأهداف هذا القانون-الإطار، تسن الدولة التدابير المناسبة الكفيلة بترشيد وتبسيط قواعد الوعاء والتحصيل المتعلقة بالرسوم شبه الضريبية وكذا الواجبات والرسوم المستخلصة لفائدة الدولة المنصوص عليها في نصوص تشريعية أو تنظيمية.

وفي الباب الرابع المتعلق بالحكامة، نصت المادة 14 على أنه ستسن تدابير من أجل تأطير السلطة التقديرية للإدارة الجبائية فيما يخص تحديد وتصحيح أسس فرض الضريبة.  ولا يمكن أن يترتب عن تفسير النصوص الجبائية من لدن الإدارة الجبائية أي تغيير للقواعد القانونية المعمول بها أو إحداث قواعد قانونية جديدة في مواجهة الملزمين.

ونصت المادة 15  على أنه يتم فرض الضريبة بناء على الإثباتات التي يقع عبء تقديمها على عاتق الملزم فيما يخص العناصر المضمنة في إقراراته وعلى عاتق الإدارة فيما يخص التصحيحات المزمع القيام بها عند مراقبة الإقرارات المذكورة.

أما المادة 16 فورد بها أنه يتعين على الإدارة الجبائية تقديم خدمات ذات جودة لفائدة الملزمين. ولهذه الغاية، تحرص الدولة على مواصلة ورش تحديث ورقمنة خدمات الإدارة، ودعم قدرات الموارد البشرية المكلفة بالوعاء والتحصيل والمراقبة والمنازعات والرفع من مستوى مهنيتها،  ثم تعزيز علاقات التعاون مع شركاء الإدارة الجبائية وإغناء قاعدة بياناتها من خلال تطوير آليات التبادل بين نظم المعلومات مع التقيد بالأحكام التشريعية الجاري بها العمل في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.

وتسهر الدولة، بحسب المادة 17، على تعزيز علاقات الثقة بين الإدارة الجبائية والملزمين من خلال توضيح وتحسين مقروئية النصوص الجبائية من أجل ضمان حسن تطبيقها وتقليص الإختلاف في تأويلها، وتثمين المهام المنوطة بالهيئات المكلفة بالطعون الضريبية وضمان استقلاليتها، وتعزيز مهام المشورة وإرشاد الملزمين، إلى جانب تحسين وسائل التواصل والإعلام بهدف حث الملزمين على الوفاء بالتزاماتهم الضريبية بشكل طوعي، ثم التقييم الدوري لأداء للإدارة الجبائية في علاقتها مع الملزمين، وإدراج قيم المواطنة الضريبية في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين.

وتقوم الدولة، استنادا إلى المادة 18 من مشروع القانون، بإنجاز تقييم دوري للآثار الاجتماعية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للتدابير الجبائية المنصوص عليها في التشريع الجبائي الجاري به العمل كما تحرص على ضمان توازن المالية العمومية. ولهذه الغاية ، تسهر الدولة لاسيما على وضع مرصد للجبايات.

وتدخل أحكام هذا القانون-الإطار حيز التطبيق، وفق المادة 19،  ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ولهذه الغاية، تلتزم الدولة بإصدار النصوص الضرورية من أجل وضع التدابير المنصوص عليها في المادة 4 داخل أجل خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون-الإطار حيز التنفيذ. كما تلتزم بإصدار النصوص الضرورية من أجل وضع التدابير الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون-الإطار بشكل تدريجي ابتداء تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *